TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الانتحار فـي القانون

الانتحار فـي القانون

نشر في: 2 إبريل, 2011: 09:09 م

علي جابر عرف فقهاء القانون الانتحار بأنه : قتل الإنسان نفسه عمدا وهو بالفعل الايجابي والسلبي الذي يتم من قبل المجني عليه .. ويجب ان نميز بين الانتحار والشروع فيه ، حيث إن الشروع لا تتحقق فيه واقعة القتل ..وهناك نوع آخر من الانتحار والذي يتم بواسطة مساعدة المنتحر من قبل الغير، والانتحار يختلف عن قتل الإنسان لغيره عمدا سواء كان هذا القتل العمد بسيطا، او بظروف مشددة ذلك لأن الذي يقتل غيره يريد بفعلته أن يؤكد حياته وينفي حياة الآخرين في حين أن الذي يقتل نفسه يبغي إفناء العالم من خلال شخصه لذلك فإن الانتحار عمل منبوذ ومستهجن قديما وحديثا فلم تبحه الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية ، فالقوانين الوضعية لم تعد تعاقب على الانتحار والسبب في ذلك يعود إلى انقضاء الدعوى الجزائية بوفاة المتهم ، وكان في السابق في انكلترا تتم مصادرة أموال المنتحر إلا ان هذا النص قد تم إلغاؤه وفي فرنسا لا يعاقب القانون على الانتحار .
و لم يعاقب المشرع العراقي على الشروع في الانتحار لعدم وجود نص قانوني يعاقب على ذلك بالرغم من ان الشريعة الإسلامية السمحاء تحرم قتل النفس بدليل قوله تعالى: ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ) كما أن المجتمع العربي والإسلامي ينظر إلى المنتحر بعدم الرضا ويرى في المنتحر أنه رجل ضعيف غير قادر على مواجهة المتاعب او الثبات بوجهها، ولأن الإسلام ومبادئه السامية يحثان على الصبر والإيمان بالله والدعوى الجزائية عندما يموت المنتحر لا يعد لها وجود والشريعة الإسلامية تنهى عن محاكمة الجثث وان للأموات حرمتهم. وهناك من يشترك ويساعد المنتحر على الانتحار، حيث ان بعض القوانين لم تعاقب عليه مثلا في فرنسا .. أما في القانون العراقي فقد حسم الموقف في المادة (408) من قانون العقوبات وذلك بمعاقبة الشريك بالتحريض او بالمساعدة بأي وسيلة ، فمن يفعل ذلك تكون عقوبته بالسجن مدة لا تزيد على السبع سنوات ، أما إذا لم يتحقق الانتحار وإنما مجرد الشروع فقط فعند ذلك تكون عقوبة الحبس فقط، وقد عُدّ المشرع ظرفا مشددا إذا كان الشخص المنتحر دون الثامنة عشرة من العمر أو فاقد الإدراك أو الإرادة سواء تم الانتحار أم بقي في مرحلة الشروع، لذلك يعاقب الشريك بعقوبة القتل عمدا او الشروع فيه .و هذه الحالة قليلة الحصول في العراق ، والمادة 408 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 لا يعاقب على المشاركة إن تمت من خلال الاتفاق او التجهيز، لكن النص يعاقب اذا تمت المشاركة عن طريق المساعدة أو التحريض ، وهناك من يتفق مع غيره على القيام بالانتحار معاً فينتحر الأول ولا ينتحر الثاني ، فهنا يعد الشخص الثاني غير مسؤول لأن انتحاره لو تحقق فلا مسؤولية عليه بوفاته وإن عدم قيامه بفعل الانتحار دليل تسهيل عملية الانتحار،  أما إذا اتفق الذي تخلف عن الانتحار مع زميله الذي انتحر بأن هيأ له الوسائل اللازمة لتسهيل عملية الانتحار التي تمت هنا يمكن مساءلته لأن اتفاقه مع المنتحر قد سهل تنفيذ عملية الانتحار حيث يعد شريكا.  وعن وجود حالات مختلفة للانتحار ومنها الحالة البسيطة فيما إذا قام شخصان برمي نفسيهما في الماء ، فهنا الفعل غير معاقب عليه سواء ماتا او بقيا على قيد  الحياة ، وهناك حالة الاتفاق التي تحصل بين شخصين على الانتحار من خلال قتل احدهما للآخر، وهنا نكون أمام جريمتي قتل عمد وقد تكون قتل عمد مع سبق الإصرار فإن مات الطرفان فلا مجال للمحاكمة لانقضاء الدعوى الجزائية بالوفاة، أما إذا بقي احدهما على قيد الحياة فيحاكم عن جريمة قتل عمدا ، علما أن هما رضا المجني لا يزيل الصفة الجرمية للفعل الذي قام به الطرفان، وبهذا الاتجاه ذهبت محكمة النقض الفرنسية ..وهناك حالة ان يتفق شخصان على الانتحار من خلال قتل احدهما للآخر غير أنه لم تحدث الوفاة وإنما جرح احدهما الآخر ، فهنا يسأل كل منهما عن جريمة شروع في القتل العمد وليس المشاركة في الشروع ...و هناك حالة من يساعد شخص آخر من خلال ربطه بالحبال وإلقائه في النهر او تعليقه في شجرة لإتمام عملية الانتحار ، هنا الفاعل يعد مرتكبا لجريمة قتل عمد وليس اشتراكاً في الانتحار ولاسيما وانه في العراق، الفاعل هو من يكون موجودا في مسرح الجريمة وينفذ احد العناصر المكونة لها وهي إزهاق روح إنسان عمدا ، فهنا القصد الجنائي المتحقق على الرغم من ان الباعث على قيام الفاعل بفعله قد يكون شريكاً كما أن نص المادة 408 صريح في معاقبة من يساعد غيره بأية وسيلة على الانتحار .و عن مسؤولية الشخص الذي يعلم بحالة الانتحار ولم يتدخل لمنعه ، فهل يمكن مساءلته، وبين أن المادة 370 من القانون العراقي أن المساءلة ممكنة الآن ، ويعد ممتنعا عن إغاثة الملهوف ، وكذلك يسأل بموجب المادة 371 متى ما كان الشخص المنتحر عاجزا او صغير السن او مريضاً، مكلف الشخص في رعايته قانونا او اتفاقا او امتنع عن تقديم المساعدة له وبدون عذر مشروع . كذلك هناك حالة العلم بموت مشتبه به، فهل الإخبار يكون وجوبا أو جوازا، حيث إنه وفق المادة 47،48، 49 من قانون العقوبات يعد وجوبا، وهناك من يرى أن نص المادة 408 من قانون العقوبات العراقي نص خاصة أي أن التحريض على الانتحار او المساعدة عليه بأي وسيلة جريمة قائمة بذاتها ، وهنا قد تحدث مشكلة عدم حصول الانتحار ووفقاً لذلك  فإن المشرع العراقي لم يعد جريمة التحريض قائمة بذاتها بقدر ما اعتبرها وسيلة من وسائل الاشتراك وخرج عن القاعدة القائلة مسؤولية الشريك مستمدة من مسؤولية الفاعل ، حيث أعتبر ان مسؤولية الشريك متحققة بصرف النظر عن مسؤولية الفاعل كحالة من يحرض طفل دون سن التمييز على ارتكاب جريمة، فبالرغم من عدم مسؤولية الصغير جنائياً إلا أن المحرض يسأل عن هذه الحالة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram