الكتاب: متنزه الغروبالمؤلف: بول أوسترترجمة: المدى تدور الرواية الرابعة عشر لبول اوستر، التي أعدها في عمارة سكنية يسكنها أناس بشكل غير قانوني في نيويورك، حول نفس المثقفين المبتلين الذين يعششون في كل قصصه.مثل العديد من رواياته، فأن الرواية الأخيرة لبول اوستر فيها مؤيد لديه سر غامض، ليكون موضوعاً لكتاب اوستر. تبدأ الرواية في فلوريدا لتكشف عن مثقف صامت (مايلز هيلر)
يبحث عن ملاذ من الأسى الذي عاناه على يد فتاة كوبية قاصرة.عندما تهدده شقيقة الفتاة بالوشاية لدى الشرطة، يضطر مايلز للهرب إلى بروكلين حيث ينتقل إلى سكن غير قانوني في شقة مع بعض الفوضويين المنبوذين الذين يمتنعون عن دفع الإيجار، أحدهم يعمل في "مؤسسة للأجهزة المعطوبة" تختص بتصليح المكائن و الهواتف و ما شابه، و الآخر يلتقط صورا فوتوغرافية "تثير الدهشة الصامتة لكل ما هو نقي".هناك ثلاثة تخمينات لما تدور حوله رواية متنزه الغروب – يفكر مايلز "كانت هناك تلك الأمور المنبوذة في فلوريدا، و الآن هو يتعثر فوق أشخاص منبوذين في بروكلين".ابتداء من ثلاثية نيويورك التي كتبها في السبعينيات، كتب واستر 14 رواية يستنبط الآن أهدافها و موضوعاتها ببراعة رجل منهمك بحل كلمات متقاطعة ابتكرها هو بنفسه. قصصها بسيطة. كاتب أو مثقف يعيش حياة الرهبان، يكتوي بالحزن لفقدان أحد أفراد أسرته، حتى يطلب منه يوما حل أحد الألغاز، او إتمام مهمة خطيرة لم تكن بالحسبان. في رواية (موسيقى القدر 1990) يطلب من البطل بناء جدار من الطابوق الغرض منه أن يرمز إلى عبث جهود البشر، و هي موضوعة تظهر في الصفحات 23، 34، 37، 42 ثم تستمر بفترات منتظمة مثل قطرات تنزل ببطء من الحنفية.يكاد كتاب اوستر أن يكون غير قابل للتصديق دون وجود التعليم ما بعد التخرج في أميركا. قبل نصف قرن نحت صامويل بيكيت أعمالا بأنفاس أخيرة لرجل ينحت اسمه على حائط زنزانته في السجن.الآن لدينا اوستر، الذي يعالج موضوعات الحداثة الرفيعة لقراء مدفوع لهم، او يدفعون مبالغ لدراسة بيكيت من اجل كسب العيش.ليس في هذا جريمة، إنما فيه سقوط مخيف من ذهنية جمالية تأتي فيها الحكايات مغلفة.عند ظهور اوستر للمرة الأولى على المشهد، كانت قصصه مجردة و مبهمة، تزدري المحيط الاجتماعي، كما لو انها تتخلص من فأر ميت.انه في هذه الايام يدغدغ اهتمامات الكتّاب البوهيميين شبه الموظفين في بروكلين الذين يصوتون للديمقراطيين، بنفس الخليط من الحيلة و التملق اللذين يسحر بهما (جون غريشام) قراءه.أحدى شخصيات متنزه الغروب تنفرد بكونها واسعة الاطلاع و تبدي ملاحظات ماكرة عند العشاء، شخصية أخرى يتم طردها لكونها ثقيلة الظل رغم أنها تنشد لباوند عن ظهر قلب و تسرد أسماء معارضيه في العالم منذ 1932.تلك الفتاة الكوبية القاصر قد تسمح لأوستر بأن يبدي ولعه ببعض العنجهية (النابوكوفية) في وجه التقاليد البرجوازية هناك ليتحسر على "العقل الجميل " لمايلز و "حبه العظيم للأدب مما جعل معلميها في اللغة الانكليزية في إعدادية كنيدي، يبدون و كأنهم دجالين".مثل الكثيرين من مؤيدي اوستر، فان مايلز عبارة عن جمجمة فيها سر غامض ; قبل عدة سنوات دفع شقيقه عن غير قصد أمام إحدى السيارات المارة، حزنه فيما بعد اضطره إلى نفي نفسه.يكتب اوستر عن العاطفة الإنسانية كما لو انه كان لديه شيء مما وصفه له، قبل عدة سنوات، احد الركاب و هما في قطار المترو لدينا ". فورات حماس و انتقام، "لدينا" حزن بحجم العالم "، لدينا " نوبات من التشنج منقطع الأنفاس". لكن في الحقيقة ليس لدينا أي من هذه الأشياء.انها فقط مجرد فكرة عنها.هذا ما هي عليه كل روايات اوستر. أفكار لروايات مع مفاهيم شخصية تطارد بالونات الفكر من خلال قصص ستحدث، بينما تخطيء هشاشة بناءها من اجل التقشف في بساطتها.قد يكون الذكاء صفة مبالغ فيها في الروائي، و يبدو ان اوستر، بعد هذا العدد الكبير من الكتب، قد توصل إلى هذه النتيجة.تفكر إحدى الفنانات في متنزه الغروب و هي تواجه جدارا من رسوم الحياة الجامدة "انها تلتقي برسوم فارغة في أسلوبها، بينما كل ما كانت تريده هو ان ترسم مشاعرها المتذمرة "تعود الرواية للحياة مرة أخرى في صورة عابرة لممثلة" بمزاجها المتقلب و عاطفتها غير المهذبة من اجل النكات القذرة ". رواية اوستر لعام 2002 (كتاب الأوهام) أيضاً تحتدم في الحياة لإعادة خلق مستقبل ممثل أفلام صامتة.كل ذلك يوحي بان اوستر قد يكون على صواب في غلق باب المكتب على مثقفيه في المرة القادمة و يتوجه الى تلال هوليوود.من يدري سيجد الكثير مما يبعد عنه وجع الرأس لكي ينام، و ربما سيحلم أيضاً؟rnعن/ النيويورك تايمز
بول أوستر والسر الغامض
نشر في: 4 إبريل, 2011: 05:51 م