في جلسة حوارية صريحة وجريئة عقدت على هامش معرض أربيل الدولي السادس للكتاب الذي نظمته المدى بالتعاون مع وزارة الثقافة الكردستانية ، شخص المفكر هاني فحص ابرز مشاكل مجتمعاتنا ،
من خلال تسليطه الضوء على التجربة اللبنانية كنموذج في قصور الفهم لقيم المجتمعات ذات المكونات المتعددة ، ليشير الى ان العيش المشترك ضرورة يصنعها الناس.الفعالية الثقافية التي حضرها وزير الثقافة في حكومة إقليم كردستان كاوه محمود وجمع من المثقفين والكتاب والمواطنين ، استهلت بتقدمة جميلة لممثل وزارة الثقافة الكردستانية قال فيها: في هذه اللحظات نصغي ونتحاور مع هاني فحص كمرجعية فكرية مهمة له صوت مميز ينبعث من الاعماق يجمع فيه بين الجانب الفكري الفقهي والسياسي والادبي ، لذا فهو صوت مسموع لانه يؤمن بالحوار ويراه ضرورة لكي نستمر ونستطيع تحريك الساكن فينا .. ثم بدأ فحص محاضرته بمباركة اقامة المعرض حيث قال : ابارك لكم هذا البستان الجميل في أربيل لما يمثله من اغناء فكري يشبه غنى أربيل بجمالها وإصرارها على النهوض والعمران . واضاف قائلاً التمس العذر منكم سلفاً لاني لم اكتب نصاً متماسكاً اقدمه في هذه المناسبة ، فانا مثلكم اعيش في هذا الجو او المناخ المتوتر الذي يشدنا فعلاً الى كثير من الفرح بسقوط الباطل من دون ان يحررنا من القلق على المستقبل ، خاصة وان اوجاعنا واحلامنا واحدة .وتناول الفحص التجربة اللبنانية التي عاشها كنموذج في استخدام بعض الاطراف تعدد المكونات لتحقيق مصالحها على حساب الفقراء والمحرومين فقال: في لبنان عانينا على مدى عقود مشكلة تحول المتعدد من اتجاه التواصل الى التقابل فانفجر الوضع ، مشيراً الى ان الحروب تقوم دائماً بين تلاقي اسباب الداخل مع الخارج .. بين الاستعداد الداخلي والتدخل الخارجي، فبعض الحروب في لبنان كان لابد من اطالتها وزيادة بشاعتها ، فلم تجد اي من الاطراف افضل من التعبئة الدينية وشعاراتها وزيادة شراستها ، واستطاعوا على مدى عقود ان يخفوا وان يبعدوا عن وعي الناس اسباب الحرب التي نستطيع ان نسميها اهلية .وشدد على ان الذي حصل ان الذين خسروا هم الفقراء والمحرومون من كل الطوائف والذين ربحوا هم اطراف متناقضة ظاهراً متفقة اصلاً ومن كل الطوائف ايضاً . وخلال فترة الحرب استخدم على مستوى دولي مصطلح اللبننة اي تفكيك الموحد وتصعيد الخلاف ورفعه الى مستوى الصر اع .وعرج المفكر هاني فحص على اتفاق الطائف والتسوية التي نتجت عنه ، مستنتجاً ان كل ثنائية تختلف اطرافها ، لكن لابد من ان تحصل تسويات لانها اذا لم تحصل فالنتيجة مزيد من الخرائب فالتنازلات العادلة تقلل الخسائر. ويضيف مع الطائف تصدت مجموعة من اللبنانيين الى تسييل هذا الاتفاق اجتماعياً وثقافياً . وشدد على ان لبنان ملزم كما قدم نموذجاً في الاشتباك في الحرب والصراع بين المتعدد ، ملزم ان يقدم عنواناً آخر في اللبننة وكيف يلتئم المختلف ويرجع الى العيش المشترك وصولاً الى بناء الدولة المدنية ، فاذا انفجر الصراع بين المتعدد فعودته الى وحدته اسهل من الواحد اذا انكسر، لذا فبتقديري ان مستقبل لبنان يبقى اسهل من مستقبل ليبيا واسهل من الجزائر ومن الصومال، فنحن في لبنان حتى اثناء الحرب لم ننقطع عن الحوار ، فالقومي والديني ليسا ضمانة ، اقول هذا الكلام رغم ان المشهد اللبناني خطير حالياً . لكن النتيجة ان العيش المشترك يصنعه الناس فهو ارادة الحياة وشرطها ، عندما يكتشفون ان الاخر شرط للذات ، فانا لايمكن ان اعرف نفسي اذا لم يكن الاخر في وعيه ، وعندما نكون متماثلين تكون الصورة نمطية ويصبح الفكر سطحياً ، فالحوار والعيش المشترك ان افكك هذه الصورة النمطية في نفسي وعند الآخر .وبعد عرضه لنماذج عن خطر عدم قبول الاخر خلص الى ان الخلط العشوائي بين الدين والسياسة يمحق الدين ويعيله ولا يرتقي بالسياسة ، فالدين والسياسة حقلان معرفيان تختلف إلياتهما في تحصيل المعرفة والوصول اليها . وقال متسائلاً لماذا العلمانيون العرب جعلونا نخاف العلمانية هم على خطأ وكذلك نحن ، فالدين حارس نظام القيم وهو ضرورة، لكنه اذا انتج الدولة خربها والعكس صحيح أيضاً ، الان في لبنان الانقسام السياسي نزل الى مستوى آخر اجتماعي وبدأنا نسمع شعراً مسيحياً وشعراً مسلماً رواية مسيحية ورواية مسلمة رغم ان اصحابها ليس لهم علاقة بذلك ووصل الامر حتى لرياض الاطفال .ثم عرج فحص على الوضع في العراق مشيراً الى انه رغم اختلاف الظروف ومع تبشيره بان يكون العراق نموذجاً ، فانه خائف الان عليه، وقال ان خسارتنا ستكون مضاعفة اذا لم ينهض العراق ولن ينهض اذا لم ينهض بكل مافيه . وقال ارجوكم كعراقيين وفي هذا الجو الملبد ان تلحوا على صناعة النموذج العراقي التعددي.
المفكر هاني فحص: الخلط العشوائي بين الدين والسياسة يمحقه ولا يرتقي بالسياسة
نشر في: 4 إبريل, 2011: 08:08 م