أكد مركز المعلومة للبحث والتطوير في بغداد، أن نسبة المشاركة "الضعيفة"، من الشباب في متابعة القوانين هي 55 %، في استطلاع شمل 2148 طالبا في 6 محافظات عراقية هي بغداد وأربيل وصلاح الدين والأنبار والنجف والبصرة وذي قار، بينما يرى 53% من عينة الاستطلاع أن الشباب لا يشارك بالضغط على الحكومة في تنفيذ برنامجها.
وذكر الناشط في المركز علي صاحب في تصريح لـ "المدى"، أن " 87 % من عينة الاستطلاع الذي بدأ من أربيل وانتهى بمحافظة البصرة يشعرون بالإحباط بدرجة كبيرة من الأوضاع، وبإمكان هذه النسبة من الشباب المحبط أن تكون فئة يمكنها تغيير الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد".
وأضاف صاحب "لا توجد مؤسسات تستثمر هذه الشريحة في تحسين أوضاع البلاد بعد توظيفها إيجابيا في خدمة المجتمع" .
وتابع " إن استطلاع المركز أكد وجود نسبة 49 % من الشباب غير المتفاعلين مع الاحداث السياسية الحاصلة في البلاد، وهذا يعود لتوالي الأزمات السياسية، لان طبيعة النظام في العراق قائمة على المحاصصة ويتخذ إجراءات تحد من مشاركة الشباب في الحدث السياسي العام " .
وأكد "مشاركة الشباب في التجمعات الطائفية والمسلحة بنسبة 50 %"، لافتا إلى أن " نسبة الشباب الراغبين بالعمل السياسي هي 61 % في وقت تتوقع نسبة 84 % منهم عدم وجود مؤسسات فاعلة تستثمر طاقاتهم ".
إلى ذلك أشار الناشط في مركز المعلومة للبحث والتطوير زاهر الجامع في تصريح لـ "المدى"، إلى أن " نسبة 70 % من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن مشاركة الشباب في منظمات المجتمع المدني ونشاطاتها هي مشاركة بحدود المتوسط، وذلك لأسباب عديدة أبرزها ضعف ثقة الشباب بمنظمات المجتمع المدني بسبب أن عدداً كبيراً من هذه المنظمات تم تأسيسها كواجهات للسلطة ولأحزاب سياسية، بينما يكون السبب الآخر هو حداثة التجربة المدنية في العراق وضعف استيعابها من قبل أفراد المجتمع العراقي ".
وزاد الجامع " نسبة 65 % من أفراد العينة يعتقدون أن الأحزاب الدينية تحظى بقبول وتأييد الشباب بدرجة متوسطة وضعيفة، معللين ذلك إلى عدم قدرة تلك الأحزاب على الإيفاء بوعودها الانتخابية وهو بمثابة نفاق سياسي تمارسه هذه الأحزاب بعد استلامها السلطة ".
وأشار إلى أن "نسبة 60 % من الشباب يعتقدون أن الأحزاب العلمانية والديمقراطية، تحظى بقبول وتأييد بدرجة قليلة أو متوسطة، بعد الخسارة المتكررة لتلك الأحزاب بالصعود إلى السلطة، بسبب وجود سلسلة إجراءات قانونية تحد وتمنع من صعود الأطراف الديمقراطية إلى مواقع مسؤولة " .
وحول مشاركة الشباب في الضغط لتعزيز مشاركته في مؤسسات الدولة بين الجامع "أن نسبة 62 % من الشباب يعتقدون أن مشاركتهم قليلة، وذلك بسبب ارتفاع سقف سن من يحق له الترشح في الانتخابات المحلية والنيابية، فضلا عن مزاج بعض الائتلافات في تحديدها معايير ثابتة للترشح ،فهي غالبا ما تقبل أشخاصاً يتجاوز عمرهم الـ 35 لأنه يعد سنا مناسبا للحصول على مودة السلطة الحاكمة التي يرأسه شخص يمكن لهذه الفئات أن تكون قد عاصرته قبل السلطة.
وحصلت الهوية الدينية في الاستطلاع الذي أجراه المركز على نسبة 46 % من الشباب يعتبرونها في المقام الأول، بينما حصلت الهوية الوطنية على نسبة 45 % .
وحصلت الهويات العشائرية والطائفية والقومية على نسب متفاوتة لا تتجاوز هوية الدين والوطن .
من جهته عبر الناشط السياسي في التيار الديمقراطي جهاد جليل في تصريح لـ "المدى"، أن " المجال السياسي يعد من أساسيات بناء الأنظمة السياسية لبناء أي دولة معينة، لقد كان العراق ضمن حقبة مظلمة من الديكتاتورية التي أقصت أي نشاط سياسي أو مدني بعد احتكار السلطة والدولة في حزب واحد وفكر واحد وشخص واحد، مما أدى إلى انعدام أي وجود سياسي أو مدني وحتى النقابي الطبيعي " .
وأشار جليل إلى أن " الشباب متفاعلون مع السياسة لكنهم ليس بالضرورة أن يكونوا سياسيين لأسباب أبرزها، تشويه المقصود للسياسة والحزبية، من قبل بعض الأحزاب التي تحكم، فهي حولت مشاركتها السياسية إلى منفعة يمكن أن تحقق لها منافعها من اجل بقائها في السلطة وهو ما لوث معنى السياسة والحزب عند اغلب العراقيين، هذا فضلا عن تهميش تلك الأحزاب لشريحة الشباب في محاولة لإبعادهم عن منافسهم الشأن العام ".
وكانت أضخم التظاهرات العراقية حجما وتأثيرا واستمرارا في يوم الجمعة 25 شباط 2011 تلك التي خرجت في ساحة التحرير وسط بغداد، وارتبطت باسمها واستمرت كل يوم جمعة حتى وقت قريب برغم أن أعدادها تناقصت في كل مرة، تلتها في الأهمية تظاهرات البصرة والموصل والناصرية.
وكانت جهات شبابية قد دعت إلى تنظيم تظاهرات أكدت في بياناتها قبيل خروج التظاهرات الجمعة من العام الماضي على "الطابع السلمي"، محذرة من دخول "مندسين" في صفوف المتظاهرين بقصد إثارة الفوضى، من جهتها سعت الحكومة وبعض القوى السياسية المنتمية للتحالف الوطني لضمان عدم انطلاق التظاهرات أو خروج أقل أعداد ممكنة منها من خلال إطلاق تحذيرات أمنية عن وجود مندسين فيها قد ينتمون لقوى مناهضة للعملية السياسية كحزب البعث المنحل، في الوقت الذي اتهمت فيه القوات الأمنية بعدم النجاح في التعامل مع المتظاهرين.
فيما شجعت قوى أخرى غير ممثلة في البرلمان، وقوى أخرى مشاركة في الحكومة هذه التظاهرات علنا باعتبارها تمثل تعبير الشعب عن رأيه.
ومنذ ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة 25 شباط 2011 بدأت تتجمع في ساحة التحرير وسط بغداد المئات من المتظاهرين، للمطالبة بتوفير الخدمات والقضاء على الفساد والبطالة، وسط إجراءات أمنية مشددة وإغلاق لجسر الجمهورية لمنع وصول المتظاهرين للمنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة والبرلمان ومعظم السفارات، مع حظر لسير المركبات التي لم تمنع وصول المتظاهرين إلى الساحة قادمين من مختلف مناطق بغداد مشيا على الأقدام، فيما تدفق المئات من المتظاهرين إلى ساحة التحرير التي احتضنت الآلاف، وهم يرددون الشعارات ويرفعون الإعلام العراقية ولافتات تقول "نعم نعم للديمقراطية نعم لفرص العمل لا للفساد"، فيما استخدمت القوات الأمنية القوة في محاولتها تفريقهم .
وفي محافظة نينوى الشمالية قتل ستة متظاهرين وأصيب 15 آخرون بإطلاق نار أمام مبنى المحافظة بمدينة الموصل بعد أن اقتحمه المتظاهرون وأضرموا النيران فيه.
وشهدت مدينة البصرة، في أقصى الجنوب العراقي، حركة احتجاجات شعبية واسعة اندلعت على أثرها اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 84 آخرين أغلبهم من الشرطة، وفي أعقاب ذلك أعلن محافظ البصرة شلتاغ عبود تقديم استقالته التي قبلها مجلس المحافظة بأغلبية أعضائه، كما أعلن محافظ بابل سلمان ناصر طه الزركاني، تقديم استقالته من منصبه، على خلفية التظاهرات التي شهدتها المحافظة.
في حين أدى أكثر من 15 ألف متظاهر صلاة الجمعة، وسط ساحة السراي( التحرير) في مدينة السليمانية شمال شرقي العراق التي كانت تشهد احتجاجات منذ أيام، فيما حرّم خطيب الجمعة الشيخ نهاد أمين، إطلاق النار ودعا إلى احترام رأي الجماهير.
فيما هاجم متظاهرون في كركوك مبنى المحافظة بالحجارة، وحاولوا إسقاط الجدار الخارجي تمهيدا لاقتحام المبنى، حيث أسفرت المحاولة عن إصابة ثلاثة من رجال الشرطة، في وقت اجتمع ممثلو المتظاهرين مع المحافظ وأعضاء الحكومة المحلية من اجل تقديم طلباتهم.
أما في محافظة الأنبار غربي العراق فقد خرج المئات من المتظاهرين من ساحة قصر العدالة وسط الرمادي وتوجهوا نحو مبنى المحافظة مطالبين بإقالة المحافظ ومجلسه، كما انطلقت تظاهرة في مدينة الفلوجة من ساحة جسر الجمهورية باتجاه المجمع الحكومي وسط المدينة للمطالبة بتحسين الخدمات.
وفي الناصرية خرج المئات من المتظاهرين وسط إجراءات أمنية مشددة حيث تم منع دخول المركبات إلى وسط المدينة وأغلقت كافة الطرق المؤدية إليها، فيما حلقت الطائرات في الأجواء.
وقدم المتظاهرون في بعقوبة مطالبهم التي تضمنت بنودا أهمها إطلاق باب التعيينات وامتصاص زخم البطالة مع تطوير الواقع الصحي وإجراء توزيع عادل في سلم الرواتب وزيادة رواتب المتقاعدين والمشمولين برواتب شبكة الحماية الاجتماعية.
وفي اثر هذه التظاهرات أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي في اليوم التالي تحديد فترة 100 يوم يجري بعدها تقييم عمل الحكومة والوزارات كل على حدة، وقال إنه سيتم بعدها إجراء تغييرات على ضوء النتيجة التي سينتهي إليها التقييم، مضيفا أنه سيتابع ما احتج عليه المواطنون وتنفيذ كافة الأمور التي تقع تحت مسؤولياته كرئيس لمجلس الوزراء، ومتابعة عمل الوزراء والحكومات المحلية وإلزامهم بتنفيذ الوعود التي تعهدوا بها أمام المواطنين، مشيرا إلى انه سيتم التحقيق في التجاوزات، التي اعتبر أنها حدثت في "أماكن محدودة"خلال التظاهرات.