ميعاد الطائيتحتفظ الأمم بذكريات ومناسبات تستذكرها على مر السنين بالرغم من عدم اتفاق الجميع على ايجابية او سلبية هذه المناسبات الا إنها تبقى عالقة في الذاكرة بحلوها ومرها وتستحق ان تكون نقطة تحول في تاريخ الأمم . ويعد يوم 9 نيسان 2003 تاريخا مهما وحدثا مميزا في صفحات التاريخ العراقي الحديث لما يشكله من تحول من مرحلة
إلى أخرى مختلفة يريد البعض جعلها دموية بينما يسعى البعض الى تحويلها الى صفحة مضيئة ونقطة تحول نحو الديمقراطية والحرية . ولقد أصبح واضحا للجميع بان النظام الشمولي الذي حكم العراق لعقود طويلة مارس العديد من الممارسات العدوانية ضد جيرانه حيث ساهمت في دخول العراق في حروب عبثية كلفت الشعب العراقي غاليا واستنزفت الكثير من طاقاته وأمواله إضافة الى التضحية بالكثير من أرواح أبناءه عبر هذه الحروب وما تلاها من حصار اقتصادي دولي وعقوبات من المنظمات الدولية شاركت أيضا في إنهاك الشعب العراقي وتحميله أعباء لا طاقة له بحملها . وهكذا تسببت السياسة الخارجية الفاشلة للنظام في تعميق جراح الشعب العراقي إضافة الى السياسات القمعية الداخلية التي كان يمارسها النظام الفاشستي ضد أبنائه وهو يمارس ضدهم قمع الحريات واتباع سياسة التغييب والقتل واستخدام العنف المفرط إزاء اي رأي مناهض لفكر وسياسة النظام والحزب الحاكم. ومن اجل كل ذلك كان الشعب العراقي يسعى للتحرر من هذا النظام وأصبح يتحين الفرص لإسقاطه من خلال قوى المعارضة الوطنية التي بدأت تنادي بالتحرر وأخذت الأصوات تتعالى في هذا الاتجاه إلا ان سياسة القبضة الحديدية لم تمنح القوى الوطنية اي فرصة للتعبير عن مواقفها بل انتهت جميع محاولاتها بالفشل وانتهى الحال بأصحابها الى اللجوء الى المنفى او في غياهب السجون وفي المقابر الجماعية. وهكذا أصبحت الصورة قاتمة في عيون المواطن العراقي الذي صار يحلم بالتحرر من سيطرة النظام الذي حول العراق الى ضيعة تحكمها العائلة بل الشخص الواحد الذي صار يذيق الشعب الذل والهوان باسم العزة والكرامة ويتسبب بإفقار حياة المواطن تحت شعار الصمود حتى النصر وجعل العراق وشعبه يعاني سنوات طويلة من الفقر والإذلال وهم يعيشون عاماً بعد عام على وعد العبور الى الضفة الأخرى .وهكذا واصل النظام سياساته الحمقاء حتى وصل به المطاف إلى اجتياح الكويت والتي ترتبت عليها مواقف دولية معادية لهذا النظام انتهت بإسقاطه في التاسع من نيسان 2003حيث تحقق الحلم في سقوط الصنم في ساحة الفردوس على يد قوى خارجية بعد ان فشلت القوى العراقية من تحقيق ذلك . ولكنه سقط ليعلن نهاية فترة الظلم والاستبداد وتاريخ اسود لن يغادر ذاكرتنا بسهولة .ذهب زمن صدام وانتهى عصر البطل القومي الخارق في حفرة لن يتمكن كل شعراء البلاط ولا رجال إعلام السلطة من تحويلها الى عرين الأسد مهما حاولوا واجتهدو لسبب بسيط وهو ان الحفر هي مأوى الفئران وليس الأسود . لقد فشلت كل محاولات أزلام صدام وعشاقه من ان يزوّروا التاريخ ويكتبوه بأقلامهم المأجورة حيث أرادوا ان يرسموا للطاغية صورة البطل الشهيد بالرغم من الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي وبالرغم من كونه سبباً في جلب القوات الأجنبية الى العراق نظرا لسياساته الحمقاء التي ساهمت في الكثير من التداعيات التي تلت سقوط النظام .خلاصة القول ان سقوط طاغية العراق في 2003 شكّل نقطة تحول في تاريخ العراق والمنطقة برمتها إلا ان أحدا من الطغاة الآخرين لم يأخذ العبرة من ذلك الدرس وهاهم بعد ثماني سنوات يتهافتون الواحد تلو الآخر بينما يصر آخرون على البقاء على خطى صدام ويرفضون مصالحة شعوبهم، لذلك سنشهد الكثير من الأصنام تسقط في ساحات العرب التي تحملت هذه الأصنام لعقود طويلة من تاريخها ..
التاسع من نيسان وحرية العراق
نشر في: 8 إبريل, 2011: 05:31 م