بلا شك أن إعلان الحكومة العراقية سعيها لبناء الجيش وتطوير قدراته أمرا مفرحا للكثير من العراقيين خصوصا مع كثرة الاخبار الحكومية في الفترة الأخيرة عن توقيع صفقات التسليح او تسلم أسلحة تم التعاقد عليها سابقا، لكن الأمر لم يكن مفرحا بل محبطا عندما يعلم المواطن العراقي ان حكومته دفعت نحو ثلاثة أضعاف ما دفعته دولة قطر لشراء الطائرات نفسها ومن الشركة نفسها وفي السنة نفسها.
هذا ما يظهره عقد مبرم بين الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة الدفاع، وشركة لوكهيد مارتن لصناعة الأسلحة والطائرات الأميركية، لشراء 6 طائرات من نوع (C-130-J) للنقل العسكري واللوجسيتي.
ويبين العقد الذي حصلت (المدى برس) على نسخة منه من الشركة المصنعة للطائرة وجود فوارق تصل إلى اكثر من 150 مليون دولار في سعر الطائرة الواحدة المباعة للعراق عن مثيلتها المباعة لقطر أو للإمارات في السنة ذاتها وبشروط وإضافات مماثلة.
الطائرة تباع للعراق بـ(250) مليون دولار ولقطر بـ(98) مليون دولار
ويشير العقد، المبرم بين الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة الدفاع، وشركة لوكهيد مارتن في تموز من العام 2008، إلى ان العراق اتفق على شراء ستة طائرات من نوع (C-130-J)، بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، أي ما يعادل 250 مليون دولار للطائرة الواحدة إذا ما قسم المبلغ الإجمالي على 6، مضافا اليها قطع غيار ودورات تدريبية لفنيي الصيانة والطيارين.
بينما يشير عقد لطائرات مماثلة أبرم مع دولة قطر في تشرين الأول من العام 2008 ايضا إلى أن الدولة الخليجية اتفقت على شراء أربعة طائرات من النوع ذاته بمبلغ 393 مليون وستمئة الف دولار، تسلم في العام 2011، بقيمة تصل إلى 98 مليونا وأربعمئة الف دولار للطائرة الواحدة، وشمل العقد ايضا قطع غيار ودورات تدريبية لفنيي الصيانة والطيارين، لحساب الحرس الأميري القطري.
وايضا بلغت كلفة اتفاق مماثل بين الشركة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في كانون الأول من العام 2009، على شراء 12 طائرة من النوع ذاته مبلغ مليار وثلاثمئة مليون دولار فقط، أي بقيمة مئة وثمان ملايين دولار للطائرة الواحدة تشمل كذلك خدمات الصيانة وقطع الغيار، لكن دولة الإمارات لم توقع العقد حتى الآن.
ويقول مسؤول العلاقات في شركة لوكهيد مارتن الأميركية، بيتر سيمونز، في حديث خص به (المدى برس) التي حاولت تبين سبب الفروق الكبيرة في أسعار الطائرات بين العراق من جهة والأمارات وقطر من جهة أخرى، أن "العقد مع الإمارات لم يوقع أبدا" بدون إبداء الأسباب، مضيفا أن "العقد مع قطر تم بالمبلغ المذكور (أي 393 مليون دولار) لكن عقد قطر لم يحتو على حزمة الخدمات الكاملة التي جاءت في الصفقة العراقية".
لكن موقع شركة لوكهيد مارتن يقول أشياء أخرى، فهو يشير بوضوح إلى أن "قطر طلبت في تشرين الأول من عام 2008، اربع طائرات من نوع (C-130-J) مضاف اليها قطع الغيار ودورات التدريب، بقيمة إجمالية تبلغ ،(393.6) مليون دولار أميركي".
وتؤكد الشركة أن "الإمارات طلبت في، كانون الأول 2009، 12 طائرة من النوع ذاته، وبلغ إجمالي قيمة العقد 1.3 مليار دولار، ويشمل الدعم اللوجستي (قطع الغيار والتدريب).
وبينما تبرر الشركة لوكهيد مارتن فارق السعر في الصفقة العراقية بـ"حزمة الخدمات المتكاملة" للطائرات العراقية، فإن عقدي العراق وقطر يبدوان متشابهين إلى حد بعيد، أو على الأقل فان الاختلاف بينهما لا يمكن، بحسب خبراء عسكريين، ان يصل بسعر الطائرة العراقية إلى ثلاثة أضعاف سعر الطائرة تقريبا، خصوصا وان التدريب وبحسب العقد لم يشمل إلا عددا قليلا من الضباط يقول الجيش الأميركي إنه "عانى من عدم إتقانهم اللغة الإنكليزية".
وعلى هامش احتفالية أقيمت في الولايات المتحدة يوم الأربعاء 12/ 12/ 2012 بحضور قائد القوة الجوية العراقية أنور أمين والضباط المتدربين العراقيين ومسؤولين في الحرس الوطني الأميركي، بمناسبة إرسال ثلاثة من هذه الطائرات إلى العراق، فإن المدربين الأميركيين أكدوا أن عملية التدريب للطيارين العراقيين "لم تخل من التحديات".
وأكد المدربون أنه "كان على المتدربين العراقيين ان يدخلوا معهد تدريب على اللغة قبل ان يأتوا إلى هنا فقد كانت هناك مشكلة في التواصل". ويذكر المسؤولون الأميركيون أن "الحكومة العراقية قامت بتسديد نحو 700 مليون دولار من قيمة الصفقة الإجمالية البالغة 1.5 مليار دولار".
ويقول نواب عراقيون من لجنتي الأمن والدفاع، والمالية البرلمانيتين، اطلعتهم (المدى برس) على المعلومات التي جمعتها، أن "خطورة كبيرة" تكتنف ملف التسليح العراقي بسبب "شبهات" الفساد.
ويؤكد النائب عن لجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي أن "هناك فسادا واضحا في صفقة الطائرات الأميركية"، مضيفا في حديث إلى (المدى برس) أن " التفاوت الكبير في الأسعار هو تفاوت واضح وغير معقول".
ويشير الزاملي إلى أن "عقود وزارة الدفاع في الفترة الماضية كان يشوبها الفساد منها العقود الأوكرانية والعقود الروسية"، موضحا أن "اغلب هذه العقود التي تمت هي لم تتم كدولة مع دولة وإنما مع وسطاء وتجار أسلحة".
ويؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع "نعلم ان هذه المافيات تحاول ان تزيد من الأسعار حتى تعطي رشى لبعض الضباط وبعض المسؤولين في الدولتين، المتعاقدة (المجهزة) والتي تتعاقد (التي تطلب التجهيز)".
من جهته، يقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، احمد المساري، أن "هذه المعلومة إن صحت تعد مثالا آخر على كم الفساد الموجود في وزارة الدفاع".
ويحمل المساري "مكتب القائد العام للقوات المسلحة ومكتب السيد المالكي المسؤولية عن الكوارث التي قد تحيط بالعراق نتيجة هذه الصفقات"، مؤكدا أن "هذه المعلومات لم تصل إلى البرلمان وليس لدينا علم بها وسمعناها لأول مرة من (المدى برس)".
ويقول بيان للشركة الأميركية مرسل إلى (المدى برس) أن "صفقة البيع المقترحة لهذه المعدات مع الخدمات لن تؤثر على توازن القوى في المنطقة، ولن يكون هناك اثر عكسي على استعدادية الدفاع الأميركي نتيجة لهذه الصفقة المقترحة"، مبينا أن "تنفيذ صفقة البيع هذه ستتطلب إشراك مالا يقل عن عشرة ممثلين عن الحكومة الأميركية وعشرة ممثلين عن جهة المتعاقد للمساهمة في المراجعات الفنية وإدارة البرامج السنوية لفترة أسبوعين فاصلة".
جميع التعليقات 1
سعد السعيدي
يا جريدة المدى... لطفآ نريد رؤية نسخ الوثائق التي استندتم عليها لتوجيه هذه الاتهامات الثقيلة لرئاسة الوزراء في فترة الانتخابات هذه خصوصآ وانكم تدعون بان ثمن الطائرات المشتراة هو مليار ونصف بينما ثمن الصفقة المعلن لعام 2009 على احد مواقع النت هو 140 مليون