TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خبر سعيد .. حقاً؟

خبر سعيد .. حقاً؟

نشر في: 15 ديسمبر, 2012: 08:00 م

من قال إن الأخبار السعيدة لا تعرف طريقها الى العراقيين؟ من قال إن العراقيين متعاقدون عقد زواج كاثوليكي مع الأخبار السيئة والأحداث الأليمة فقط؟

ها هو مجلس القضاء الأعلى يزفّ الينا البشرى: الفساد في البلاد يتراجع "بنسب عالية". يا الله .. يا الله، تفاءلوا بالخير تجدوه.

أمس نقلت الينا إحدى وكالات الأنباء تصريحاً لرئيس محكمة استئناف الرصافة القاضي جعفر محسن، أعلن فيه ان الإحصائيات التي تخصّ عمل محكمة النزاهة تدل على تراجع كبير في حجم الفساد. كيف؟ القاضي دلل على صحة رأيه بإحصائيات تفيد بان عدد الدعاوى في العام 2011 كان 4270 ،إذ وردت 2973 دعوى بينما انتقلت اليه من العام السابق  1297 قضية.

وتابع القاضي محسن قائلاً: إن مجموع الدعاوى الواردة خلال تسعة  أشهر من العام الحالي (كانون الثاني – أيلول) بلغ 2830 دعوى فقط، منها 1279 مدوّرة من العام الماضي و1551 وردت هذا العام.

من دون التشكيك في المعطيات التي استند اليها القاضي محسن وجعلته يسعى لأن يزف الينا مشكوراً خبراً سعيداً وسط هذا الحشد الهائل من الأخبار المُكربة والمُؤسية والموجعة التي تنهال علينا من كل حدب وصوب، فان ما أخشاه شخصياً الا يكون التراجع في أعداد دعاوى الفساد الواصلة الى القضاء دليلاً أكيداً على تراجع مساحة الفساد في دولتنا. فقد يكون الفاسدون أصبحوا أكثر دربة وخبرة وحيلة في إخفاء فسادهم. وقد يكون الفساد قد اتسع نطاقه وأصبح هامش الإبلاغ عن الفساد وكشفه أضيق مما كان عليه في العام الماضي. وقد يكون هذا التراجع ناجم عن زيادة العوائق والاعتراضات على طرح قضايا الفساد على القضاء، او الشعور باللاجدوى من الإبلاغ عن الفساد مادام كبار الفسدة والمفسدين يفلتون من العقوبات وفوق تطبيق القوانين، فنحن نعلم ان أكبر قضايا الفساد تتصل وترتبط بمسؤولين كبار في دولتنا، وهؤلاء لديهم السطوة والقدرة على تقرير ما يصل الى القضاء وما لا يصل، وما على القضاء أن يفتح ملفاته وما عليه الا يفتحه بحجة التوافق والمصلحة العامة والتوقيت.. وما الى ذلك.

خشيتي تستند الى واقع اننا لم نشعر طوال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بان ثمة فرقاً واضحاً قد حصل في حياتنا يدل على تراجع الفساد .. مشكلة الكهرباء على حالها .. وكذا مشكلة البطالة ومشكلة الفقر وسائر المشاكل.. شخصياً لم ألحظ ان شارعاً في بغداد قد أُنجز العمل فيه بوتيرة أسرع من وتيرة العمل في العام الماضي .. لم أتلمس ان مناطق في العاصمة قد أصبحت أنظف.. لم تبدو لي آثار أول مطرة شهدتها بغداد هذا الشتاء  أقل وطأة من آثار أول مطرة في الشتاء الماضي .. لم اسمع ان المعاملات داخل الدوائر الحكومية قد أضحت أيسر وأسرع وتتم من دون دفع رشاوى، فكيف لي أن أقنع بان الفساد تراجع ؟

تراجعت قضايا الفساد المحالة الى القضاء .. نعم هذا صحيح بدليل المعطيات التي يقدمها لنا القاضي المحترم، ولكن لا دليل عملياً على تراجع الفساد نفسه، والشواهد كثيرة وآخرها صفقة الأسلحة الروسية، والآن صفقة الطائرات الاميركية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

خلافات "الإطار" تنتظر عودة البرلمان للتضييق على رئيس الوزراء

العراق يواجه التطرف الإلكتروني: معركة جديدة بعد داعش!

الموارد تطمئن العراقيين حول الوضع المائي

البرلمان البريطاني يدعو لمحاكمة إرهابيين ارتكبوا جرائم في العراق وسوريا

تحت جلد البصريين.. حكاية ماء ملوث لم يعد يصلح حتى للزرع!

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

العمود الثامن: الزعيم منزعجاً

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: نائب يكره القانون !!

أي نجفٍ بعد السيد علي السيستاني؟

العمود الثامن: إخجلوا !!

 علي حسين يخوض السياسي العراقي، وعذراً على كلمة "سياسي" التي لا تنطبق على 80 بالمئة ممن نشاهدهم على شاشات الفضائيات، معارك من اجل المغانم بحجة انهم تبحروا في علوم السياسة حتى تجاوزوا عميد...
علي حسين

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

طالب عبد العزيز بعيداً عن السردية الدينية التي تؤسس لمقبرة النجف(وادي السلام) يتوجب على الدولة العراقية أنْ تفكر ملياًّ في المساحات الشاسعة من الأرض التي تقضمها المقبرة، إذا ما علمنا بأن 500.000 الف جنازة...
طالب عبد العزيز

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

ثامر الهيمص نعم الغاز الايراني بات درسا، بل قاسيا وضعنا في حرج شديد ووضع الحليف الامريكي في الاشد انسانيا واخلاقيا. اذ لا زال الغاز الايراني يتدفق باريحية عالية الى تركيا, فبطلت الحجة. وهكذا بلا...
ثامر الهيمص

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

محمد علي الحيدري حين تقترب اللحظة الانتخابية، لا تختبر الأنظمة السياسية فقط قدرتها على التنظيم والإدارة، بل تُعرّي أيضًا بنية التفاهمات التي قام عليها التوازن السياسي في مرحلة ما. وفي الحالة الراهنة، يبدو أن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram