غالب حسن الشابندرأكتب هنا عن الصيغة الدستورية لبعض مواد الدستور العراقي وليس عن القيمة الموضوعية لهذه المادة أو تلك، فهناك فرق بشكل واضح بين الصيغة والمحتوى، فقد يكون المحتوى راقياً، وينسجم مع طموحات الشعب ولكن الصياغة اللغوية / القانونية مختلة بشكل وآخر، وقد يكون العكس كذلك، أي المضمون أو المحتوى أو المنطوق لا ينسجم مع طموحات الشعب العراقي ولكن الصياغة اللغوية / القانونية تتمتع برصانة ومتانة، والحديث عن فحوى الدستور والقيمة الموضوعية لمواد الدستور لها وقت آخر بإذن الله.
تقول المادة (1): (جمهورية العراق دولة اتحادية... نظام الحكم فيها جمهوري).ترى ما دامت التسمية الأولى هي (جمهورية العراق) كيف سيكون نظام الحكم غير الجمهوري؟! تقول المادة (2): (الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع) ثم يفرع على المادة ثلاث مواد،جاء في الفرع (أ): (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الديمقراطية).ولست أدري أي مناسبة بين هذه النقطة التفريعية والأصل الذي يسن من الإسلام مصدرا أساساً للتشريع؟ فيما لو أن هذا التفريع يأتي تحت خانة أو مادة تقول بأن الشعب مصدر السلطات لكان الأمر مفهوما، ولكن أن يأتي هذا التفريع تحت ما دة تؤصل الإسلام مصدرا أساساً للتشريع فهو أمر ملتبس للغاية، ولذلك ليس هنا أي تناقض عندما يفرع المشرع تحت المادة المذكورة قوله (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام).تقول المادة (5): (السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها...)، المادة تحصر السلطات بالشعب وحسب، فأين نضع كون الإسلام مصدرا أساسا؟ هناك تناقض واضح بلا فذلكة وبلا التواء في التفسير.تقول المادة (7): (يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أ و التكفير أو التطهير الطائفي.... بخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه...).ويمكن أن أسجل على هذه المادة ما يأتي: أ: لماذا (التطهير الطائفي) وليس الطائفية أسوة بالعنصرية والإرهاب والتكفير خاصة وإن التطهير الطائفي قد لا يحصل فيما هناك طائفية حقا؟ب: لماذا هذا التخصيص الناشز بحزب البعث الصدامي؟ وهناك إمكان كيانات ونهج قد يجترحها متعصبون وإرهابيون أكثر جرائم وشوفينية وضررا بالعراق وشعبه؟فضلا عن أن هناك ملاحظات أخرى عن شكل التعبير ر بما أتطرق إليه في قراءة أخرى.تقول المادة (7) في التفريع الثاني من الصياغة:(تلتزم الدولة بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وتعمل على حماية أراضيها من أن تكون مقرا أو ممرا أو ساحة لنشاطه).الذي اعتقد أن هناك (ارض عراقية وليس أراضي عراقية)، والذي أرجحه أن تنص المادة على (تحريم) أو (منع) هذه الأرض من أن تكون مقرا أو ممرا أو ساحة لنشاط الإرهاب وليس (عمل على حماية أراضيها...)، فتلكما أكثر قانونية أو أكثر قربا من اللغة القانونية والدستورية.تقول المادة الفرعية (ب) من المادة القانونية الأصلية 9 في ما يخص القوات المسلمة العراقية: (يحظر تكون مليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة)، ويمكن أن أسجل النقاط الآتية هنا: أ: هل يعني هذا جواز تشكيل المليشيات في إطار الدولة؟ب: أعتقد لو نستبدل كلمة (تشكيلات عسكرية) بدل (مليشيات)، لأن الأشكال العسكرية متعددة ومتنوعة وليست ميليشياوية فقط.ج:هل الحظر هنا يتعلق فقط بالتكوين أم ينسحب كذلك على دعم ومساندة وما شابه ذلك؟تقول المادة الفرعية (ج) من ا لمادة الأصلية السابقة:(لا يجوز للقوات العراقية المسلحة..)، فيما أتصور أن التعبير الأكثر مناسبة هو (للقوات المسلحة العراقية...).وتقول المادة الفرعية نفسها (... ولا يجوز لهم/ منتسبو القوات المسلحة / القيام بحملات انتخابية لصالح المرشحين فيها)، يبدو إن الشارع يقصد (منها).تقول المادة الفرعية (د) من المادة الأصلية السابقة: (يقوم جهاز المخابرات الوطني العراقي بجمع المعلومات، وتقويم التهديدات...)، أعتقد قبل التقويم يجب أن يكون هناك تحليل!تقول المادة (هـ) من المادة الأصلية السابقة: (تحترم الحكومة العراقية، وتنفذ التزامات العراق الدولية الخاصة بمنع انتشار وتطوير وإنتاج واستخدام الأسلحة النووية...).ينبغي أن نتدرج بشكل منطقي او شبه منطقي هنا (بمنع تصنيع وإنتاج وتطوير واستخدام ونشر...) كي تكون اللغة أكثر دستورية وقانونية.تقول المادة (10): (العتبات المقدسة، والمقامات الدينية في العراق، كيانات دينية وحضارية).العطف هنا ليس سليما، بل الأكثر بلاغة (كيانات دينية حضارية).تقول المادة (14): (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أ والأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي).ولأن أسباب التمييز لا يمكن حصرها فالأحسن أن تكون هناك لاحقة استغراقية نوعا ما كأن نقول: (وأي نوع آخر من أنواع التمييز).تقول المادة (15): (لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقا للقانون...).يمكن أن أسجل ما يأتي من ملاحظات هنا.أ: ربما مفردة (عراقي) أفضل وأنسب من مفردة (فرد)، لأنه دستور للعراقيين أساسا.ب: أفضل استبدال (ولا يجوز ا لحرمان) بـ(ولا يجوز حرمانه) لأن المقصود هو الفرد كما هو منصوص عليه بالمادة.ج: أفضل ان تكون الصيغة (ولا يجوز حرمانه من أي حق من هذه الحقوق).تقول المادة22
اختلالات فـي بعض صيغ الدستور العراقي
نشر في: 11 إبريل, 2011: 05:49 م