يتحدث مارثن سكورسيزي في هذه الأيام عن أهمية الأفلام ذي الأبعاد الثلاثة، وهو الفائز بعدة جوائز عالمية منها الأوسكار، ويحفظ له تاريخ السينما، أفلام لها سمعة مدّوية منها، المرحل، الثور الهائج والرفاق الطيبون."لقد أحببت دائماً الأبعاد الثلاثة. واعني بذلك اننا نجلس في مكان ذي أبعاد ثلاثة،
ولنا جميعاً أبعاد ثلاثة"، يقول ذلك وعلى وجهه إمارات حيوية صبي على الرغم من كونه في الـ68 من عمره. وسكورسيزي يتهيأ حالياً لإخراج فيلم من ذلك النوع عنوانه،"كابريه هوغو"، يتحدث فيه عن طفولته في نيويورك.نشأ سكورسيزي في أحياء مانهاتن وكنيز، وهو ابن الجيل الثاني من المهاجرين من صقلية. وفي مرحلة شبابه عاصر الموجة الأولى من الأبعاد الثلاثة التي قدمت أفلام: حصان من الشمع والبحيرة السوداء ومكالمة للجريمة من إخراج هتشكوك. أحب السينما في عمر مبكر، مصرحاً ذات مرة،"أن السينما والدين هما ركيزتا عمره." وبدأ مسيرته السينمائية بأفلام قاطعة في أواخر السبعينيات منها،"الشوارع الوضيعة وسائق التاكسي"، متأثراً أساساً بالموجة السينمائية الحديثة الفرنسية وبالواقعية الجديدة الايطالية، ولا ينكر تأثره بتقاليد السينما ومنها،"المرحل، الملاح الجوي والجزر المفتوحة، قد حققت نجاحاً تجارياً، اكبر من أفلامه الأولى، فأن ما قدمه في البداية هي التي حققت له مكانته كمخرج متميز، وستبقى من كلاسيكيات السينما العالمية، خاصة وإنها كانت من بطولة روبرت دي نيرو. فهو في تلك الأفلام، تناول قضية الثقافة المضادة وما تمخض عنها من أفكار جديدة وموسيقى شعبية، وكان معه في تلك الموجة المخرجون ستيفن سبيلبرغ وجورج لوكاس وفرانسيز فورد كوبولا. أنها أسماء سينمائيون أحدثوا تغييراً في السينما الأمريكية في الموضوعات التي طرحت ونمط الشخصيات التي قدمت.ويقول سكورسيزي: "الموسيقى الشعبية شكلت إطار حياتي، وصاحبت كافة أفلامي. وقد رشح سكورسيزي الجائزة الأوسكار الأولى عام 1980 عن فيلم"الثور الهائج"، وقد تحقق ذلك في فيلمه،" الإغراء الأخير للمسيح" وفي،"رفاق طيبون، وفي،"عصابات نيويورك"، وفي "الملاح الجوي" وعندما فاز أخيراً بجائزة الأوسكار عن فيلم،"المُرحّل"-2007 ، قيل ان الأكاديمية السينمائية وبعد تجاهلها له أعواماً، قدمت اعتذارها عن تجاهل أعماله العظيمة السابقة، بل ان المخرج الكبير تساءل وهو يتسلم الجائزة، إن كانت حقاً منحت له أو لآخر!.وسكورسيزي بسبب نشأته بين رجال العصابات ورجال الدين، تجاوز كوبولا(الأب الروحي) في تسجيله للحياة اليومية للعالم السفلي، بأفلامه المتعددة أما الفيلم الجديد له _3 أبعاد) فقد استقى قصته من رواية برايان سيلزينك،"كباره هوغو"، التي تدور أحداثها في باريس، أعوام العشرينيات من القرن الماضي، وهي عن حياة صبي يتيم (12 سنة) يعيش في محطة قطار مزدحمة،حيث يصادف عدداً من المغامرات. ويجسد شخصيات الفيلم بن كينغلي، كريستومزلي وراي وينستون، عبر سيناريو يقدم الحقائق التاريخية وشيئاً من الخيال. انه نوع من الارتباط ما بين الناس والشيء الذي يفتقدونه.وفي مرحلة إخراجه للفيلم، يهتاج سكورسيزي إزاء الاحتمالات المتعددة التي تقدمها الطريقة الجديدة للتصوير." إنه أمر صعب"، وعلي إعادة التفكير في كل لقطة ومشهد، الناس يبدون وكأنهم تماثيل تتحرك."إن السينما تقدم أنماطاً من الحياة وشخصيات مختلفة، تستقى معالمها في الغالب من الواقع، وهذا يعني أن السينما هي بحد ذاتها نوع من الحياة. وتحفل ذاكرة سكورسيزي بالذكريات عن أفلام شاهدها في طفولته وأثرت فيه بشده، بل وتركت أثراً عليه(ليس الفيلم وحده، بل المكان الذي كان يعيش فيه، والشارع الذي فيه دار السينما). أنه حتى الآن يبحث عن أفلام قديمة مهمة، وقد لا يجدها لأن "الفيديو"، لم يكن معروفاً آنذاك. ومن تلك الأفلام، هتشكوك في بداياته وكذلك ديفيد لين وهوارد هيوز، وشاهد فيلماً 16 ملم للأخير في جامعة نيويورك، استثاره ودفعه إلى تقديم فيلم عن حياته(الملاح الجوي).وشخص لديه هذه الأحاسيس تجاه السينما، يثير الدهشة باتجاه إلى التلفزيون، حيث قدم أخيراً عدداً من الأعمال المثيرة للإعجاب. ويقول ذلك،"في التلفزيون أعمل ما عجزت عن تحقيقه في منتصف الستينيات، هناك حرية ونمط من عمل قادر على تحقيق عالم آخر، مع متعة الاسترسال في تطوير الشخصية ونموها على مرّ الحلقات المتتالية. ومن تلك الأعمال،" إمبراطورية يرودواي" التي تحدث النقاد عنها كثيراً. ومن المتوقع تحويل قصة فيلم،"رفاق طيبون" إلى مسلسل في التلفزيون قريباً، وهو أيضاً بأمل في إنهاء فيلمه الوثائقي عن الكاتب والمعّلق فران ليبوفيتز بعنوان،"الخطابة".وبعد كل ذلك ما يزال سكورسيزي شاب الأحاسيس وما يزال يحب الاستماع إلى "صوت دوران فيلم الـ35 في جهاز العرض،"وما يزال يعشق السينما والعمل فيه.عن/ الاوبزرفز
سكورسيزي: رحلة حياة
نشر في: 11 إبريل, 2011: 06:42 م