لا أظن أن شخصية أحبت وطنها فأعطت كل ما عندها علماً وأدباً وعملاً كالدكتور مظهر محمد صالح، نائب محافظ البنك المركزي العراقي، إنه فكر أو قد خطر بباله أن يساق إلى المعتقل لا يسعفه في ذلك تلك القناعات الراسخة من جميع معارفه ومجايليه في العمل وخارجه ببراءته من تهم الفساد التي يطلقها الجاهلون ويتبناها المتسلقون ويحتفي بها المستبدون.
لا أظن أن مظهر محمد صالح ستخونه تلك النفس المتعالية بوطنيتها فيحزن على ماضيه الناصع وأنا على يقين بأن ضميره مرتاح ومطمئن لكل ذلك الذي أنجزه عبر عقود من العمل المخلص الدؤوب حتى وإن تعرض إلى ضرر قضائي في هذا الزمن الرديء الذي لا يحتفي ولا يحترم علماءه ومفكريه.
اليوم نحن نقدم لكل الكفاءات التي هاجرت ولكل العلماء والمفكرين في الداخل والخارج ولأعداء العراق أيضاً نموذجاً للتعامل الفظ في الكيفية التي يقصى بها المخلصون الأكفاء ونوجه لهم الدعوة صريحة وعارية بأن هذا البلد لم يعد مكاناً ملائماً للقامات الكبيرة وللنزهاء وأصحاب الضمائر الناصعة. نقدم لهم أسوأ ما تبقى لدينا من بضاعة وهي إرغام المفكرين وأصحاب الرأي والمجتهدين على تبني رؤى سياسيين يعيدون إنتاج أفكار الاستبداد طمحاً وطمعاً في الوجاهة والاستحواذ على الكراسي.
لم يكن ما يتعرض له مظهر محمد صالح إلا نموذجاً يراد به معاقبة الشرفاء على ما اجتهدوا فيه وأخلصوا إليه ،فلا ينبغي أن تظل مؤسسة في هذه الدولة بعيدة عن مفاسد حولت حلم العراقيين إلى كوابيس يومية من الأزمات والأحقاد والسرقات. لا ينبغي في عرف المنتفعين من سياسيي الأزمات أن تظل هناك مؤسسة ناجحة وهم يغرقون حتى الآذان بالفشل والفساد ،وستقرأ الأجيال اللاحقة في التأريخ يوماً ما، أن حكماً استبدادياً ظالماً سقط في عام 2003 أعقبه حكم أدخل البلد في غيبوبة طويلة للأسف الشديد. لنقف جميعاً مع مظهر محمد صالح ليس من أجله فقط ،فهو يستحق أن نضع على صدره الأوسمة ولكن من أجل بلد يجب أن يخرج من غيبوبته.
* سكرتير عام المجلس العراقي للسلم والتضامن