باسم عبد الحميد حمّودي بعد سبعة كتب نقدية وأكثر من سبعمئة مقالة تتعلق بالقضايا الثقافية والتي بدأها بأول مقالة نقدية نشرت له في نيسان 1966 أصدر الناقد شكيب كاظم سعودي كتابه الجديد (التماعات ورؤى- مثابات في الأدب والفكر) عن داري الناية ومحاكاة في سوريا.
اثنان وعشرون مبحثا ومادة نقدية تترادف فيها الموضوعات لتعرف وتحاور أفكار نقاد (فوزي كريم - عبد الله الغذامي- جلال الخياط- فاضل ثامر-مهدي شاكر العبيدي وغيرهم) ومفكرين (ادورد سعيد –د .محمد الدعمي – مدني صالح) وقصاصين وروائيين وشعراء أمثال عزت القمحاوي- سهيل أدريس- هنري ميللر- محفوظ داود – توفيق صالح).ونجد ان شكيب كاظم يبدو جريئا وأمينا في حواراته مع أهم الكتاب والشعراء , مثال ذلك موقفه من الإيقاع في قصيدة النثر الذي تناوله فوزي كريم مسلّمة أساسية وهو يناقش في كتابه(مرايا الحداثة الخادعة) آراء فاضل العزاوي في الإيقاع اذ يقول ببطلان نظرية الإيقاع في قصيدة النثر ويعتبر ذلك تدليسا باطلاً نادى به البعض من أمثال ادونيس ويوسف الخال وانسي الحاج من رواد قصيدة النثر ويرى ان عرض كريم للإيقاع الحر والداخلي والجديد وإيقاع، يعكس روح الزمن وما إلى ذلك من آراء نادى بها العزاوي وسواه تعد شيئا باطلاً لا وجود له إلا في العمودي والشعر الحر .رأي جريء وسريع مثل هذا يستحق الوقوف عنده طويلا فقد انبنت الكثير من الدراسات النقدية على مفهوم الإيقاع في قصيدة النثر وشكيب كاظم يشطبها بكل جرأة بحسبان عدم وجود دليل عليها وهو في ذلك يخالف كثير من الباحثين الذين وقفوا عند الإيقاع في قصيدة النثر وعالجوه في دراساتهم مثل فخري صالح وحاتم الصكر. من دراسات الكتاب دراسة تحت عنوان (لماذا الدعوة لموت النقد الأدبي ؟ مناقشة لبعض آراء الناقد عبد الله الغذامي)، ويجد الباحث في دعوة الناقد الغذامي إلى انتهاء عصر النقد الأدبي وموته ضرورة لبناء النقد الثقافي الذي تتسع مدياته لأكثر من الأدب وفنونه ,ويناقش آراء الناقد فاضل ثامر في كتابه (المقموع والمسكوت عنه في النقد الأدبي)، وهو كتاب يمثل خلاصة فكر واكتناز تجربة مثقلة بالمتابعة الجادة للنص القصصي والروائي لدى غائب فرمان ونجيب محفوظ ومحمود جنداري والرزاز والازرعي والتكرلي وسواهم محللاً الصورة القمعية والمادة المقموعة بشرا ومكانا ومواصفات اجتماعية ولست في موضع تأشير عملية العرض النقدي لثامر، إذ أغنانا الباحث عنها.ويطرح الناقد شكيب كاظم رأيا مهما في حق الكاتب-من عدمه – في نشر أعماله الأولى أو الأعمال التي سبق له أن أنتجها في شبابه , ويجد الناقد – وهو يؤبن الراحل سهيل ادريس في حق الكاتب دون سواه في إعادة نشر أعماله وهو بذلك يشير الى ورثة الصديق العزيز المرحوم عبد الرحمن منيف الذين تجرأوا ونشروا رواية مخطوطة له بعنوان (أم النذور)، لم ينشرها في حياته ولم يوص بنشرها في حين دعم د. سهيل أدريس أعادة نشر أعماله القصصية الأولى وبرر إعادة النشر,وهو أمر من حقه تماما مادام قد تبنى أعادة النشر وهو يحاسب عليها نقديا لأن الأمر تم بإرادته ,لكن غير الأخلاقي وغير القانوني وغير أن تتبنى دار نشر مثل (الجمل) نشر مقالات السياب عن الشيوعية بعنوان (كنت شيوعياً) لغرض الاسترزاق دون اهتمام بقداسة ذكراه وعدم رغبته بنشر موضوع فاته الزمن إن قوانين حق المؤلف لا تبيح لأحد غير المؤلف (او ورثته) نشر أعماله والناقد المحترم يعرّض بما فعلته دار النشر المذكورة بالسيّاب ونحن معه في ذلك إذ لا يحق لأحد اللعب بآثار الأدباء والإفادة المادية منها دون موافقة مسبقة هنا ينبغي للورثة مراعاة رغبة المؤلف الراحل وعدم التصرف بميراثه من اجل المال فقط. الأمر الأكثر غرابة ان يتحول احترام الناقد للسياب إلى نوع من الرثاء والحزن السالب لمواقفه الشخصية من البياتي ومن يوسف الخال وادونيس وسهيل ادريس وهو يحاور دراسة الناقد مدني صالح الممتعة عن السياب لكنه نقل رأي صالح التحليلي السلبي في شخصية السياب وشعره دون مناقشة شافية إلا في أدب صالح وفلسفته. إن كتاب (التماعات ورؤى) للناقد شكيب كاظم يحتاج الى أكثر من وقفة لاهتماماته النقدية الجادة وقدرته على النقاش والإضافة في موضعها و الإخلاص في موضع الكشف.
التماعات ورؤى.. كتاب شكيب كاظم الجديد
نشر في: 15 إبريل, 2011: 06:53 م