TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > عن الإيديولوجية والأكاديمية الحديثة.. محاولة للتسوية

عن الإيديولوجية والأكاديمية الحديثة.. محاولة للتسوية

نشر في: 18 إبريل, 2011: 06:18 م

ياسين طه حافظبين كثير من الكتابات، يتميز نوع من الكتابة بتماسه الحميم والخاص مع عواطفك، فكرك، ماضيك وحاضرك. هذا النوع من الكتابة، او هذه المقطوعة التي تقرأ ذات صلات تكوينية بأنماط أخرى تنتمي، بدرجات متفاوتة، لهذا النوع من الكتابة.
 مجموع هذه الكتابات وبتراكيبها اللغوية المبنية باهتمام خاص، لا يبدو اعتيادياً ... تُسمّى الأدب.وما أسميناه "أدباً" ، مثلما هو نصوص تقرؤها الناس، هو موضوع تهتم بمفرداته وتراكيبه ومضامينه وأشكاله..، المعاهد والأكاديميات.أما المعنيون بدراسات هذا الموضوع وتقويمه فهم أساتذة الأدب والمعنيون بالنقد الأدبي. حتى الآن نحن نتحدث بما هو معلوم وبتبسيط يبدو مدرسياً. لكنه عندما يطالبنا بكشف تفاصيله والعلاقات بين العناصر المكونة له، لا يبدو موضوعاً يمكن المرور به بتلك البساطة التي شرعنا بها.من هذه ، علاقة النص بزمنه. وهذا يعني علاقته بناس الزمن وبيئتهم. والمسألة الثانية هي: كيف يحقق النص، الذي أسميناه أدباً، قيمته جمالياً وفكرياً؟خلافاً للسائد من ضرورات المعاصرة والرؤية الجديدة والاستجابة للظروف، تستوقفنا شواهد أدب ما تزال مؤثرة وقد أنتجتها أزمنة بعيدة سلفت. لابد إذن من التريث قبل الانصياع لطلب المعاصرة أو شرطها! النظريات عموماً لا تقطع بسبب محدّد وحقيقي لفهم الظاهرة ووضعها في نصابها. حتى ان كارل ماركس تساءل يوماً "عمّا يجعل الأدب الإغريقي محتفظاً بسحره وقد زالت ظروف إنتاجه.."وتعقيباً على تساؤل ماركس، يعقّب تيري ايجلتون بقوله "ولكن هل سيظل هذا السحر أبداً؟ من يقول ذلك ولماّ ينته التاريخ بعد؟"من محصلة هذين التساؤلين نتأكد من ان هذا "السحر" استمر خارج زمنه وعبر قرون تحولت فيها كثيراً ظروف الإنسان ومن ثم ظروف إنتاج النص، بحسب تعبير ماركس. لكن سؤالا آخر يتفرع من ذلك، هو: هل ستظل الأجيال اللاحقة من اليونانيين ومن تلاهم ونظل وتظل الأجيال القادمة بعدنا، تحت سحر ذلك الأدب؟ وإذا ما ظلت ، فهل ان "هومر" ، أو هوميروس، كما يسميه العرب، هو نفسه هوميروس الذي عرفه الإغريق؟ وهل شخصيات الإلياذة ثم الانيادة، التي نجت من التاريخ، هي تلك التي كانت؟ وأين نجد التفسير؟ليس مؤكداً ان ذلك الفن الادبي الذي أُنِتجَ أصلاً فناً، بقي كما هو فناً. بعض ما بقي منه، أو ما سيبقى، عناصر معينة هي ليست فنية ولكنها من مركبات النص، وهذه هي اساس بقائه. السبب ان هذه العناصر ذات تميزّ تاريخي أو جغرافي أو ميثولوجي أي من الصفات المعرفية التي نحتاج إليها، واننا نصنع من هذه ومنا، سحراً شبيهاً بذلك ولكنه ليس هو. وأننا ندخل في النص القديم مستكشفين لاحتياجاتنا الإنسانية الأولى والدائمة.وهذا يدلنا على ان المدى الفلسفي والمدى التاريخي في النص الادبي هما وراء بقائه، وهما اللذان يمكنان ذلك النص من اجتياز العصور. وقارئ اليوم قد يجد نفسه جغرافياً تاريخياً ثم فلسفياً، بعد ذلك أدبيا ثم يعود جغرافياً تاريخياً مرة اخرى. هذا يعني انه في القراءة يجد نفسه في مكان، في زمان، ضمن فكر...، محصلة ذلك نص ادبي ما ان نتوغل في قراءته حتى يتصل ثانية بالمكان والزمان والفلسفة التي كانت.أضف لذلك، وبغية توسيع فسحة التأمل، ان بعض الأعمال الأدبية صارت كتبا عن الحيوان كما لنا أمثلة أخرى من كتب أدبية عن انماط الناس مثل كتب الحمقى والمغفلين وأخبار النساء وطرائف الملوك والوعاظ. وكلها اما من خلال بنى ادبية او انها أنشئت لتكون ادبا. بل ان هناك من يقرؤها حتى بعد هذا ادبا.إذن، بين مجموعة الأمثلة الأولى ومن المجموعة الثانية نجد مشاركة في "الملكية" او في "النوع". صحيح ان بعض الكتب تأسست أهميتها، او بقاؤها، اعتمادا على نسبة "الأدبية" الأكثر فيها. وان الزمن- او الظروف المستجدة، احتاج في بعض من الكتب الأخرى، الى ذلك الباقي "الاقل" فيها فانحرف بتلك الكتب لغير الأدب. لكنه في كل حال، ظل ضمن الحاجة البشرية ومتطلبات ظروف العيش. نجد امثلة في بعض كتب السيرة التي اعتمدت "تاريخا" وفي كتب الرحلات وكتب المشاهدات و اليوميات وبعض من الكتب الأدبية ذوات الجدوى المزدوجة أصلاً والكتب المنوعة، كما في العقد الفريد عندنا، وفي بعض المعاجم مثل "المخصص" اذا حصرنا الأمثلة بما في ادبنا العربي وأعمالنا اللغوية ...رأي آخر يتضح لنا حين نمسح الحدود الفاصلة، الحادة، ونعود الى الصناعة الادبية. نجد في هذه الحالة ان ما يمكن الاعتماد عليه في "التمييز" هو طريقة استعمال اللغة. طريقة استعمال اللغة هي ما يجعل الكتاب أدبياً أو ما يجعله غير أدبي، علمياً مثلاً او تاريخياً ..لكن هذا المعيار ليس دقيقاً تماماً، حين تكون اللغة "الادبية" هي السائدة ، او حين يكون العلماء والمؤرخون أدباء وعلماء لغة أيضاً. ثم ان بعض الكتب تنشئ أولاً أدباً وكتباً اخرى تكتسب الصفة الادبية بعد كتابتها.لكن صفة الأدب لا تجيء عرضاً او مصادفةً هي نتاج فعل قصدي مباشر، وقد يكون غير مباشر كما أسلفنا. وغالباً تكثر "الادبية" غير المباشرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram