TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العـراق: «الأمـن الغـذائـي» أم «البطــاقــة التموينـيـة»؟

العـراق: «الأمـن الغـذائـي» أم «البطــاقــة التموينـيـة»؟

نشر في: 19 إبريل, 2011: 07:45 م

حسن الجنابي هاجس السيادة:ازداد الاهتمام مؤخرا في العراق بقضية “الأمن الغذائي” وسبل تحقيقه، وهو تطور في مستوى اهتمامات المواطنين والمجتمع بعد ان ساد الاهتمام الذي رعته الدولة خلال العقود الماضية، بالايدولوجيا والشعارات والتحزب، بعيدا عن الالتفات لتحسين شروط العيش، او تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن السياسي.
وكما في الكثير من المصطلحات، او المفاهيم، التي أصبحت متداولة منذ عام 2003، نتيجة لحرية التعبير المتاحة بدون اية رقابة او محاسبة، ومن خلال وسائل عديدة، فإن استخدام مفهوم “الأمن الغذائي” ينتابه الكثير من الالتباس لدى المواطنين.فالكثير من المواطنين، بمن فيهم المتعلمون، يساوون بين «الأمن الغذائي» و مفهوم «الاكتفاء الذاتي» من الانتاج الزراعي. وقد ساد هذا الاعتقاد كثيرا على المستويات الرسمية، بما فيها في منطقة الشرق الاوسط، الى درجة تم بها الترويج إلا ان استيراد الأغذية من الخارج هو امر معيب، وهو ارتهان لأجندات خارجية، وإنتقاص من السيادة الوطنية الى غير ذلك. وقد تجسد الامر بوضوح في الخطاب السياسي الليبي وكذلك العراقي في ظل النظام السابق. كما لجأت المملكة العربية السعودية، تحت نفس الهاجس الى انتاج كميات كبيرة من القمح، وبكلفة أعلى بكثير من كلفة استيراده من الاسواق العالمية، واستنزفت بذلك خزينها المهم من المياه الجوفية آنذاك، في عملية سرعان ما اكتشفت انها سياسة خاطئة فتوقفت هذه الممارسة المكلفة اقتصاديا وبيئيا، والتي لا يمكن في ظلها توفير حصانة دائمة لفكرة السيادة الوطنية المطلقة، في عالم متغير ولكنه مترابط، تعتمد اطرافه على بعضها البعض الآخر بشكل متزايد مع الزمن.أما في العراق، وأثناء الحكم الشمولي الذي قام على اساس الايديولوجيا والشعارات، فقد أصبح الشك بكل ما هو أجنبي سياسة رسمية للبلاد. وتفنن النظام، نتيجة ذلك، بإتباع سياسات فاشلة ادت، فيما ادت اليه، الى تحطيم القطاع الزراعي، حيث فرضت الدولة نفسها كلاعب وحيد يحدد الانتاج والاسعار والتسويق والتخزين وغير ذلك، وتوجت تلك السياسات فيما بعد بحروب، فرض اثرها على العراق حصار اقتصادي وعزلة قاسية، كان يستحيل في ظلهما توفير الغذاء اللازم للمجتمع بدون تطبيق برنامج «البطاقة التموينية» وهو برنامج دعم غذائي تقوم الحكومة من خلاله بتقديم كميات محددة من المواد الاساسية للمواطنين بأسعار رمزية وبشكل دوري.rnملف صعب ولكن هل يؤدي الغرض؟لقد بدأ تطبيق نظام البطاقة التموينية في عام 1991 وهو لايزال ساري المفعول، ولا يبدو حاليا افق محدد لإنهاء العمل به. بل ان البرنامج قد تعزز أكثر هذا العام بتحويل مبالغ اضافية، كانت قد رصدت في ميزانية الدولة لإنجاز مشاريع أخرى، بما فيها معدات عسكرية في ظل وضع أمني معقد، مما يعني ان برنامج “البطاقة التموينية” لا يزال يعتبر ملفا شديد الحساسية، وأن أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحتملة كافية لردع اية محاولة لمراجعته من قبل الحكومة، حتى لو كانت المراجعة بغرض تحسين الوضع الغذائي للسكان!. فاصحاب الدخول الضعيفة، من العوائل وفئات المواطنين الفقراء والعاطلين عن العمل وغيرهم، خائفون من فكرة الغاء البطاقة التموينية، الى الحد الذي جعل المرجعية الدينية تكرر الدعوة من أجل تحسين مفرداتها، وتوفير التمويل اللازم لاستمرار البرنامج، مما أضاف المزيد من الحساسية على الملف لأنه يتعلق بلقمة العيش، وكرامة الناس، في ظل تعثر التنمية وبرامج الاستثمار التي تقوم الحكومة بتشجيعها، وفق قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006، الا ان ازالة معوقات الاستثمار، كما يبدو، بحاجة الى مدة أطول مما تتمناه حكومة منتخبة لأربع سنوات.  من جانب آخر فإن هناك اعتقادا سائدا لدى الناس يساوي ما بين “البطاقة التموينية” ومفهوم “الأمن الغذائي”. بل ان الكثيرين يعتقدون ان البطاقة التموينية في العراق هي الشكل الأمثل لتحقيق “الأمن الغذائي”، في حين أن اللجوء الى استخدام برنامج البطاقة التموينية هو اجراء وقتي يُلجأ إليه في الأزمات والكوارث التي تؤدي الى تعطيل، او تشويه، سوق الغذاء المحلي، مما يمنع المواطنين، وخاصة ضحايا المناطق المنكوبة، من الحصول على كفايتهم من الأغذية. وقد يتم توسيع نظام البطاقة ليشمل الفقراء والمهمشين والعاطلين عن العمل، من غير القادرين على الحصول على الحد الادنى من الغذاء في ظروف استثنائية.لذلك فإن فعالية نظام المساعدة الغذائية، او البطاقة التموينية، تكون قصيرة المدى للأسباب التالية: 1- لأنه برنامج إغاثي مخصص لفترة انتقالية قصيرة يتم خلالها مساعدة المنكوبين في الحصول على الغذاء الى أن يتمكنوا من ترميم حياتهم، وتأهيل معاملهم وحقولهم، وبالتالي يصبحون قادرين على الانتاج في ظروف مشابهة لظروف ما قبل وقوع الكارثة.2- لأنه  برنامج سلبي وليس تنمويا، اي أن الطرف المستلم للحصة التموينية غير مدعو للقيام بأي عمل مقابل حصوله عليها، وبالتالي لا توجد لديه اي دوافع او حوافز للعمل، وبذلك تنتفي شروط أحداث التنمية الاقتصادية الكفيلة بالتخلص من نظام البطا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram