TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مشاعلكم مجنونة وبيوتنا من قش

مشاعلكم مجنونة وبيوتنا من قش

نشر في: 16 ديسمبر, 2012: 08:00 م

أشعر بالحرج عندما أكتب في الوعي والمعرفة بينما ينشغل زملائي من كتاب الأعمدة بالشأن السياسي المحترق. أقصد ينشغلون بنقد وتحليل تصريحات ببغاوات السياسة العراقيين ممن يتراشقون فيما بينهم بقذائف بعيدة المدى، لا هدف من ورائها سوى إلهاء هذا الشعب المسكين عن مساءلتهم ومحاسبتهم. ويأتي ابتعادي عن الشأن السياسي لكثرة الأعمدة المهمة المخصصة له، هنا في جريدة المدى وفي بقية الصحف العراقية. الأمر الذي لا يدع مجالاً للمزيد. لكن مع ذلك يبقى الموضوع محرجاً بالنسبة لي، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن تنفجر فيه مجموعة من التصريحات المتشنجة والكريهة، تصريحات لا تكشف إلا عن دونية لا مثيل لها باتت تمتلئ بها دواخل بعض سياسيينا، دونية ابتعدت بهم عن الانهماك بشؤون مواطن أكلته الحروب والحصارات إلى الانهماك بزعيق ممل لا يهدف إلا للتغطية على فشل وفساد مريعين.
بين الاطراف المتصارعة في المركز والاقليم هناك مشاكل عامة واخرى شخصية عالقة، هناك حساب يراد تصفيته وصراع من أجل البقاء في السلطة تراد ادامته. وفي النهاية هناك حرب يراد أن نكون وقودها. بالضبط كما فعل صدام؛ إذ الحال لم يتغير أبداً.. فالعنتريات الفارغة هي هي، وافتعال الأزمات هو هو، والشعارات لم تزل باهتة وباردة ولا تستهوي غير السذج.. لذلك أريد أن أقول لهذه الاطراف:
يا سادتي الأفاضل، لم يعد لدينا المزيد من السنين لنبعثرها في ساحات حروب مجنونة. لم يعد لدينا المزيد من المطاولة صدقوني. نحن شعب منهك، وفقير، وعارٍ، وموجوع، وأميّ. بلادنا محطمة ومستقبلنا مجهول، ونعيش وسط اقليم يوشك أن ينفجر. فمن غير المعقول أن تتركوا مسؤولياتكم الملحة وتنشغلوا بتبادل المهاترات فيما بينكم!! كفوا عن التلويح بمشاعلكم فبيوتنا من قش ونحن قوم مساكين. كفوا عن هذا الضجيج رجاء أو ارحلوا عنّا. غادرونا غير مأسوف عليكم. اخرجوا من هذا البلد لا بارك الله فيكم ولا عليكم ولا رضي عنكم ولا ارضاكم. ماذا كسبنا منذ هبطتم علينا من سماء امريكا وإلى الآن؟ ماذا فعلتم لهذا البلد؟ دستورنا أعمى، وقوانيننا مشلولة واقتصادنا اعرج..
ماذا دهاكم؟! ما الذي أصابكم؟! كنتم فتية هذا البلد.. قاتلتم وناضلتم وتشردتم، لا يمكن لأحد أن ينكر تضحياتكم السابقة، كنتم شجعاناً وأنتم في المعارضة، فلماذا هزمتكم السلطة؟ لماذا حولتكم إلى وحوش بعد أن كنتم آدميين؟ طيب.. إذا كان هذا الكلام لا يهمكم فاسمعوا مني هذا السر: صحيح أنكم يا سادتي تحكمون شعباً نائماً ولا يحسن حماية مصالحة، ولذلك فهو لا يشعر بالاستفزاز رغم فسادكم وفشلكم، ما يجعلكم سادرين بغيكم، لكن تذكروا فقط أنه شعب هيجاني، شعب إذا هاج هياجه فلن يتقن شيئاً أكثر من سحل جثث ظالميه وتقطيع أجسادهم.. تذكروا هذه الحقيقة، تذكروها لمصلحتكم فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

فصائل "بلا أب".. رسائل باحتمال ضرب طهران بعد "الحوثيين"

خسائر سنوية تصل إلى 500 مليار دينار بسبب الاختناقات المرورية في العراق

تقرير دولي: 111 مليون دولار أرباح داعش من تجارة الاستعباد الجنسي

11 عضوًا في مجلس ديالى يقررون إقالة رئيسهم بسبب "الضعف والفشل الإداري"

ما الذي يؤخر إقرار جداول موازنة 2025؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: عندما يغط البرلمان بالنوم !!

العمود الثامن: أحلام الليبرالي الأخير

قناطر: من سقيفة بني ساعدة الى الساحل السوريّ

العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

العمود الثامن: محبة عراقية

العمود الثامن: محبة عراقية

 علي حسين أتابع العمود الاسبوعي الذي تكتبه الصحفية والروائية إنعام كجه جي، وكنت ومازلت مغرماً بروايتها الساحرة التي تكشف لنا من خلالها عمق ارتباطها بوطنها ومحبتها التي تتعمق يوما بعد آخر بالعراق برغم...
علي حسين

السياسيون يدركون أن المهاجرين يدعمون الاقتصاد

نوربرتو باريديس ترجمة: عدوية الهلالي تشغل قضية المهاجرين مساحة متزايدة في المناقشات السياسية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، الذي من المتوقع أن يتلقى أكثر من مليون طلب لجوء هذا العام، وهو أعلى رقم منذ...
نوربرتو باريديس

الدروز بين الشرع وإسرائيل

عبد الرحمن الراشد تاريخياً، إيرانُ الخميني تعاونت عسكرياً مع إسرائيلَ، وكذلك فعل عراق صدام. واستقبل شيعةُ لبنانَ قواتِ إسرائيل ونثروا عليهم الرُّز والوردَ، ولجأ مسيحيُّو لحد إليها. إسرائيلُ خبيرةٌ في صراعات المنطقة، واليوم تعرض...
عبد الرحمن الراشد

العراق يستحقُ نظرةً موضوعيةً لمواجهةِ الواقعِ السياسي المضطرب

عصام الياسري انفعالات الرأي العام بسبب ممارسات الساسة المتسلطين وانعدام الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والنفسي، متراكمة للغاية، وستشتد كلما ضاق أفق الأمل بالمستقبل وتعاظمت التحديات والضغوط الاجتماعية والقوانين السلبية وعندما تبلغ الانفعالات درجة النضج...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram