TOP

جريدة المدى > سينما > (مطبخ الروح).. قريباً من أحلام المهاجرين

(مطبخ الروح).. قريباً من أحلام المهاجرين

نشر في: 20 إبريل, 2011: 06:04 م

ليث عبد الكريم الربيعيتحمل السينما التركية في مجمل تجربتها الغنية لغة هادئة ومتماسكة ذات صبغة اجتماعية غالبة، ويتسم الإنتاج السينمائي التركي بكونه مزيجا بين الأصالة والمعاصرة، فهو يحاكي واقع أزمات الشرق بعيون غربية، وقد عكس المخرجون المتأخرون بإصرار هذا الواقع عبر عدد من الأفلام المتميزة بمستواها الفني، والتي استقطبت الاهتمام، وأثارت ردود فعل متباينة بكونها سينما مختلفة تغور في الحياة وتتماهى مع ما فيها من أزمات وصراعات.
وكحال غيرها من سينمات دول العالم امتازت السينما التركية بفترتين زمنيتين، الأولى منها غلبت عليها السطحية، باعتمادها على الحركة والأغاني والميلودراما التجارية، وانتشر هذا النوع في مجمل الإنتاج السينمائي التركي في السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات، الى ان جاء الجيل المتأثر بالسينما الأوروبية والذي درس جله في ألمانيا وفرنسا واليونان وغيرها، ليضع بصماته الواضحة على طبيعة الفيلم التركي، وذلك بالنظر الى الأسلوب المتميز في معالجة المواضيع الشائكة والتي قلما وجدت طريقها الى السينما، وهذا ما ارساه نهاية الثمانينات يلماز جوني، وسينان سيتين، وعاطف يلماز.. ولحقهم نوري بيلجي جيالان، وفرزان اوزبيتك، وسميح كبلانوغلو.. وغيرهم، وقد نالت أفلامهم استحسان النقاد فضلا عن جوائز مرموقة في العديد من المحافل العالمية.وكان منهم المخرج الألماني الجنسية التركي الأصل (فاتح اكين) الذي استطاع عبر افلامه الثمانية وعمره الذي لا يتجاوز 38 سنة، ان يعكس شيئا من معاناة المهاجرين الى ألمانيا وبالعكس، مركزا على أسباب ضياعهم وعدم اندماجهم في المجتمع، وقدَم على هذا المنوال أفلامه (صدمة حادة بسيطة: 1998) و(في تموز: 2000) و(سولينو: 2002) و(مباشرة: 2004) و(عبور الجسر: أصوات استنبول: 2005) و(حافة الجنة: 2007) و(مطبخ الروح: 2009).ويعد أخر أفلامه (مطبخ الروح) واحدا من اميّز ما قدمه، بالنظر الى ما امتاز به من نضج في الكتابة والاخراج، فضلا عن محافظته على إيقاعه المتوسط السرعة والذي لا يدع فرصة لدخول الملل الى المشاهد، فكل جزئياته مهمة في طريق سبر الأحداث.يتحدث الفيلم عن أخوين يونانيين يملك أحدهما زينوس كازانزاكيس (آدم بوسدوكوس) مطعما شعبيا يعتبره مشروع حياته، أما الآخر إلياس (موريس بليبتريو) فهو مجرم يقضي حياته متنقلا بين السجون الألمانية, زينوس يسعى جاهدا لجلب الزبائن الى مطعمه وتفشل كل محاولاته، الى ان يستقدم طباخا حاد الطباع لتقديم الاكلات المبتكرة، في هذه الأثناء يضطر زينوس للاستعانة بشقيقه لإدارة المطعم ليتسنى له اللّحاق بحبيبته نادين (فيلني روغان) إلى شنغهاي، فيفاجأ بها عند وصوله إلى المطار عائدة إلى ألمانيا لوفاة جدتها وهي بصحبة شاب صيني يكتشف في ما بعد أنه صديقها الجديد، وعندما يقرر نسيان كل شيء والعودة إلى مطعمه يكتشف أنّ ملكية المطعم قد انتقلت إلى رجلٍ حاول مرارا شراء المطعم، وأن شقيقه خسر المطعم على طاولة القمار لصالح هذا الرجل الذي لا يمتلك نفس المقدرة على الإدارة، ويفقد بعد فترة قصيرة كلّ الزبائن ليُفلس مطعم (مطبخ الروح) ويباع في المزاد العلني، فينجح زينوس عبر هذا المزاد في استعادة مطعمه بمساعدة صديقته السابقة التي تُقرضُه بعض المال، أما هو فيجد نفسه من جديد عندما يقع في غرام معالجته الفيزيائية آنا (دوركا جريلوس) ليبدأ حياته الجديدة ويعود إلى مطعمه ويستقبل أول ضيوفه على ضوء الشموع.الفيلم يعطي لمحات واقعية عن حياة المهاجرين، ويقدم أحداثه بطريقة بسيطة وشفافة، كما يلاحظ أن المخرج –وهو كاتب القصة- قصد الطريقة الكوميدية لعرض الموضوع، كون ان هذا اللون هو السمة الغالبة على السينما التركية على الرغم من إنتاجه الألماني، ما يشكل نوعا من النقد الاجتماعي لمعاملة المهاجرين هناك. هكذا يقدم المخرج (فاتح اكن) فيلمه الرائع هذا، والذي يحمله الكثير من الأبعاد الإنسانية والتفاصيل الحياتية الصغيرة، ربما ينقصها العمق الكافي بسبب أجواء الكوميديا والمفارقات الدرامية التي تحيط بالشخصيات الرئيسة، إلا انه نجح في الكشف عن حالات شخصياته الوجدانية وقوة بنائه الدرامي والتفصيلات المرئية والتقنية للتصوير والمونتاج والموسيقى.وإذا كان معظم الممثلين قد نجحوا في إبراز الأداء الدرامي العالي وتجسيد روح النص، فان الممثل (آدم بوسدوكوس) تميز بشكل لافت للانتباه في كشف مقدرته الكوميدية فضلا عن إمكاناته في الكتابة كونه تعاون مع المخرج في وضع نص الفيلم، بعدما اشتركا معاً في تقديم ثلاثة أفلام في ما سبق هي: (صدمة حادة بسيطة: 1998) و(مباشرة: 2004) و(مطبخ الروح: 2009).rnبقي أن الفيلم عرض في اكثر من محفل دولي ونال على إعجاب الكثيرين، فيما حصل على جائزتي لجنة التحكيم الخاصة وجائزة سينما الشباب في مهرجان (فينيسيا).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram