في مقهى أدباء البصرة ضيَّف التجمع الثقافي الجديد أربعة شعراء شباب هم: أكرم الأمير وعقيل البغدادي وصفاء الصحاف ومحمد عدنان. قدمهم الناقد خالد خضير الصالحي الذي ذكر: بأن الشعراء الأربعة، وثمة غيرهم من الشعراء الشباب في المدينة ، وفي العراق كذلك ، ينتمون إلى ما يسمى بـ(جيل ما بعد 2003)؛ وبدأت تظهر كتابات بعضه مبشرةً بميلاد جيل شعري جديد، باعتباره افلت من الحروب لكنه وقع فريسة ما جرى بعد التغيير وانهيار الدولة وأعمال العنف التي لم تكن اقل وحشية من الحروب، فتشبع بجزع جعله يتربى ويقدس ثابتين في غاية الأهمية والخطورة معا، الثابت الأول، انه جيل نفض يده من جدوى الأيديولوجيات وشخصَ تأثيرها المخرّب في الشعرية (poetic)، والأمر الثاني أنهم كانوا حريصين على الكتابة وفق نسق كتابيّ مفارق للشفاهية التي صبغت بلاغيات الشعر العربي التراثي ، فكان هؤلاء وغيرهم يحاولون الاتجاه للحداثة عبر ممر الابتعاد عن البلاغة الشفاهية ومعاييرها الثلاثة التي كشف عنها الشاعر (ادونيس) في محاضراته التي نشرت بعنوان (الشعرية العربية) وحددها بـ(الإعراب والوزن والخطابة) ، محاولة أن لا يغدو الإعراب صادحاً مجلجلاً ولا يكون الوزن مهيمنا وموجها لمجرى النص، وان تُكبح الخطابية ، ويتحول الخطاب الذي ميز الشعر العمودي العربي الوريث للشفاهية والموجه من الفرد للجماعة إلى حوار بين الفرد والصفحة التي تنطوي على النص ليكون فيها دون أن يكون بالضرورة موجهاً لها.وأضاف الصالحي: لم يتمكن هؤلاء الشباب لحد الآن تقديم كشوفات شعرية مهمة كونهم مازالوا في بداياتهم ، ولكننا على ثقة أنهم بعد دأب وإصرار وجهد متواصل ومثابر وثقافة شعرية - عامة رصينة سيشكلون إضافة للخارطة الشعرية في البصرة وفي العراق ربما، فقد كنا نلمس تحولاتهم السريعة وبطريقة تماثل ما يسمى في السياسة بـ(حرق المراحل)، ولكنهم يحاولون ان يردموا الخسائر الناجمة منها، وذلك بتوسيع قراءاتهم وثقافتهم في الاتجاهات الحديثة عن الكتابة الشعرية ومنها الأسلوبية . وشخص خضير سماتهم فذكر يكتب الشاعر محمد عدنان عبد الحكيم قصيدته على عمود الخليل وهو يحاول فيها ان يؤسس على ما يسمى بقصيدة الومضة والضربة الأخيرة معاً، إضافة لإعادة الاعتبار إلى النص باعتباره موئل المعنى وإنهاء سيادة البيت واحتكاره للمعنى المغلق، فحل محله المقطع المؤلف من جمل (وان احتفظت ببنيتها التقليدية كبيت) ولكنها ليست مكتفية بمعانيها منفردة وإنما يكمل بعضها بعضاً لتتشكل دلالاتها بانتهاء المقطع. بينما يكتب أكرم الأمير و صفاء الصحاف وعقيل البغدادي بنسق قصيدة النثر المكتوبة والمقروءة وليست المسموعة ذات البلاغة الشفاهية ، وهم يديرون للبلاغة الشفاهية ظهورهم، وهو ما يطمح جيل ما بعد الحداثة انجازه بفعل اطلاعهم بيسر، وبفضل شبكة الانترنت، على أدبيات (الشعرية)، ورغم ان المنبر والقراءة للجمهور تفرض على الشاعر تنازلات قد تسحبه إلى فخ اختيار القصيدة ذات القدر الكافي من الشفاهية التي تجعلها ملائمة للإلقاء، والذي يعني فيما يعني انتقال الخطاب من الشاعر (الفرد) إلى (الجماعة) بينما يفرض الاختيار للنشر (قصائد القراءة) انتهاء الخطاب باعتباره موجَهاً للآخر لكنه موجه إلى الصفحة ومنها إلى العين، ويكتب أكرم الأمير غالباً قصيدة الومضة (الهايكوية) ذات الجذور الدرامية المحلية ، وفيها يتحقق الانزياح الشعري عبر كسر (أفق توقّع القارئ أو السامع) أكثر مما يقوم بردمها، و يجري ذلك عبر ما شخصه (كمال أبو ديب) في بحوثه المتعددة ، ونقصد به خلق الفراغات النصية التي تقوم عملية التلقي بردمها، وذكر الصالحي أن صفاء الصحاف يسعى لخلق بنية سردية لنصوصه من خلال تلاحق الجمل الفعلية التي تخلق انتقالات سردية رغم أنها جمل مستقلة عبر ما أسميته مرة (التشكل الصوري) حيث تنخلق علاقات سردية بين الجمل المتجاورة. قرأ بعدها الشعراء نماذج من قصائدهم الجديدة .
مقهـى أدبــاء البصـرة يضيف الشعـراء الشباب
نشر في: 17 ديسمبر, 2012: 08:00 م