اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تحديات بناء الدولة العربية الحديثة

تحديات بناء الدولة العربية الحديثة

نشر في: 24 إبريل, 2011: 05:16 م

حسين علي الحمداني ما حصل ويحصل الآن في عالمنا العربي من انتفاضات وثورات تمثل حالة اجتماعية أو حراكاً مجتمعياً بعيدا عن الأحزاب والأيدلوجيات ، ويأتي هذا بعد أن آمنت الشعوب بأن أحزاب المعارضة غير قادرة على إنجاز التحول المطلوب، بل إن الكثير من  هذه الأحزاب في البلدان العربية أصبحت واجهة من واجهات الحزب
 الحاكم وأصبحت تابعة له أكثـر مما هي معارضة، ولا نبالغ إن قلنا بأن بعض الحكام العرب صنع أحزاباً معارضة  لكي يضفي شرعية على حكمه. وبهذا تتخذ عملية التحول السياسي أبعادها الاجتماعية والثقافية لكونها انطلقت من حاجات اجتماعية بالأساس رافضة واقعاً هيمن على بنية الدولة العربية منذ عقود طويلة. وبنية الدولة العربية منذ أكثر من ستين عاما أخذت صفة الدولة الأمنية ذات الحزب الواحد والشخص الواحد وبالتالي قننت الطموحات الشعبية والوطنية لبناء مقومات التحديث والحداثة في العديد من المجالات , ومارست عملية القمع اتجاه أشكال الحراك الثقافي والسياسي المدني كافة, وامتنعت عن السماح لمنظمات وهيئات المجتمع المدني, وفي مقدمتها منظمات وجمعيات حقوق الإنسان, في أن تتشكل بصورة طبيعية وقانونية , بالرغم من توافر جميع الشروط وأحكمت القبضة الأمنية المتشددة على تكويناتها الأولى , ومارست سياسة الإقصاء إزاء التشكيلات الثقافية والحزبية الأخرى التي تتعارض مع نهجها التعسفي أو محاولة الاحتواء للهيمنة عليها, وحرفها عن الأهداف النبيلة التي أنشئت وقامت من أجلها, وذلك عبر ممارسات القمع والاعتقال , ومنعها من ممارسة نشاطها المحدود والمتواضع أصلاً  في مجتمع يشكو أسباب التخلف كحالة عامة وقائمة ونتائجه التي تنعكس سلباً في الواقع الموضوعي .من هنا يمكننا القول إننا لم نكن نمتلك مقومات الدولة الحديثة في عالمنا العربي بقدر ما إننا كنا نعيش في منظومة أمنية محكمة ، منغلقة على نفسها ، وتحيط نفسها بأوهام المؤامرة ونظريتها التي تشبعت في سلوكيات الحاكم العربي الذي إن لم يجد من يعاديه ويحاربه يفتعل أعداء من داخل الشعب ويقمعهم ليثبت نظرية ترسخت بأن القوة وحدها هي السبيل الوحيد للسيطرة على الشعوب وإن بقاء وجود ( مؤامرة ) يعني بقاء وجوده في الحكم .وبالتالي فإن أغلب الدول العربية التي خرجت من نير الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية ، دخلت في دوامة من الانقلابات العسكرية التي أدت في نهاية المطاف لسيطرة  أشخاص في عدة بلدان على مقاليد السلطة بعد أن تخلصوا في سنوات ماضية من ( رفاق دربهم )، واتجهت الدولة العربية لأن تعيد استنساخ نفسها ثانية عبر مبدأ التوريث الذي اتجهت إليه النظم الجمهورية في عالمنا العربي كافة على الرغم من إنها قادت ( انقلابات ) لتغيير النظم الملكية التي وصفها البيان الأول للانقلاب في كل الدول العربية بأنها أنظمة(رجعية) واعتبر قيام وتأسيس الجمهوريات في الوطن العربي أحد أبرز إنجازات مرحلة ما بعد الاستعمار .وبالتالي فإن سعي الزعماء العرب لتوريث أبنائهم مقاليد السلطة بعد ( عمر طويل ) يتناقض كليا مع الشعارات التي رفعوها في سنوات حكمهم الأولى من جهة ومن جهة ثانية يكرس حالة ذوبان الدولة في شخص واحد  وربط مصير شعب بأكمله بما يقرره ( الحاكم المطلق) الذي يمتلك جميع الصلاحيات ، وما يمكننا القول هنا بأن مبدأ التوريث يعني في ما يعنيه الجيل الثاني من المستبدين العرب .من هنا نجد بأن الثورات الشعبية العربية انطلقت من مبدأ وشعار لا للتوريث ، ثم توسعت وكبرت هذه الشعارات لتصل إلى ما وصلت إليه في يومنا هذا ، وحققت في تونس ومصر هدفها الأول في إزالة النظامين ورموزهما والتأسيس لدولة جديدة بحكومة جديدة .و الحكومات العربية التي جاءت بعد تهاوي الأنظمة الشمولية ستعاني كثيرا في بناء المجتمع تمهيدا لبناء الدولة الحديثة ، عملية البناء هذه تحتاج لسنوات عدة ، خاصة وإن الأنظمة الشمولية حين تتهاوى ، تتهاوى معها منظومة كاملة من ركائز الدولة الأمنية سواء الأجهزة الأمنية وما أكثرها ، المنظومة الثقافية وإعلام الدولة المهيمن ، ناهيك عن الآثار التي تنجم عن حل وتغيير وإلغاء الكثير من المؤسسات الحزبية وما يترتب على ذلك من تداعيات اجتماعية وأمنية  على المجتمع، ولنا في التجربة العراقية ما يجعلنا ندرك هذا بشكل كبير .وتبرز في ذات الوقت دفعة واحدة تراكمات أخطاء وسياسات الأنظمة الشمولية في ما يتعلق بالتغييرات الديمغرافية للسكان ، انتهاكات ومصادرة الحريات لعقود طويلة ، البحث عن مفقودين منذ سنوات ، مصادرة الملكيات الخاصة لأسباب متعددة ، الهيمنة الاقتصادية على موارد البلد ، يضاف إلى ذلك كله ما تتركه هذه الأنظمة من ديون مستحقة الدفع لدول عدة .لذا فإن مرحلة بناء الدولة الجديدة كما قلنا تحتاج لوقت طويل ، لكنها تحتاج في نفس الوقت لاستقرار أمني وسياسي وإعلامي في البلد، ومن شأن هذا أن يوفر الأرضية الملائمة للإصلاحات المطلوبة لأن تتحقق وأن أي تعكير  أمني وسياسي من شأنه أن يجعل مدة الإصلاحات المطلوبة تكون أطول وربما لن تتحقق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تغيير جذري في قرعة دوري أبطال أوروبا

النقل العام في العراق.. حل مؤجل لازمة دائمة

بالصور| تشييع جثامين شهداء الحشد الشعبي الذين ارتقوا أثر القصف على شمال بابل

مع الاغلاق.. أسعار الدولار تستقر في بغداد وترتفع باربيل

النزاهـة: كـشف مخالفات بعقـد قيمته (٤,٥) مليارات دينار في كربلاء

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram