اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > التناص مع الحكاية الشعبية في مسرحية (المفتاح) ليوسف العاني

التناص مع الحكاية الشعبية في مسرحية (المفتاح) ليوسف العاني

نشر في: 17 ديسمبر, 2012: 08:00 م

 أهم من أسّس لمصطلح التناص  (كريستيفيا ) ، التي ترى أن (التناص قانون جوهري، إذ هي نصوص تتم صناعتها عبر امتصاص، وفي الوقت نفسه هدم النصوص الأخرى للفضاء المتداخل نصيا، ويمكن التعبير عن ذلك بأنها ترابطات متناظرة (Alter- Jonetons) ذات طابع خطابي).
نلمح التناص في مسرحية (المفتاح) للكاتب يوسف العاني، إذ وظّف الحكاية الشعبية باستدعاءٍ درامي مغاير لما يـُكتب:
( حيران: (يدخل راكضا) ماذا ؟
حيرة: وجدت الطريق
حيران: أي طريق ؟
نوار: (يدخل أيضا..)
حيرة: الطريق الذي يوصلنا إلى الضمانات، نروح إلى عكا
حيران: حيرة ماذا أصابك ؟
حيرة: الحكاية.. الحدوثة تقول هكذا...)
ويصف الناقد ياسين النصير هذا التوظيف الشعبي بقوله:  (وكان يوسف العاني من أوائل من استخدم الحكاية بطريقة متينة متميزة في مسرحية (المفتاح) معتمدا على حكاية شعبية معروفة لدى شعوب المنطقة العربية كلها: تبتدئ الحكاية يا خشيبة نودي نودي وديني على جدودي ، وتنتهي بالبحث عن المفتاح وقد قدم معاني هذه الحكاية بطريقة رمزية شاعرية بشخصين عقيمين هما بالضرورة لواقع اشمل وأوسع ، أراد ان يؤكد فيها استحالة الموت الفكري في عزّ الظهيرة كما يقولون).
ويرى بروئيف أن هناك سمات مشتركة بين البطل في الأدب الشعبي والبطل الايجابي، إذ يعيش كلاهما للجماعة وفيها (1)
 ومن شأن اختيار العاني للإبطال الشعبيين، أن يعطيه مكسبا كبيرا، إذ أن هؤلاء وكما يذهب بروئيف لا يمكن ان يعيشوا على هامش الحياة؛ ذلك لأنهم يشعرون في أعمالهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه المجتمع. (2)    
تسير أحداث المسرحية على وفق الحكاية الشعبية، وليس العكس، وهنا تكمن المفارقة، إذ يصور الكاتب الرمز والإيحاء للصراع القائم بين الإنسان والواقع من خلال توظيفه التراث، كما يصف النصير هذا التوظيف بقوله:
 (لجأ العاني إلى طريقتين في توظيف التراث، طريقة الإفادة المباشرة الحرفية من التراث، وطريقة المزاوجة بين تسجيل التراث وتطويعه. وتأثر في ذلك بمنحنى مسرح التسلية والترفيه المصطبغ بروح المسرح الهزلي والارتجالي حيث تبرز الفكاهة الشعبية بحدتها وعنفها ولوذعيتها وحرفيتها).
وكذلك تتناص المسرحية مع رحلة الشقيقين (تيلتيل، ميتيل) في نص مسرحية (الطائر الأزرق) لـ (ميترلينك) ومقابلتهما للأجداد في العالم الآخر، والفارق بين حياتهما الأرضية والسماوية ، ويقوم الأجداد بدور (المانح) على وفق مسميات (بروب) إذ يقدمون الصندوق والكعكة للزوجين (حيرة وحيران) بشرط عدم فتح
الصندوق حتى ولادة الطفل، إلا أن عملية (المنح) لا تكتمل إلا بوجود (مفتاح الصندوق) وإلا يصبح دون فائدة تذكر، ولكن سعى الزوجان (حيرة وحيران) مع (نوار) في البحث عن المفتاح، وهو ما تشترطه (الحكاية / الأغنية) (3)
وبذلك يمكن لنا عدّ مسرحية (المفتاح) مسرحية متكاملة من خلال البعد الفني ، الذي أسس له العاني بصياغته الرصينة والمترابطة بين الشكل والمعنى ، كما اعتناءه بجانبي الأسلوب والفكرة التي نجح بإيصالهما إلى المتلقي بشكل رمزي ، مما خلق لغة مشوّقة ، إيحاءً منه لنقد الواقع بوصفه واقعا عقيما .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram