TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الروح وسحر الإدراك

الروح وسحر الإدراك

نشر في: 25 إبريل, 2011: 07:36 م

الكتاب:غبار الروح                        المؤلف: نيكولاس همفريترجمة:عبد الخالق علي تقول ماري ميكلي من الغارديان البريطانية ان نيكولاس همفري  اكثر انسانية و طرافة من الكثير من علماء النفس. انه ايضا يستحق الشكر لأنه ساعد، في السبعينات، في تبديد مؤتمر السلوكيين الذي ظل يناقش الإدراك خارج نطاق العلم. كان اقتراحه ان فكرة الإحساس  قد نشأت أساسا ليس لحل المشاكل العملية،
و انما لتطوير الكياسة الاجتماعية بين الحيوانات التي تعيش معا. هذا الحديث أكد للعلماء بأن هذا موضوع  محترم و ان الخلافات بشأنه قد أثيرت  برحابة صدر منذ القدم. كان مدخل همفري الى هذا الموضوع غريبا نوعا ما. لقد استخدم هذه الحاجات الاجتماعية لتفسير ليس فقط سبب استمرار الإدراك بالتطور، بل أيضا سبب ظهوره أصلا. مع ذلك، كيف تمكنت الحاجات الاجتماعية – التي لا تزعج النباتات – ان تزعج المخلوقات  غير المدركة أصلا؟. ان افتراض همفري الغريب، في ان هذه الحاجات لا تزال تزعج المخلوقات، يستحوذ على هذا الكتاب الذي يدّعي فيه بأنه وجد أخيرا حلا " لمشكلة الإدراك العويصة ". أما السؤال عن كيفية وجود حياتنا الذهنية في عالم  المادة، فان ذلك موصوف في العلوم الفيزيائية. (انه الآن يستخدم كلمة إدراك ليعني فقط كثافة الشعور الذي يميّز البشر، أما و انه لايزال يدّعي بانه وجد حلا لمجمل "المشكلة العويصة "، فان الأمر يختلف). انه لا يحاول إعادة التفكير بأسئلة العقل/ الجسم المطلوبة لحل تلك المشكلة. ان إعادة التفكير ستحتاج الى التركيز على مفهوم المادة نفسها. المادة لا تزال في الغالب شيء نتخيله – باسلوب القرن السابع عشر – على انه جوهر سلبي لا حركة فيه، و انما يتحرك فقط بتأثير خارجي. بما ان هذا الرأي صممه العلماء ليتركوا مجالا للخالق لكونه مصدر كل انواع النشاط، فمن الطبيعي ان يصبح هذا الرأي غير قابل للعمل به اذا ما رفع الخالق يده عن الموضوع. الجوهر الذي لا حركة فيه ما كان يستطيع ان يخلق  البلورات و المجرات و البراكين – و فوق كل شيء – الكائنات الحية التي نشأت من وجباتنا الأصلية التي هي مادة فيزيائية. بعد هذه الانجازات  المذهلة، لماذا يبدو مفاجئا ان المادة تسمو بالأشياء عن طريق اضافة الإدراك اليها؟ نحن بحاجة الى الاعتراف بان المادة قد أثبتت انها مبدعة بما يكفي لتفعل كل هذه الأمور. و بما ان الفيزيائيين لم يعودوا يحكموا بان المادة لا حركة فيها، فان ذلك لم يعد صعبا جدا. و حتى يتم توضيح هذه النقطة فان المشكلة " العويصة " تبقى بدون حل. الكثير من الناس اليوم يتحاشون ذلك، او انهم يقولون ان الذهنية هي شيء وهمي، كما يفعل السلوكيون. آخرون يريدون ان تؤخذ تجربتهم مأخذ الجد، و هم يجدون ان جهد الاعتقاد بعالم مكون من مفعول بدون فاعل هو جهد لا يستحق الاستمرار به. لذا فانهم يعترفون بان لديهم " مشكلة إدراك". مع هذا، لا يزال همفري يحكم بان هذا الإدراك اليومي هو في الحقيقة وهم. يبدو انه لا يلاحظ بان الأوهام تكون مستحيلة ما لم يكن هناك شخص يتم إيهامه. انه يرى مشكلته هي ببساطة مشكلة تثبيت الموجودات غير الحقيقية التي نعتقد اننا نراها و نسمعها في العالم  الحقيقي الوحيد الذي هو بالطبع العالم الذي يذكره العلم. انه يقول ان التجربة هي إدعاء و " عرض سحري للغموض " يمده الدماغ، ذلك المنتج المسرحي  المعروف جيدا. لقد تطور الإدراك لكي يجعل حياتنا أكثر إثارة و بهذا فانه يعطينا روحا تحركنا الى جهود تحسّن منظور بقاءنا. " ارض الروح هي إقليم من أقاليم النفس.. و هي مكان يجعل فيه الباطن السحري للعقل البشري نفسه محسوسا.. حيث تبدأ مطالب النفس ترقى الى مطالب الجسد ". اذا ما ثبت ذلك، فان هذه الحالة الواهمة و الممتعة في نفس الوقت تنثر غبار الروح على الموجودات غير الحقيقية التي نعتقد اننا نراها، مما يفسر الغبطة التي نعتقد اننا نستوعبها متصورين باننا ندرك تلك الموجودات.(معظم الكتاب ينشغل باقتباسات طويلة كي يبين الدرجة العالية التي يقيّم بها البشر إدراك الإحساس). إذا لم يكن كل هذا مقنعا، فلأنه فعلا غير مقنع. الخطأ الكبير هنا واضح جدا: اقتراح بعدم وجود شيء حقيقي عدا ما تخبرنا به العلوم الفيزيائية. في الواقع، و كما يعرف العلماء الجادّون، ان تلك العلوم مدينة في نجاحها الى تركيز العيون الثاقبة على الكثير من الأسئلة المحددة المعروفة، لذا فانها لا تهدف الى ذكر كل الحقيقة، و هي نادرا ما تتنافس مع إدراكنا المباشر. عندما ننظر إلى قطعة من الطماطم فاننا لا ننظر – كما يصر همفري و آخرون – الى موجود غير حقيقي، " تمثيل " مزيف من قبل جامعاتنا. نحن نرى الطماطم نفسها بالطرق الخاطئة التي تسمح بها  هيئاتنا و ثقافتنا. بالتأكيد ان لونها الأحمر هو ليس ما يكتشفه الكيمياويون اذا ما فحصوا سطحها، لكن عند ذلك سيسألون عنها أسئلة مختلفة تماما.في الحقيقة اننا نعرف هذا العالم الغني و المعقد بعدة أشكال المهم من بينها العلوم الفيزيائية، الا ان تجربتنا المباشرة اكثر اهمية. يزعم همفري بأننا يجب ان نحتمل زيف إدراكن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram