اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حق الحياة.. نحو مفهوم دستوري جديد

حق الحياة.. نحو مفهوم دستوري جديد

نشر في: 26 إبريل, 2011: 05:41 م

غالب حسن الشابندر(1)تسالم رواد الفكر القانوني والحقوقي على اعتبار حق الحياة من الحقوق الطبيعية ، أ ي حق مـتأصل، يفرض نفسه بداهة وحضورا، ولا يحتاج الى اجتهاد، فيما هو مثلا حق التملك عند بعض الباحثين وأهل النظر والفكر القانوني، ولذلك تنص كل الدساتير الحديثة على حق الحياة بمعية حق الحريةوالأمان، باعتبارها ثالوثا بدهيا، متأصلا، فكأنما هناك 
إقرار فطري بهذه الحقوق، ومن هنا سميت بالحقوق الطبيعية، أي ليست من إفرازات المدنية وتطور الفكر البشري، ربما هذه الحقوق هي مصدر الحقوق المدنية بشكل وآخر، لأنها منبع الإفاضة او الاستنطاق والتخريج  والتفريع للحقوق الأخرى، فالحياة بداهة مفرطة بالحضور بلا فضل من أي مخلوق على مخلوق، والحرية شعور وجداني نحس به من الأعماق، والأمن ضرورة يطلبها الإنسان فطريا وغريزيا دون أ ن ينظر لهذا الحق ، وإ نما يمارسه بنفسه ومن دون نصيحة أو تشريع أو إملاء .الحق في الحياة هو الأوسع والأعمق حضورا،  فلا حرية ولا أ من بلا حياة، لا حرية موضوعيا ولا أ من موضوعيا بلا موضوعية الحياة ، ومن هناك كان الإصرار على تسجيل هذا الحق بداية، بل هي المدخل، مهما كانت هوية الدساتير والقوانين، ولعله في ضوء  هذه التصورات هناك الدعوات الملحة التي تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام، وتجرم بشكل صارم الإجهاض والإسقاط،  ذلك إن حق الحياة شيء معطى، شيء بدهي كونيا ، وجوديا، وقد  كرس القران هذا الحق بعبارة بل بمعادلة جميلة، تدل على عمق الرؤية القرآنية للحياة، فمن يقتل نفسا بلا  ذنب كأنما قتل الناس جميعا، والعكس بالعكس، الأمر الذي يعطي للحياة معنى شموليا، بل هو الإنسانية بحد ذاتها، فمن يقتل إنسانا بلا ذنب يقتل الإنسانية، وعلى هذا المنوال ما يروى عن النبي الكريم قوله، وقوله حق (الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيان الله) فإن حق الحياة ينبع من قرار الله بإيجاد الإنسان ، الإنسان شاهد على الله، شاهد على قدرته ورحمته ووجوده قبل كل  شيء، فحق الإنسان بحياته يعني ديمومة الحضور الإلهي بشكل وآخر، أي بصرف النظر عن فلسفة هذه الديمومة ومعناها.(2)حق الحياة لكل إنسان، بلا تمييز ،مهما كانت مبررات هذا التمييز، سواء كان اللون أو اللغة أو العنصر أو الدين أو المذهب،  ومهما  استجدت من مبررات أخرى على هذا الصعيد، فلم تكتب الطبيعة الحياة أو تؤصلها لنوع دون آخر، لا توجد حياة أصيلة وحياة طارئة، لا توجد حياة بلغة ومقياس الجوهر ، وحياة بلغة ومقياس العرض، بل الجميع يوهبون الحياة من خارج الإرادة الأخرى سوى إرادة الرب سبحانه وتعالى.ومن هنا كان الإطلاق الواضح في النص القرآني، من قتل نفسا، وليس من قتل عربيا أعجميا، ليس من قتل صغيراً أو كبيرا، ليس من قتل حرا  أو عبدا، وبالتالي يجب أن نعطي المزيد من الاهتمام لذلك الفقيه الذي ساوى العبد بالحر، ولم يفضل احدهما على آخر في الدية والأحكام  في خصوص دية القتل وأحكامه وشرائعه ، فان التمييز في هذه التضاعيف يتعمد بشكل صريح وسافر سريان الحقيقة الواحدة في مخلوقات الله البشرية ، وصدق الإنسانية على  أفرادها لا يخضع لسنة التشكيك بل هو صدق متواطئ، استعين هنا بالمنطق الأرسطي وهو يتحدث عن أشكال صدق المفهوم على المصداق، حيث حصرها بين المتواطئ والمشكك، فزيد  إنسان وعمر إنسان وجونسون إنسان، والمفهوم ينطبق بالتساوي على هذا وذاك.(3)لكل فرد أو إنسان أو مواطن حق الحياة أو الحق في الحياة ؟احدس ان الصياغة الثانية اعمق وأغنى ، فحق الحياة ربما يوحي بالمعنى الضيق للحياة ،اي الجنبة البايولوجية البحتة ، فيما الحق في الحياة يرسم لنا طريق الحياة ، وطريق الحياة غير الحياة ذاتها، نحن لا نريد أن نعيش ، وإ نما نريد أن نحيا ، ونعيش لنحيا لا نحيا لنعيش ، والحق في الحياة مسيرة هائلة من المفاهيم ، وكلنا نعلم أن المفاهيم هي صلب الفكر والفلسفة ،وما يترتب على ذلك ، أن الحق هنا متعلق بطريق الحياة وليس الحياة صرفا ، حق الحياة بمعناها الواسع ، العميق، الحياة كصيرورة وليس كينونة نهائية، وفيما أريد أن أتكلم بلغة قريبة من الفلسفة، الحياة أحيانا نتعامل معها كجوهر، اي ثبات، قرار، وأحيانا نتعامل معها كسلوك، اخذ وعطاء، إنتاج، أبداع، كرامة، عزة، شرف، والحق في الحياة إنما يفرز هذه المعاني أكثر من  حق الحياة ، فدعونا نقول لكل فرد الحق في الحياة، كي نؤسس لمعنى أعمق لهذا الحق، ومتعلقة، أي الحياة، وهل ننسى أن الحق في الحياة هو الذي يؤسس لحق الملكية وحق الاستقرار وحق الأمان وحق المساواة وحق الثورة على الظالم وحق تكوين  الأسرة وحق العلم وحق البيع والشراء، فيما حق الحياة مجردا قد لا يفرز كل هذه المقتربات الحية الثرية الرائعة البناءة.لكل فرد الحق في الحياة...ولكن الحياة ليست معطى بايلوجيا فقط ، بل الحياة هي الخير، هي الحركة، هي العطاء، فالحياة ليست معطى بايلوجيا صرفا، هذا مفهوم طبيعي للحياة، فيما نريد مفهوما فلسفيا للحياة، مفهوما حضاريا، والحق في الحياة المشار إ ليه ينبغي أ ن يكون بهذه السعة العميقة الشفافة .هذا يستدعي أن نراجع ما يطرأ على الحياة من معان  عبر حركة التاريخ ، كي يكون موضوع حقها بلحا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram