انتفاضة الحيّ عام 1956
كان للموقف السلبي للحكومة العراقية من أحداث مصر إثر العدوان الثلاثي ، فضلا عن النزعة الثورية التي شملت العراق كله في الخمسينات من القرن المنصرم والصراع بين القوى الإقطاعية المدعومة من السلطة والحركة الفلاحية المتأججة ، الأثر الكبير في اندلاع انتفاضة مدينة الحي عام 1956 .
بدأت حركة مدينة الحي منذ أن سمع الأهالي فيها العدوان على مصر ، غير أن إعلان الأحكام العرفية في عموم العراق في ( ا تشرين الثاني) ، أجّل قيام الحركة ، ثم طرق أسماعهم حصول تظاهرات الطلبة ببغداد وتعطيل الدراسة فيها ثم انفجار الانتفاضة في النجف ونزول الجيش إلى المدينة المقدسة ، ثم كان اعتقال كامل الجادرجي وتقديمه إلى المحاكمة . وبدأت انتفاضة الحي بالإضراب العام فيها ، ثم اندلاع التظاهرات وتصادمها مع الشرطة وكانت الغلبة للمتظاهرين وانسحاب الشرطة إلى مراكزها . وعندما جاء مدير الناحية لتهدئة الأوضاع أساء العبارات مع الأهالي وهددهم باستعمال القوة . وفي مثل هذا اليوم من عام 1956 جاءت تعزيزات كبيرة للحي بلغت أكثر من 1500 شرطي ،ودخلت في معركة عنيفة مع الأهالي قتل فيها من قتل واعتقل من اعتقل ، ثم جرت محاكمة عدد من الموقوفين فحكم على اثنين منهم بالإعدام شنقا وهما عطا الدباس وعلي الشيخ حمود ونفذ الحكم علنا في وسط المدينة . لقد كانت انتفاضة الحي نقطة فارقة في تاريخ الحركة الوطنية الشعبية في أواخر العهد الملكي ، وكانت من الأسباب الكثيرة التي دفعت الشعب للالتفاف مع ثورة تموز 1958 منذ الساعات الأولى للثورة .