اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > عودة "بير غونت" إلى خشبة المسرح الروسي بعد غياب طويل

عودة "بير غونت" إلى خشبة المسرح الروسي بعد غياب طويل

نشر في: 1 مايو, 2011: 05:09 م

عبد الله حبه موسكو قدم مسرح "لينكوم" بموسكو الذي يعتبر من مسارح الطليعة في روسيا رائعة الكاتب النرويجي هنريك ابسن "بيرغونت" بعد غياب عقود طويلة من السنين عن خشبة المسرح الروسي. وقدمت خلال الفترة السابقة في المسارح الروسية مسرحياته الأخرى مثل " بيت الدمية" و" الاشباح" و" البطة البرية" وغيرها ذات المواضيع الاجتماعية والانسانية الجريئة . لكن " بير غونت" تختلف عنها تماما واعتبرها النقاد بداية التيار الوجودي في المسرح حيث تعكس الصراع بين الواقع والمثال الذي يصبو اليه بطل المسرحية بير غونت الذي غادر وطنه للبحث عن الحقيقة وهدف الحياة.
وقد كتب ابسن هذه المسرحية ذات الطابع الفولكلوري والرومانسي في عام 1967 في اثناء وجوده مع عائلته في ايطاليا واعتبرت آنذاك شيئا غريبا على المسرح الذي سيطر عليه الاتجاه الميلودرامي او الكوميديا المبتذلة لتسلية الجمهور. وقوبلت بهجمات النقاد والاوساط الثقافية ووصفها هانز كريستيان اندرسن صاحب الحكايات المعروفة بأنها خالية من المغزى.وبمرور الزمن تغير الموقف من المسرحية واعتبرت البطلة سولفيج رمزا للأمومة والمرأة الوفية التي انتظرت حبيبها طويلا. وما ساعد على زيادة الاهتمام بهذه المسرحية ان المؤلف الموسيقي النرويجي الشهير ادوارد جريج كتب بطلب من ابسن الموسيقى من اجل عرض المسرحية، وفي ما بعد صارت المسرحية تقدم بشكل اوبرالي. وعرضت في عام 2006 عند نصب ابي الهول في الجيزة بمناسبة الذكرى المئوية لمولد الكاتب . وحضرت العرض ملكة النرويج. أما في روسيا فقد قدمت في عام 1912 على خشبة مسرح موسكو الفني بإشراف فلاديمير نيميروفتش دانشينكو أحد مؤسسي هذا المسرح الى جانب قسطنطين ستانيسلافسكي، بالرغم من عدم تحمس الاخير لها. وقام بتصميم الديكور للعرض الفنان الكبير نيقولاي ريريخ. ولم تقدم المسرحية مرة اخرى إلاّ في جمهوريات البلطيق ومرة واحدة في لينينغراد( بطرسبورغ حاليا) في مسرح بوشكين الدارامي في عام 1980. وتعتبر " بير غونت" من المسرحيات الخالدة  مثل "هاملت" شكسبير التي يقدم كل جيل تفسيره لها. علما ان اخراجها للمسرح يقترن بصعوبات كبيرة اولها الحفاظ على الصبغة الفولكلورية والعالمية في آن واحد لهذه المسرحية وكشف الافكار الدفينة فيها.واليوم عمد مارك زاخاروف كبير مخرجي مسرح " لينكوم" بموسكو الى تقديم العرض المسرحي بشكل مبتكر معاً مع مخرج الباليه اوليج جلوشكوف. وكان العرض مزيجا من الرقص والغناء والموسيقى والاداء الدارمي. ونجد الممثلين بأزيائهم الوطنية النرويجية يرقصون ويغنون ويقومون بألعاب بهلوانية على هياكل الديكور المبتكر الذي يتألف من مكعب دوار تفتح فيها الابواب والنوافذ. ومما يكسب العرض قيمة كبيرة ان جميع الممثلين من الشباب الذين أفلحوا في خلق جو احتفالي تقدم خلاله افكار المؤلف عبر احداث المسرحية التي تجري في وادي غودبران في النرويج والجبال المحيطة وعلى ساحل البحر في المغرب وفي مستشفى المجانين في القاهرة ، ومن ثم في البحر وبعدها يعود البطل ثانية الى النرويج. وتجري الأحداث كافة منذ ان يهرب من قريته بعد اختطاف البطل لعروس رجل آخر، ثم تركها ليجوب الآفاق ويلتقي ثلاث راعيات متعطشات الى الحب : المرأة ذات الرداء الاخضر  وابنة الجد  دوفر التي اراد ان يتزوجها والمرأة القبيحة المنظر بييغن. وعاش بير بعيدا عن وطنه عدة اعوام ومارس مختلف المهن منها:  الاحتيال في ميناء في المغرب والتجول في الصحراء والوقوف عند ابي الهول وتولي زعامة احدى القبائل البدوية حتى  تتويجه إمبراطوراً في مستشفى المجانين. ولدى ركوبه البحر تحطمت السفينة ونجا من الموت بإعجوبة. ويلقى في ما بعد بائع الازرار الذي اراد صهره مع أشياء اخرى لمعرفة متى كان بير غونت على حقيقته.وقال المخرج زخاروف عن بطل مسرحيته :" لقد كتب البعض عن هذا البطل انه يحمل افكار الوسطية. لكن هذا تفسير سطحي  لا يليق بالبطل – المعجزة والفذ وفي الوقت نفسه العادي وحتى المألوف لدينا الذي ابدعه قلم ابسن. وتكمن في بير غونت ليست الحماقات فقط ، وهو لا يحيا بالتداعيات الفلوكلورية فقط ، بل توجد فيه الجرأة والجسارة  ، والفظاظة والاستكانة الوديعة في آن واحد. لقد قدم ابسن الى العالم إنساناً يشبه بطل تشيخوف الذي يصعب جدا تحديد – من هو . وعندما بدأت حياتي كمخرج ثمنت وتغنيت بـ " الانسان البسيط".أما الآن فيبدو لي اننا جميعا  تقريبا نعيش معاً مع دوستويفسكي وبلاتونوف وبولجاكوف وغيرهم من عظام الكتاب المتنبئين الذين ادركوا الحقيقة او اقتربوا منها وهي انه يوجد حولنا اناس غير بسطاء جدا حتى لو تظاهروا بأنهم اذلاء لا ارادة لهم اوكائنات بدائية او وحوش غريبة الخلقة". ويعتقد الفيلسوف الروسي  نيقولاي بيرديايف " ان "بير غونت" هذا الابداع العظيم لأبسن لم يحظ بعد بالتقييم الكافي. فان موضوعا عالميا ألبس ثوب حكاية شعبية نرويجية. ويمكن ان نقارن " بير غونت"  من حيث الأهمية بـ" فاوست" لغوته . إنها مأساة عالمية تجسد  الفردية وشخصية فرد.  وانا لا أعرف عملاً آخر في الادب العالمي تصور فيه بهذا الشكل الفردية وشخصية الفرد... ولعل اقوى شخصية في " بير غونت" هي شخصية سولفيج التي تجسد إخلاص المرأة وتضحياتها من اجل الحب. فقد بقيت سولفيج طوال حيات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram