TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مطلوب وقفة مراجعة جريئة تستلهم دروس الماضي

مطلوب وقفة مراجعة جريئة تستلهم دروس الماضي

نشر في: 7 مايو, 2011: 05:53 م

طارق الجبوري الى فترة ليست بالبعيدة كان العالم ينقسم من الناحية الايدولوجية الى كتلتين او محورين: الرأسمالية بجذورها القديمة، والاشتراكية  التي جاءت - كما يفترض- لتضع معالجات لمساوئ النظام الرأسمالي ولتبشر بعالم آخر تسوده العدالة والمساواة  سيحل على انقاض  نظام استغلالي عصفت به الكثير من الأزمات، وحول هذين القطبين كان العالم يسير ،
 حتى ان تصنيفات دوله  والى حين كانت مرتبطة بمدى القرب او البعد من هاتين الكتلتين ورمزهما، حيث كانت بريطانيا تقود النظام الرأسمالي ممثلاً بدول اوروبا الغربية قبل ان تتبوأ اميركا  مركز قيادته، في حين صنفت دول اخرى بالاشتراكية التي كان يحمل لواءها الاتحاد السوفيتي .. ورغم محاولات بعض الدول لتشكيل قطب يبتعد عن صراع المعسكرين، هذه المحاولات أسفرت عن تشكيل ما سمي دول عدم الانحياز كنتيجة لمؤتمر باندونغ عام 1955الذي حضره زعماء 55، أبرزهم تيتو ونهرو وعبد الناصر ، نقول رغم تلك المحاولات الجادة في بعض الاحيان إلاّ أنه من الصعب الجزم ان هنالك حياداً مثالياً قد تحقق خارج هيمنة دول المعسكرين في انظمة دول عدم الانحياز لاسباب كثيرة لامجال للتفصيل فيها الآن . ووسط كل ذلك كان العملاق الصيني ، رغم ما مورس ضده من ضغوط  ،  قد اخذ يفرض حضوره وتأثيره وايدلوجيته الاشتراكية المغايرة لفلسفة الاتحاد السوفيتي ، بل تمكن من ان يفرض نفسه وينتزع له مقعداً في مجلس الامن .وسط كل تلك الاجواء المشحونة بالتوترات والصراعات الباردة والساخنة ، كانت تتبلور منظومة الاحزاب والحركات العربية  ليبشر قادتها ، الذين كان اغلبهم ممن تلقوا تعليمهم في الخارج  او من المثقفين والمتابعين للحركات الفكرية في العالم، بنظريات بقيت اسيرة التيارات الفكرية التي سادت العالم . واذا كانت الاحزاب الشيوعية قد عبّرت صراحة عن ارتباطها بالفكر الماركسي وبمنظومة الدول الاشتراكية ، فإن الأحزاب والتيارات القومية كانت على الضد من ذلك وترفع شعارات الاستقلال الايدولوجي عن الغير، رغم انه ليس لذلك من أساس على ارض الواقع، فلا يمكن لأي فكر، ومهما امتلك من خصوصية ،أن يكون منعزلأ عن بقية التيارات الفكرية في العالم سواء الرأسمالي او الاشتراكي، ولابد من ان يتأثر ويؤثر ويتفاعل بشكل أو آخر مع غيره من التيارات الفكرية السائدة. وهكذا سيطرت التيارات الفكرية اليسارية والقومية بمختلف مشاربها على ساحة العمل السياسي، لتزيج عنها أحزاباً تقليدية سابقة او لتكون امتداداً لبعضها، ولكن بأقنعة ووجوه وطروحات تتناسب ومرحلة المد التحرري ودعوات الاستقلال من الاستعمار. وكان القاسم المشترك الذي يجمع اغلب تلك التيارات هي شعارات التحرر من الهيمنة الاستعمارية  وتحقيق الاستقلال، الذي ما ان تحقق تحول اتجاه تلك الاحزاب الى هدف آخر هو تغيير انظمة الحكم بالقوة  لتتمكن من تحقيق برامجها سواء في التحرر السياسي التام او الاجتماعي أو الاقتصادي . ولظروف عديدة كان العسكر هم ادوات التغيير الرئيسية في الغالب كما حصل في مصر والعر اق وسوريا وليبيا واليمن والجزائر ، وانقسمت المنظومة العربية تبعاً لذلك الى معسكرين لاثالث لهما، الأول  ما كان يطلق عليه ( التقدمي ) التي كان اغلبها بفعل انقلابات قادها الضباط الاحرار ، والآخر محافظ او ما كان يسمى بالرجعي  بحسب مصطلحات الادب السياسي السائدة آنذاك . ومنذ ذلك الحين ، ورغم كل المواثيق والاتفاقات بما فيها اعلان الجامعة العربية عام 1945 ، ساد المحيط العربي حالة شاذة سمتها الصراع والتجاذبات وتخوين الانظمة احدها للآخر ، حالة صارت هي قاعدة العمل حتى بين الانظمة التي رفعت شعارات التقدمية عالياً  ودفعت ثمنها الغالبية المسحوقة من الشعوب المحرومة من أبسط حقوقها. ولم يكن من الصعوبة الفرز بين معسكرين متصارعين في واقعنا العربي: معسكر رفع شعارات القومية والتقدمية ، وهو بعيد عن الحد الادنى منها ، وآخر مناقض له تماماً في الفكر والهدف والعلاقات ، كان مركز تفاعل الاتجاهات في الاول هو مصر عبد الناصر بشكل خاص وسوريا والعر اق ، في حين كانت السعودية  مركز ثقل الثاني وعنوانه تليها بدرجات، وبحسب الظروف المغرب والكويت والاردن بعض الشيء . هذه هي صورة واقعنا العربي بعد الاستقلال والتي تفرض العديد من التساؤلات عما تحقق للمواطن بعد كل تلك السنوات المريرة  التي دفعنا فيها كمواطنين تضحيات ليست بالقليلة  . ونعتقد ان من حق اي مواطن في اي بلد عربي ، خاصة تلك التي رفعت انظمتها الشعارات الثورية الرنانة ان يحصل بعد سلسلة الانكسارات والهزائم على إجابات وافية وغير مستترة عن سر هذا التدهور والنكوص المهينين الذي طبع واقع المنطقة ، وعن الأسباب الحقيقية له التي حالت اوطاننا الى جحيم لايطاق .  ومن يتحمل مسؤولية كل تلك التضحيات التي وجدنا بعد حين انها ذهبت سدى، وان ما كنا نردده كببغاوات لبرامج احزابنا القومية التقدمية لم يكن غير شعارات لذر الرماد في العيون. و اين الحقيقة في كل ذلك  ؟ومتى تفيق وتصحو تيارات سياسية بقينا نلهث وراء زيف شعاراتها ، فتتخذ موقفاً شجاعاً ومراجعة نقدية ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram