بغداد/ علاء حسن خلفت عمليات الاغتيال بالأسلحة المزودة بكاتم الصوت قلقا شعبياً، ومخاوف سياسية، وسط عجز حكومي ملحوظ عن ملاحقة المنفذين، وكشف العصابات المتورطة بتنفيذ هذه الجرائم، وعلى الرغم مما تعلنه الأجهزة المختصة بقرب القضاء على الظاهرة بالقبض على عدد من المنفذين، تشهد العاصمة بغداد، ومازالت المزيد من تلك الجرائم مستهدفة مسؤولين عسكريين، وموظفين حكوميين، وآخرين غيرهم، حتى بات صوت الكاتم هو الأعلى بين الأصوات الأخرى.
ومهما تكن الجهات المنفذة سواء من الجماعات الإرهابية أو العصابات المنظمة، فان تلك الحوادث، تكشف عن خرق امني واضح، وتصفية حسابات، ولاسيما حين يكون الضحايا من الموظفين المنتسبين إلى مؤسسات معنية بإبرام عقود ومقاولات وأجهزة رقابية، ولدى هيئة النزاهة إحصائيات وبيانات دقيقة عن عدد ضحاياها الذين تم قتلهم بعمليات اغتيال خلال السنوات الماضية.رد الفعل الرسمي تجاه الظاهرة يعتمد بالدرجة الأساس على تشديد إجراءات التفتيش في السيطرات المنتشرة في شوارع بغداد، باستخدام الأجهزة الكاشفة عن المتفجرات، وهذه أثبتت عجزها عن كشف الأسلحة المزودة بكاتم الصوت باعتراف المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا، والإجراء الآخر بمنح مكافآت مالية لعناصر الجيش والشرطة الذين يستطيعون العثور على تلك الأسلحة، مع دعوات مستمرة للمواطنين لتزويد الجهات الأمنية بالمعلومات.ومع استمرار الكاتم في فرض حضوره في ساعات الصباح وفي شوارع وساحات مهمة داخل العاصمة، وربما على مقربة من سيطرات التفتيش، طالبت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب باستدعاء مسؤولي الأجهزة الاستخبارية أمام البرلمان للوقوف على أسباب ارتفاع عمليات الاغتيال باستخدام الكواتم والعبوات اللاصقة، وما ذكرته تلك اللجنة وعلى لسان احد أعضائها بأنها تسعى إلى إجراء تغيير جذري في الخطط الأمنية، وذهبت إلى أكثر من ذلك حينما أكدت إحالة المقصرين من المسؤولين الأمنيين للقضاء.ٍ تقف الجماعات الإرهابية وغيرها ممن تستخدم السلاح لإثبات وجودها في الساحة العراقية وراء تنفيذ تلك الجرائم، ولكنها ليست الوحيدة المسؤولة في أحداث مثل هذا الارتباك الأمني، فهناك جهات أخرى استخدمت كواتمها في تصفية حساباتها مع منافسيها، فشلت لجان التحقيق والأجهزة الاستخبارية في معرفتها، او ربما توصلت إلى معلومات عنها، ولكن الإجراءات توقفت قبل عبور الخطوط الحمر بالتهديد بسلاح يتفوق على الكاتم، حينما يكون مدعوما بدوافع سياسية.وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية بنشاطها الملحوظ والمعلن هذه الأيام، وانفتاحها على الفصائل المسلحة لحثها على المشاركة في العملية السياسية، تستطيع أن تقدم ما توفر لديها من معلومات عن اماكن ونشاط الجماعات المسلحة وأساليب عملها وتكتيكاتها للأجهزة الاستخبارية، لتأخذ على عاتقها مهمة الردع وإجهاض أية عملية أو نشاط يهدد استقرار الوضع الأمني، ربما تكون وزارة المصالحة غير معنية بهذه المهمة إطلاقاً، لأنها ترغب في تحقيق أهداف أخرى، ولكنها ممّا لاشك فيه استعانت بخبراء أمنيين أثناء خوض المفاوضات مع الفصائل المسلحة.في كل التجارب حينما تحتل أنباء المصالحة صدارة نشرات الأخبار المحلية، يستقبلها المواطنون بارتياح كبير، لان المحصلة النهائية ستكون تحقيق المزيد من الاستقرار الأمني، بنبذ العنف، وترك السلاح، والاندماج بالمجتمع عن قناعة وإيمان مطلق بالمصالحة وانعكاساتها الايجابية على الصعيد الأمني والسياسي، و في التجربة العراقية يأخذ المسار توجها معاكسا، فيزداد العنف، ويفرض حضوره على الشارع مع إعلان انضمام فصائل مسلحة إلى العملية السياسية.للكاتم دوافعه في تنفيذ عملياته، تقف في مقدمتها إثارة العنف، وتهديد استقرار الوضع الأمني، وأصحاب هذا التوجه الجماعات غير المؤمنة بالعملية السياسية، فاختارت السلاح لكونه خيارها الوحيد لفرض هيمنتها بالقوة على إرادة الشعب العراقي، وتطلعاته في ترسيخ وتوطيد العملية الديمقراطية في البلاد. أما الدوافع الأخرى للكاتم فتكمن خطورتها باستخدامه في تنفيذ التصفيات بين السياسيين، ومادامت العملية السياسية تقف على أرضية قلقة ورخوة، يأخذ التنافس فيها شكل تبادل الاتهامات، ويصل إلى حد الصراع، لحظتذاك يكون الكاتم السلاح الحاسم لصالح هذا الطرف على حساب الآخر، ولاسيما أن الأطراف السياسية وباعتراف قادتها لم تتعلم بعد الدرس الديمقراطي، ولم تفرق بين الصراع والتنافس في اللعبة السياسية، وقراراتها تصدر على مضض أو إكراه في ظل غياب تشريعات جديدة تؤسس لبناء الدولة. صدرت تصريحات من مسؤولين سياسيين تعزو أسباب بروز ظاهرة الكاتم إلى عرقلة حسم ملف الوزارات الأمنية، والتصريحات لا تشير إلى الخلاف السياسي وتداعياته على الأوضاع الأمنية، والوزير العراقي وعلى قول المتصدين للمشهد السياسي العراقي الراهن لا يمتلك عصا سحرية لتحسين أداء وزارته، واستنادا إلى هذه الحقيقة فان تراجع الملف الأمني المتمثل بظاهرة الاغتيالات لا يتعلق بالوزراء الأمنيين وإنما بتأسيس منظومة أمنية مهنية بعيدة عن التجاذبات السياسية والولاءات الحزبية، والتوجهات المذهبية، وتعزيز الأجهزة الاستخبارية بعناصر قادرة على الحصول على المعلومة وتحليلها والتعامل معها بدقة ورد فعل سريع، وفي ضوء ذلك يمكن القضاء على ظاهرة الكواتم، وإدارة الملف الأمني بإستراتيجية جديدة، وعلى الحكومة تقع مسؤولية ا
الكاتم يفضح الخرق الأمني واحتمالات استخدامه في التصفيات السياسية
نشر في: 8 مايو, 2011: 09:19 م