اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الحقائب

الحقائب

نشر في: 10 مايو, 2011: 05:07 م

محمود عبد الوهاب 1"الحقائب" عنوان مجموعة شعرية للصديق عبدالكريم كاصد ، كنتُ قد رحلتُ مع قصائدها باستجابة ممتعة . الحقائب في صيغة الجمع ، تعني أكثر من حقيبة واحدة ، ولحاملها تعني أكثر من محتقبٍ واحد ، وقد تكتسبُ الحقيبة الواحدة دلالة الجمع بسبب ارتحالاتها إلى أمكنة متعددة في رفقة صاحبها ، وبتعدد أمكنة ارتحال الحقيبة أرى أن واحدتها تعددت مجازاً ، وهذه إحدى رؤى السفر عندي ، ومن هنا تدخل الحقيبة فضاء التأويل سفراً أو هجرةً .
أنا هنا لا ألتزم بدلالة مجموعة " الحقائب " للصديق كاصد ، لكني أرتحل في أنهار السفر وفضاءاته حلماً ورؤى وحقيقة لا حدود لها في بصيرة المسافر ، لا في باصرته . حقيبة السفر تشدني ليلة السفر خشيةً كأني مقبل على مصير مجهول لا رجعة بعده .rn2وغالباً مايكون المسافر المدعو لأمر يعرفه على يقين بما سيفعله ، فالشعراء والكتاب المدعوون إلى المربد تتهيأ حقائبهم لأمر ثقافي تضم داخلها الكتاب  والمجلة والجريدة ، وربما تضم أيضاً ما يتطلبه المربد من قصائد معدّة أو دراسات مطلوبة ، فهي حقيبة ذات وظيفة ثقافية مغايرة لحقيبة المسافر الذي تقلقه ليلة السفر ، في حين يكون مدعو المربد مطمئناً لأنه على علم بما سيقدمه وما يفعله ، وعلى علم بالفضاء الأدبي الذي جاء إليه .rn3أتأمل حقيبة سفري المركونة الآن في زاوية الغرفة ، هي داكنة في لون قماشتها ، منبعجة من الوسط . في " وارشو " تماست شابة بقماشة حقيبتي عفواً ، اعتذرت الشابة كثيراً ، ونهرُ المارة يجري ،  كانت وجنتاها لفرط الخجل تتهدلان مثل عجينتين لا لون لهما ، لا تزال غمّازتاها مطبوعتين على قماشة حقيبتي ، كلّما تأملت ارتداد قماشة الحقيبة ، موضع الغمازتين ، أرى العالم بمسراته  يكمن في انبعاج الحقيبة.rn4ليس السفر ارتحالاً مكانياً ، إنه عشق العالم ، العشق الذي لا يخون معشوقه أبداً . أنت هناك في الشارع الضاجّ أمام حركة لا تنقطع ، كأن المكان رئتاك ، حقيبتي بيدي وأنا أدخل بيت " شوبان " الموسيقي العظيم ، وبيت  " مدام كوري " في وارشو ، وبيت "كافكا " في براغ . إن زياراتي تلك الأمكنة  منحت حقيبتي تاريخاً فريداً . 5-الآن ، الحقيبة مركونة أمامي في صمت كالخرس ، تحدق إليَّ كأنها تؤنّبني ، كأنها تقول إنك تقتلني . يا للرتابة من مهنة شاقة ! . وهكذا يشيخ جلد الحقيبة مثلما أشيخ ، وتكتئب الحقيبة مثلما أكتئب ، وتشعر الحقيبة باللاجدوى مثلما أشعر .     الحقائب ، مثل بعض النساء ، تستاء إنْ لم تغازلها بالسفر !. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram