كان الأستاذ كامل الجادرجي زعيم الحركة الديمقراطية قد دعي لحضور المؤتمر الشعبي العربي لنصرة مصر ضد التهديدات الغربية ، وعندما وقع العدوان الثلاثي كان في القاهرة حيث حضر الاجتماع الخاص بتنفيذ مقررات المؤتمر . ومن هناك طيّر الرسائل والبرقيات التي يستنكر فيها العدوان ، منتقدا فيها بشدة موقف الحكومة العراقية من العدوان ، وكان العراق قد تأخر في إصدار بيانه ولم يعلن وقوفه إلى جانب مصر عسكريا كما فعلت الدول العربية الأخرى .
وفي 14 تشرين الثاني 1956 أرسل الجادرجي من القاهرة برقية إلى لجنة الاتصال الشعبي العربي لمساندة مصر وإلى رئيس مجلس الأعيان اتهم فيها العراق بالسماح للنفط العراقي بالتدفق إلى حيفا لدعم دول العدوان . وما أن عاد الجادرجي إلى بغداد ألقي القبض عليه في 11 تشرين الثاني عام 1956 وقدم إلى لجنة تحقيقية ، اعترف أمامها الجادرجي بأنه هو الذي أرسل البرقية وانه كان في مصر وشاع هذا الخبر.
قررت اللجنة التحقيقية تقديم الجادرجي إلى المحاكمة أمام المجلس العرفي العسكري ، فقرر الأخير في مثل هذا اليوم من عام 1956 تجريمه والحكم عليه بالسجن الشديد لمدة ثلاث سنوات . وبقي الجادرجي سجينا إلى يوم 25 حزيران 1958 حيث أطلق سراحه بإرادة ملكية . وطيلة سجنه كانت صلته بالعملية السياسية مستمرة وزاره الكثير من كبار الشخصيات الوطنية والاجتماعية . بل إن حركة الضباط الأحرار كانت على صلة طيبة به وأخبرته بتحركاتها .