نادية الجوراني لماذا يعمد المدرسون الى تلخيص المناهج الدراسية وتقديمها للطلبة على شكل ملازم؟ ولماذا انتشرت ظاهرة الملازم الدراسية في السنوات الأخيرة حتى صارت تشمل جميع مراحل التعليم بدءاً من الابتدائية وحتى الجامعات وقد يصل الأمر الى الدراسات العليا ؟
إن التعليم في العراق أصبح يواجه أزمة شديدة نتيجة انتشار الملازم ،حتى بات ذلك يشكل خطرا لا يقل عن خطر بقية الآفات التي تنخر في جسد التعليم مثل الرشوة والفساد الاداري والتدريس الخصوصي فلقد أضحت هذه الملازم ركنا أساسيا في مسيرة العملية التعليمية في العراق وصارالطالب يعتمد عليها 100% في دراسة المناهج فقد استشرت بين الطلبة وصارت بديلا للمناهج التعليمية .ولقد احتلت هذه المشكلة المرتبة الأولى بين طلبة المدارس و الجامعات والدراسات العليا للحصول على الكتب المنهجية أو مصادر البحوث النادرة والتي تفتقراليها المكتبة العراقية ، مما جعل مكاتب الاستنساخ تنشط بشكل منقطع النظير من اجل ترويج هذه الملازم و بأسعار ترهق الطالب وتشكل عبئا جديدا وثقيلا على عائلته . و لقد تباينت الآراء حول استخدامها فمنهم من يراها ضرورة علمية مختصرة بعيدة عن الحشو الزائد من الكلمات ومنهم من يرى العكس وعن هذا الموضوع المهم التقت المدى عددا من الطلبة والمدرسين لتتبين حقيقة الملزمة ومن المستفيد الفعلي منها.سامر أياد"احد طلبة كلية الآداب/ بغداد " له رأي حول موضوع الملزمة في التعليم والذي أجاب بمرارة أن الأساتذة أرهقوا الطلبة بشراء الملزمة التي يعدونها نموذجا للتدريس في الجامعات اليوم ولم يفكروا في قدرة الطلبة الشرائية وضعف الحالة المادية والمعيشية لهم،فهم يتسابقون ويتفننون في الملزمة لا بل أصبحت تصمم على شكل كتب تتناقلها المراحل في ما بينها فالطالب الذي ينجح الى المرحلة الأخرى يتركها أو يبيعها إن صح التعبير الى الطالب الذي يأتي بعده، فانا مثلا أنفقت على شراء الملازم بحدود (70000) دينار حتى الآن وما زلت مستمرا.أما الطالبة " رشا عبد الأمير/ في الصف الثاني متوسط" فكان لها رأي مغاير لما عرضناه حيث أكدت أن المشكلة ليست في الملزمة نفسها بل أن المشكلة في المدرس الذي يعتمد بصورة رئيسة على الملزمة في تدريسه للمناهج المقررة فالمدرس يقول لنا " اشتروا الملزمة الفلانية فهي أفضل وأوضح من المنهج المقرر وفيها شرح واف ٍ ومختصر. ووصف نامق فالح مدير مدرسة " الوضع بالكارثة حين قال أن الملازم قتلت رغبة المطالعة لدى الطالب ومن النادر أن تجد الآن طالبا يقرأ كتابا خارجيا فهناك إباحية في طبع الملازم ويجب على وزارتي التربية والتعليم العالي التحرك بصورة سريعة لمواجهة هذه الإباحية فالسنوات الماضية هدمت أركان التعليم وكان إفرازاتها....الملازم . وفي تجوالنا بين مكاتب الاستنساخ القريبة من باب المعظم التقينا أبا سيف صاحب مكتب استنساخ فسألناه عن الأرباح التي يحققها سنويا فأجابنا قائلا: إن 90% من عملنا يعتمد على طباعة واستنساخ الملازم وأنا لا استطيع أن احصر اجمالي الأرباح سنويا، لكن أؤكد لك أن ما يحققه صاحب مكتب الاستنساخ سنويا يعد بكل المقاييس أرباحا جيدة جدا فهي تجارة تربح ولا تخسر فضلا عن أن هناك إقبالا كبيرا من قبل طلبة المدارس والكليات والمعاهد لا بل يشمل حتى المرحلة الابتدائية،فالطالب أصبح يعتمد على الملزمة بشكل كبير جدا وهذا ما يزيد من أرباحنا سنويا.زامل فهد، صاحب مكتبة في شارع المتنبي يقول أن أصحاب الأكشاك التي كانت تنتشر قرب بوابات الكليات كانت توفر ما يحتاجه الطالب من مصادر، إلا أنهم انتبهوا الى اشتداد الطلب على الكتاب المنهجي الذي ندر وجوده في مكتبة الجامعة، واقتربت تلك الحاجة من الأزمة، فطرح بعضهم عملية استنساخ الكتاب المنهجي على مكاتب الاستنساخ في شارع المتنبي وفي نهاية المطاف استطعنا أن نحصل على رأي التربية في هذا الموضوع حيث أكد لنا مصدر مسؤول في الوزارة أن الملزمة انتشرت هذه الأيام بصورة كبيرة بين الطلبة، وأضاف أننا نرفض تداولها بين الطلبة وان الوزارة سوف تحاسب كل مدرس أو معلم يصدر ملزمة ويبيعها للطلبة كونها أساس فشل الطالب .وللوزارة عدة طرق للحد من انتشار الملازم منها التوعية ومتابعة تدريس المدرسين والاهتمام بكفاءة المدرس وإلا فان الطالب سيبقى باحثا عن من يرشده الى النجاح بأية طريقة .
الملازم الدراسية.. ضرورة علمية أم هدم للعملية التعليمية؟
نشر في: 10 مايو, 2011: 08:41 م