إيمان محسن جاسمانكشفت النوايا التي كانت تضمرها القوى السياسية عبر تمريرها نواب رئيس الجمهورية بشكل لم يكن يمثل سوى إرادة هذه النخب التي وقفت بالضد من كل ما طرح حول النواب الثلاثة لرئيس البلاد ومدى أهميتهم أو حاجتنا نحن الشعب العراقي لوجود مناصب في بنية الدولة تكون عاملاً سلبياً في جوانب عديدة أهمها بالتأكيد ما يتعلق بالميزانية وما يترتب على استحداث هذه المناصب من تبعات
سترهق كاهل الموازنة السنوية للأعوام القادمة من جهة ومن جهة ثانية تمثل تجاوزاً كبيراً جداً على الدستور العراقي الذي نص على أن يكون للبلاد رئيس جمهورية في الدورة الثانية التي ابتدأت منذ عام ، ولكننا وجدنا بأنه تم تمرير قانون نواب الرئيس ليتم من خلاله تمرير النواب أيضاً، وهذا يترك الباب مفتوحا في السنوات القادمة لأن يتم تعديل القانون ليضاف نائب رابع أو خامس أو سادس خاصة وان العملية السياسية في العراق تسير بأجواء ديمقراطية تختلف كثيرا عما هو مألوف في دول العالم ولم تأخذ من الديمقراطية سوى تسميتها وكأن العملية الديمقراطية مختصرة على المناصب فقط!وكنا نحن أبناء الشعب العراقي نمني النفس بأن يسعى البرلمان العراقي والحكومة العراقية لترشيد الإنفاق في الجانب الخاص بميزانية المسؤولين فإذا بنا نجدهم يزيدون (الطين بلّة) وتتفتح قريحتهم للمزيد من المناصب التي أحيانا كثيرة تفصل وفق مقاساتهم لا وفق احتياجات البناء السليم للدولة الذي أهمل منذ سنوات ربما كنا نقول فيها بأن (المحاصصة) أجبرتنا على أن نتخذ هذا الإجراء أو ذاك ولكن في القاموس السياسي الآن والمتداول حتى من قبل المسؤولين أنفسهم بأننا غادرنا المحاصصة أو يفترض أن تكون العقلية السياسية العراقية قد غادرت منطق المحاصصة كما غادرها الشعب العراقي منذ سنوات وبات الآن بعيدا عن النهج هذا ، لكن على ما يبدو، بأن المسؤولين العراقيين ما زالوا لا يجدون أنفسهم إلا من خلال النظرة التحاصصية للأمور ومحاولة الإبقاء على هذا النهج طالما إنه يلبي (طموحاتهم) سواء المشروعة أو غير المشروعة .وما يمكننا أن نقوله بهذا الصدد بأن السنوات الماضية أفرزت عقلية سياسية عراقية تنظر للأمور من زاوية واحدة فقط ألا وهي ( كم سأستفيد ) و ( ماذا سأحصل)؟ وللأسف الشديد فإن هذه العقلية باتت تستخدم لهجة العنف والتهديد والوعيد للوصول لما تريده حتى لو تطلب الأمر سفك الدم العراقي وما أكثر ما سفك من دماء بريئة من أجل تحقيق غايات شخصية فئوية محدودة وجميعنا سمع التصريحات الكثيرة التي تؤكد أن عدم الحصول على هذا المنصب أو ذاك يعني جر البلاد لنفق مظلم وما شابه من تصريحات استثمرتها بعض القوى الإرهابية في العبث بأمن الوطن والمواطن .لهذا فإننا نستنتج من تصويت مجلس النواب بالأغلبية على نواب الرئيس بأن المجلس تجاهل أولاً الشعب العراقي وكبلّه بمناصب لا يمكن الخروج منها مستقبلا على أساس أنها قد تصبح عرفا سياسيا وما أكثر ما باتت أعرافا في العراق على حساب الدستور الذي يفترض أن يضمن مصالح الشعب التي هي فوق كل شيء ، الجانب الآخر يتمثل بمحاولة قادة الكتل السياسية فرض آرائهم بالقوة على ممثلي الشعب خاصة في ظل رفض هؤلاء مبدأ التصويت الالكتروني الذي يعطي حرية تامة للنائب بالتصويت وفق إرادته لا وفق إرادة رئيس الكتلة أو القائمة ، الجانب الثالث يتمثل بأن مجلس النواب سن عرفا يتمثل بالتصويت (سلة واحدة) على الأشياء التي يريد تمريرها ويدرج هذا في خانة (التوافقات) وإبعاد العراق عن (شبح النزاعات) وغيرها من المبررات التي لا يمكن أن يقتنع بها المواطن العراقي الذي ما زال ينتظر فرصة العمل ومفردات التموينية وقانون النفط والغاز وغيرها من الأمور التي كان بمجلس النواب والحكومة الالتفات إليها وتحقيقها لكي يتجاوز المواطن العراقي المحن في حياته اليومية . خلاصة القول فإن ما حدث يجب عدم السكوت عليه سواء من المثقف العراقي أو منظمات المجتمع المدني التي سيكون على عاتقها مهمة صناعة الرأي العام العراقي والوقوف بالضد من كل المحاولات التي ترمي لابتلاع الدولة والدستور ومعها حقوق الشعب.
كيف تحصل على منصب سيادي ؟
نشر في: 14 مايو, 2011: 08:29 م