كل العراقيين انشغلوا طيلة نهار الثلاثاء ومسائه بمتابعة صحة الرئيس جلال طالباني، وبموازاة مشاعر ترقب وحزن سادت مدينته السليمانية كان أشهر المعلقين على شبكات التواصل الاجتماعي يكتبون عن لحظات جمعتهم بالمناضل الذي "كان قائدا منذ عقده الثالث"، وعن مطبوعات استعاروها من مكتبته، بينما ذكرت شخصيات معروفة بمعارضتها للسلطة، انه انتزع احترام المعارضة، وان الجميع لا يزال ينتظر صدور مذكراته الكاملة كشهادة عن "تاريخ كل العواصف السياسية التي هبّت على بلدنا".
شلش العراقي الشخصية التي تكتب تحت هذا الاسم المستعار منذ سقوط صدام حسين، مقالات سياسية مليئة بالنقد الساخر واللاذع للظواهر العراقية، والتي تحظى بجمهور واسع، كتب على صفحته في فيسبوك: "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن.. تتواتر الانباء عن حراجة وضعه الصحي الخطير، من كل قلبي اتمنى له الشفاء العاجل".
وتابع: "الرجل ادى مهمة عامل اطفاء الحرائق السياسية قدر المستطاع، وحاول ان يكون رئيسا لكل العراقيين، كما اعتقد.. واذا ما حدث لا سمح الله اي مصاب، ليكن الحزن الوطني علامة على اتفاقنا، بغض النظر عن رأينا بأداء الرئيس.. مام جلال انت رئيس جمهوريتي اتألم لك حقا وانا حزين من اجلك، وسأمتنع عن اي من مظاهر البهجة اذا وقع وعد الله عليك".
ويترك شلش في ختام كلمته أمنية بأن "يمد الله بعمر الرئيس لكي يكتب لنا مذكراته التي وعد بها.. انا اثق بما كنت تنوي كتابته ففي ذاكرتك تاريخ كل العواصف السياسية التي هبّت على بلدنا".
الصحفي آسوس هردي، وهو صاحب مقال نقدي معروف في صحف المعارضة في اقليم كردستان العراق، يعتبر في حديث إلى (المدى برس) أن "فقدان شخصية ذات كاريزما كبيرة كالرئيس جلال طالباني سيشكل خسارة فادحة للعراق كما لإقليم كردستان بل ولحزب الاتحاد والوطني الكردستاني لاسيما في هذا التوقيت الحرج الذي تعاني فيه البلاد من أزمات كبرى".
ويتابع أن "طالباني يشكل عامل جمع وتوحيد فرض قبوله واحترامه على معارضيه قبل أنصاره لما يتمتع به من حنكة وحكمة".
اما نبراس الكاظمي، وهو متخصص في تاريخ العراق وباحث زائر في معهد دولي معروف ويعد واحدا من اقسى نقاد الطبقة السياسية في البلاد، فيكتب: "مام جلال ابن الشيخ حسام الدين الطالباني. رئيس جمهورية العراق. ولد بين هضاب كوي سنجق سنة 1933. نموذج فريد واستثنائي، من خلال تجربته وسيرته واسلوبه وحياته العائلية، في فلك السياسة العراقية وعلى صعيد الشرق الاوسط".
ويقول الكاظمي: "لكم ان تقيسوا اهميته الحالية من خلال مطالعة كتاب عن المشاهير العراقيين، صدر في اوائل الستينات، وتضمن صورة مام جلال وترجمة بسيطة لهذا المحامي الشاب والطموح والقيادي آنذاك. تذكروا بأن الكثير ممن يتصدرون، ويصادرون، الميكروفونات هذا الايام كانوا إما صغار السن او لم يبصروا النور، وامضوا حياتهم المهنية بين صفوف المغمورين الى حين انقلاب الزمن".
ويضيف: "سيقال الكثير بين المديح والذم لهذا الرجل، اما انا فأتذكره من خلال بضعة مواقف جمعتني به، وومضات الذكاء والدهاء في عينيه، وروح النكتة الحاضرة، والثلاث ساعات التي انزويت بها منفردا في مكتبه في قلاچولان، وانا اقلب كتبه، وثم نظرة الاسى التي يعرفها كل من احب عالم الوراقين عندما ودّع كتابا طلبت استعارته".
ويسجل الكاظمي ان "مام جلال" كان قائدا "منذ ان كان طالبا في كلية الحقوق، بل عندما بلغ الثلاثين كان يرأس الوفد الكردي الذي جلس مقابل الرئيس عبد السلام عارف في ذلك الوقت. المنصب لم يجعله قائدا، ويا ريت جيلنا الجديد من القادة الموعودين سيدركون ذلك".
كتاب عراقيون: طالباني انتزع الاحترام .. ومازلنا ننتظر شهادته على عواصف الشرق الاوسط

نشر في: 18 ديسمبر, 2012: 08:00 م