عن: الميدل ايست في مركز العاصمة بغداد جرى صبغ مقرات الشرطة باللون البنفسجي الفاقع. المصرف المركزي، الذي يحتل أهمية خاصة في كل بلدان العالم، مصبوغ بخطوط حمر. المصابيح الملونة تغطي احد جسور المدينة، مما يذكرنا بجزر هاواي. نقاط التفتيش غالبا ما تكون ذات لون وردي لاصق.
لقد نجت بغداد من الحرب الطائفية والتفجيرات الانتحارية، لكنها الآن تواجه معاناة جديدة: قلة الذوق.الفنانون والنحاتون الذين يقشعرون من كل بناية جديدة مصبوغة بالألوان اللاصقة، يلقون باللوم على عدة عوامل. من بينها الفساد وقلة ذوق المسؤولين، بالإضافة إلى العراقيين الذين يحاولون التخلص من ماضيهم الكئيب.تقول كاسيليا بيري مؤلفة كتاب فنون بغداد: "يحصل ذلك لأن العراقيين يريدون التخلص من الماضي القريب. أنهم يرون في الألوان وسيلة للتعبير عن شيء جديد، لكنهم لا يدرون أية ألوان يستخدمون. العقلية العربية هي انك عندما تمتلك البناية يمكنك أن تفعل بها ما تشاء. ليست هناك إجراءات حكومية كما في باريس او روما. إنها فوضى الألوان".على مدى قرون كانت الحكومات تسيطر على جمالية العاصمة بنفس القبضة التي تسيطر بها على الشعب. لجنة من الفنانين والنحاتين كانوا يوافقون على ألوان البنايات وعلى أماكن المزروعات. كان مظهر المدينة موحدا ومحددا – الطابوق ذو اللون البيجي واستخدام اللون بعناية، غالبا على المساجد. إلا أن اللجنة افترقت بعد عام 2003.بعد سنوات، وبعد ان بدأ العراقيون بإعادة البناء عقب خفوت العنف، لم يكن هناك من يقرر بشكل مركزي. وبدأت الألوان البراقة بالظهور، وظهرت أماكن مثل وزارة التجارة مصبوغة باللون الوردي والبرتقالي والأصفر. في مكان ما، يمكن لبغداد أن تزهو مثل دبي، لكونه بلدا غنيا ويمكن أن يضاهي الأمارات.في أماكن أخرى، المنظر لا يزال صامتا ومتمسكا بالتقاليد، لكن يبدو أن سيادة اللون الصاخب تتوسع. يقول قاسم سبتي، احد الفنانين العراقيين المشهورين "انه شيء مخز. بغداد اليوم أقبح من أي وقت مضى". يقول المسؤولون إن السبب هو عدم وجود قوانين قوية بما فيه الكفاية للسيطرة على شكل مدينة بغداد كما في السابق. المسؤولون يدّعون أيضاً بان العديد من الوكالات تستأجر المتعاقدين الأرخص وعديمي الذوق، وان التمويلات لا يتم صرفها.يقول نجم الكناني المسؤول عن التصاميم في أمانة بغداد – والذي شكل لجنة منذ عام بعد تلقيه سيلا من الشكاوى عن مظهر المدينة: "ليس لدينا ما يكفي من الروادع لمنع ذلك". قبل عام 2003 كانت مسألة الذوق العام واختيار الشيء المناسب أفضل بكثير من اليوم".موفق الطائي يلقي باللوم في تردي الذوق على أن الكثير من العراقيين الذين يقيّمون الفن كانوا أغنياء وتمكنوا من مغادرة البلاد".كما يقول سبتي "اليوم، عندما أقيم معرضا في قاعتي لا احد من مسؤولي الحكومة يحضر المعرض، بل يحضره طلاب الفن و الفنانون الآخرون. لقد توقف الاهتمام بمظهر المدينة لأن الذين جاءوا إلى مواقع المسؤولية كانوا يعيشون في القرى، فكيف لهم أن يطوروا أذواقهم؟". ترجمة/ عبد الخالق علي
فوضى الألوان تشوه العاصمة.. وفنانون: السبب قلة ذوق المسؤولين
نشر في: 15 مايو, 2011: 10:14 م