TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هجوم على الظلاميين

هجوم على الظلاميين

نشر في: 17 مايو, 2011: 05:55 م

فريدة النقاش تواكب اقتراح الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون أمام مؤتمر مصر الأول: الشعب يحمي ثورته ومن أجل دولة مدنية ديمقراطية مع وقوع الاشتباكات في امبابة بين سلفيين وأقباط بسبب ما قيل عن إعلان فتاة مسيحية إسلامها واحتجاز الكنيسة لها، وقد ثار السلفيون من أجل تحرير «الأسيرة المسلمة» على حد زعمهم ثم اتضح في ما بعد أن القصة كلها ملفقة مما يثير الشكوك حول الظهور المقلق للسلفيين بعد الثورة وأدوارهم.
قال الدكتور نور فرحات فلتبق المادة الثانية من الدستور كما هي: الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع على أن تضاف مادة أخرى تؤكد عدم تناقض تفسير هذه المادة الثانية من الدستور مع المواد التي تحصن حرية الاعتقاد في المواثيق الدولية، ويلغي اقتراح الدكتور «نور فرحات» أي تناقض- مفتعل غالبا- بين المواثيق الدولية وقيمها العليا من جهة والقيم والمثل التي تدعو إليها الديانات الإبراهيمية ومن بينها الدين الإسلامي من جهة أخرى. وقد كان رب العالمين قاطعا في دعوته لاحترام حرية الضمير والاعتقاد حين قال صراحة «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، والله وحده هو من يحاسب الناس وليس بشر آخرون، ثم نهانا سبحانه عن إكراه بشر على الدخول إلى رحاب الإيمان وهو ما يعني أن حق الاختيار بالإرادة الحرة للإنسان مكفول «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».إن الذين يفتشون في القرآن الكريم بحثا عن آيات تهدم هذه المبادئ العليا السامية إنما يصرون على أن الدين الإسلامي يقع في مرتبة أدنى من المشترك الأخلاقي العالمي، وأن الصوت الأخلاقي في القرآن إنما هو أضيق من هذا التوافق الذي توصلت إليه البشرية كلها عبر صراعات طويلة ومع ولادة ديانات وفلسفات وإنجازات حضارية كبرى جعلت منها العولمة جميعا مشتركا إنسانيا أسهمت فيه كل شعوب الأرض على الطريقة الخاصة لكل منها.إن الانشغال المجتمعي الذي تسعى الجماعات السلفية لإغراقنا فيه بإسلام هذه المرأة أو تلك أو دخول هذا المواطن أو ذاك - إلى الدين المسيحي بعد أن كان مسلما هو عمل من قبيل تحويل الشأن الخاص إلى شأن عام وصرف الأنظار عن الشأن العام الحقيقي الآن وهو كيفية حماية الثورة وتطويرها. ومن المعروف أن السلفيين وقفوا ضد ثورة 25 يناير باعتبارها خروجا على طاعة الحاكم الذي لابد من طاعته في كل الأحيان طبقا لهم.وليس هناك معنى لأفعالهم هذه بدءا من القول بغزوة الصناديق بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وتحويل الشأن الوطني إلى شأن ديني، مرورا بقطع أذن مواطن في الصعيد، وتظاهرات قنا ضد المحافظ المسيحي، والتظاهرات أمام الكاتدرائية في العباسية مطالبين بإطلاق سراح كاميليا شحاتة التي أسلمت، كما يقولون. وصولا إلى أحداث امبابة الأخيرة والحملة الشرسة ضد الحقوق الجزئية التي حصلت عليها النساء، أقول ليس هناك معنى لكل هذا سوى محاولتهم تعويق الثورة، ووقف مسيرتها ، وإغراقها في عدم الاستقرار ليقولوا للجماهير إن النظام السابق الذي طالما دافعوا عنه متحالفين مع جهاز مباحث أمن الدولة هو وحده القادر على تحقيق الأمن والاستقرار، وأن الثورة عليه كانت خطأ وجملة اعتراضية بين قوسين.وكان النظام السابق- الحديث حداثة خارجية شكلية وزائفة قد اشترى لنفسه اعوانا من بين أكثر فئات المجتمع رجعية وظلامية وبينهم سلفيون ليواجه بهم الإخوان المسلمين بهدف الاستقواء والاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن وإن كان يحسب له أنه حجبهم عن الإعلام المرئي والمسموع الذي يملكه، ولا يعرف أحد الآن ما حكمة النظام الجديد في فتح الأبواب والنوافذ أمام رموز السلفيين في الإذاعة والتليفزيون إلا إذا كان الحكم يسعى - باسم حرية مزيفة- إلى استخدامهم كأدوات له وهو ما يرفضه المنطق العلمي الموضوعي الذي من المفترض أن يكون منطق النظام الجديد الذي أتت به الثورة نظريا على الأقل .إن القوى العلمانية والديمقراطية والنسائية من منظمات وأحزاب وأفراد مطالبة بأن تحشد صفوفها لتصد الهجمة الظلامية الجديدة على العقل. وقد أنجز مؤتمر مصر الأول: (الشعب يحمي ثورته) إنجازا رائعا في هذا السياق ولكنه يبقى مجرد خطوة أولى لابد من أن يتلوها عمل شاق وطويل المدى من أجل الدولة المدنية دولة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram