أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن دعم وتعضيد القطاع الخاص يتمان من خلال القيام بإصلاح ضريبي متكامل يقوم على أساس ضرورة إجراء تحويل جذري وهيكلي في آليات عمل الهيئة العامة للضرائب لإضفاء المهمة التنموية في مهام الهيئة، وليس الاكتفاء بمهمة الجباية.
وقال الخبير الاقتصادي علي الفكيكي لـ(المدى) إن هناك حاجة ملحة إلى تصميم التشريعات والتعليمات التشريعية الضريبية بشكل يواكب متطلبات التطوير الاقتصادي والتكنولوجي في البلاد، ومن بين تلك الإصلاحات الضريبية المطلوبة هو تعديل قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997، وذلك بإضافة فقرة إضافية إلى فقرات المادة (16) من القانون المذكور ، وتنص الفقرة الجديدة على الإعفاء من ضريبة الدخل للحصص العينية من رأسمال الشركات عند تسجيل الشركة لدى مسجل الشركات . وأضاف الفكيكي إن تنفيذ هذا المقترح سيكون دافعا كبيرا للنشاط الاستثماري ولخلق فرص عمل جديدة وتقليل البطالة ، كما ان رؤوس الاموال العينية المعطلة حاليا او غير المستغلة بالنحو المطلوب والمتمثلة بالعقارات والأراضي الزراعية وغير الزراعية وبالمكائن والمعدات ستجد طريقها للاستثمار ورفع نسب الاستفادة منها. ولفت إلى أن هناك ضرورة لمراجعة الضرائب والرسوم المفروضة في قطاع الإسكان والعقار من اجل النهوض بحركة البناء وحلحلة مشكلة الإسكان والبناء، وان صغار المستثمرين العقاريين في القطاع الخاص ساهموا بنحو فعال ومستمر طيلة حقبة الأربعينيات ولغاية الثمانينيات من القرن العشرين ، بالعمل بمشاريع الإسكان الا ان دورهم توقف في التسعينيات من القرن ذاته وحتى الآن، بسبب الضرائب والرسوم التي فرضت على هذا القطاع وعلى عمليات انتقال الملكية ورسوم تصحيح جنس العقار وغيرها، والتي لا تزال سارية المفعول لحد الآن برغم زوال الأسباب التي دعت إلى فرضها في التسعينيات ، ومن ثم لا بد من اعادة النظر في هذا الموضوع وإلغاء كل الضرائب والرسوم في هذا القطاع إذا كانت هناك ارادة صادقة للقطاع الخاص من اجل معاودة دوره في البناء وحل اكبر مشكلة اقتصادية واجتماعية تواجه العراق حاليا.
وبين انه وبرغم ما لتشريع قانون الاستثمار وتقديم اعفاءات ضريبية وتسهيلات من أهمية ودور ، الا ان ذلك لا يكفي لتحقيق جذب للاستثمارات بنحو فعال للعراق ، حيث يجب ان تكون بقية التشريعات والانظمة والاجراءات والمفاهيم والتصورات من الملائمة والموضوعية بمكان، حيث سيكون للبنى التحتية (Infrastructure) عامل حاسم مضاف في توفير بيئة استثمار جاذبة ، اذ لا يقتصر المفهوم لها على الطرق والكهرباء والماء والاتصالات ، بل المفهوم الواسع الحديث بما يشمل كل العوامل الاجتماعية والسياسية والمادية والعقليات والتصورات واوضاع منتجي الاجزاء والمدخلات والصناعات الثانوية والجانبية والمهارات الادارية الحكومية البيروقراطية وادارة الاقتصاد الكلي ، بما في ذلك اسعار الفائدة والنظام المصرفي ونظام الضرائب ، ونسب ومستويات التعليم والتدريب واحتياطي البلاد من المتعلمين والمهندسين والفنيين والخصائص السكانية ، والنظام السياسي في البلاد. من جانبه قال الخبير الاقتصادي توفيق المانع ان دعم القطاع الخاص وتحسين بيئة ومناخ الاستثمار في العراق تتطلب انشاء مجلس تنسيق لتحسين بيئة الاستثمار في البلاد، تكون مهمته اقتراح التشريعات والاجراءات اللازمة لتحسين وتنشيط وتطوير الفعاليات الاستثمارية ، ومراقبة التقدم المتحقق في هذا المجال ،اضافة الى المساهمة في تذليل المشكلات والصعوبات التي يواجهها المستثمرون المحليون والاجانب ، من خلال التدخل لدى الاجهزة والوكالات الحكومية في البلاد.
واضاف المانع يكون من مهام هذا المجلس وتشكيلاته تأسيس وتنفيذ آلية عمل يكون بموجبها تخفيف اعباء المراجعات للدوائر الحكومية وتقليل مطالب الحصول على الموافقات الادارية في متطلبات مشاريعهم ، وتكوين انظمة قياس اداء في هذه المجالات في صلب مهام المجلس المنشود، وعلى المدى المتوسط او الطويل يجب ان يبادر الى تشكيل (المجلس الاستشاري للاستثمار في العراق)، الذي يتألف من شخصيات تنفيذية من ذوي الرتب الادارية العالية من الشركات متعددة الجنسية، والمهام التي تناط بالمجلس هي تقديم توصيات يؤول تنفيذها الى تحسين بيئة الاستثمار في العراق ،اضافة الى تصميم سياسات اقتصادية وفق منظور عالمي من خلال الاتصال بالمستثمرين.
واشار الى اهمية تخصيص الاراضي والمواقع المطلوبة للمستثمرين ، واهمية تقديم الحلول للمشكلات والصعوبات التي تواجه المستثمرين في مجال توفير مواقع استثمار تفي بمتطلبات المشاريع الاستثمارية ، كما ينبغي تنشيط وتسريع العمل في مجال تخطيط وإدارة وتخصيص الأراضي والمواقع المطلوبة لإيواء الاستثمارات في كل القطاعات ، وكذلك تطوير وتحسين القدرة التنافسية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهناك حاجة ماسة للتعامل مع المنشآت الصغيرة والمتوسطة على شكل مجاميع ، عن طريق تطوير سياسات خاصة لكل مجموعة او فئة وتشجيع التجمع Clustering لغرض تطوير واقع القدرة التنافسية ، مع الحاجة الى قد مزيد من اتفاقيات الاستثمار الثنائية بما يؤدي الى تدفق رؤوس الاموال والتكنولوجيا الى البلاد.
وأشار الى الحاجة لعقد اتفاقيات ثنائية في مجال تفادي الازدواج الضريبي ، لمنع إخضاع العوائد النقدية مرتين ، في بلد تحقيق العوائد وفي بلد جنسية المستثمر ، ومن المنجزات الأخرى لعقد هذا النوع من الاتفاقيات هو حماية المستثمر الأجنبي من إخضاعه لضريبة تزيد عن المستويات المفروضة على المستثمرين المحليين المماثلين له.
واوضح المانع أن هناك حاجة في العراق لمزيد من التقدم في مجال تقليل التضخم عبر التنفيذ الحذر لنظام استهداف التضخم ، ومن خلال التقدم في مجال الاصلاحات المالية التي تؤدي الى تخفيض نسبة مبلغ الدين في مبلغ الناتج المحلي الاجمالي ، وتعضيد الجهود في مجال اعادة هيكلة المصروفات لايجاد المجال المطلوب للاستثمارات الخاصة ،خاصة في مجال البنية التحتية ، مع ضرورة دعم وترويج اعمال الابتكار والاختراعات ونقل وسائل التكنولوجيا واستخدام المقاييس والمواصفات النوعية من قبل المشروعات عن طريق تعضيد آليات العمل في مجال الابتكار مع تقوية الروابط بين المنشآت والجامعات ومراكز البحث ، باتجاه تحويل نتائج جهود البحث والتطوير الى منتجات وخدمات. ولفت الى ضرورة زيادة معدلات الاستثمار في الناس من خلال التعليم والتنشئة والتدريب ،لاسيما ان نسبة الانخراط في التعليم الابتدائي في العراق هي 54% بينما ان النسبة في تركيا على سبيل المثال هي 96% ،وفي التعليم الثانوي 35% بينما في تركيا 87 % ، مما يؤكد الحاجة لإنشاء وكالة او هيئة تتخصص باعمال وسياسات إسناد وترويج حركة واعمال الاستثمار في العراق، بهدف رفع قدرته الاستثمارية. وألمح إلى أن على الدولة تقديم الدعم وإسناد مشاريع البحث والتطوير، ودعم نشاطات حماية البيئة وتقديم المساعدة لمنشآت القطاع الخاص للاشتراك في المعارض التجارية المحلية والعالمية، وتقديم المساعدات لبحوث السوق والتسويق ودور الملحقيات التجارية في السفارات العراقية في تسهيل وفتح مجالات التصدير أمام المنتجات الصناعية العراقية ، والزام الملحقين التجاريين العراقيين في السفارات العراقية باعداد الدراسات والمسوحات عن الامكانيات الاستيعابية والتعريفية للمنتجات العراقية في تلك البلدان.
الاصلاحات الضريبية وعقد الشراكات الدولية ضرورة لدعم القطاع الخاص
نشر في: 19 ديسمبر, 2012: 08:00 م