TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زمـان الأجـاويـد

زمـان الأجـاويـد

نشر في: 19 ديسمبر, 2012: 08:00 م

كان "الأجاويد" شريحة اجتماعية لها سلطة تفوق سلطة الدولة أحيانا. فإن حدث نزاع بين عشيرتين قد يصل حد سفك الدماء بسبب طلب الثأر لقتيل، نجد أن الحكومة بكل ما لديها من قوة تعجز عن وضع نهاية للنزاع. لكن الأجاويد بفعل هيبتهم الاجتماعية قد ينهونه على خير.
هؤلاء لم تعنهم السلطة ولا يشترط في احدهم أن يكون غنيا بل يفرضون أنفسهم بأخلاقهم ونزاهتهم وتعففهم وكرمهم. وكلمة أجاويد هي جمع مجواد. جذرها من الجود أي الجيد الذي هو نقيض الرديء. إنهم خيار القوم الذين أينما حلوا حلّ الخير والوئام.
ما تذكرت أحدهم إلا وحضرت ببالي هيبته التي تساوي هيبة دولة عادلة. ولعل من حسن حظ العراق، يوم كان محظوظا، انه ما تكاد تخلو عشيرة أو قرية أو مدينة من جمع أو واحد منهم. كنا أطفالا ونحسب حسابهم. وجودهم يخجلنا إن قصرنا تجاه أمهاتنا أو حتى في واجباتنا المدرسية. كان رضاهم عنا يهمنا مثل رضا والدينا أو أكثر. نهابهم أكثر مما نخافهم. حتى وجوههم كانت جميلة تقطر خيرا وأمانا.
في مدينة الزبيدية، التي عشت بها أغلب أيام طفولتي، ما زلت أرى وجه سيد يحيى العوادي الذي ما تيتم طفل في المدينة إلا وكان هو أباه. ويا ويل طفل يشاكس أمه أو يعاندها أو يقصر تجاهها أو حتى يرفض أن يقص أظفاره. لا تحتاج غير أن تهدده بالشكوى عند سيد يحيى ليعود عاقلا مطيعا. لم يكن الرجل قاسيا بل قمة في الطيبة والرأفة والكرم.
أذكر أن أحد المعلمين ظلمني يوما إذ أعطاني درجة قليلة من دون امتحان وذلك عن طرق ما يسمى "التقدير". لم أشتك عند المدير، ولا عند أبي الذي كان معلما، بل ذهبت لسيد يحيى باكيا ظلم المعلم. تقبل شكواي بكل اهتمام ووعدني خيرا. في اليوم التالي شاهدته يدخل غرفة المدير ثم تبعه المعلم. وفي الفرصة الكبيرة جاء "الفراش" وطلب مني الحضور للإدارة. اعتذر لي المعلم وأعطاني ما أستحقه من تقدير. تدخل السيد جعلني أتقاسم مع  ابنه سعيد المرتبة الأولى على الصف (أول مكرر). أرسل السيد في طلبي وأعطاني هدية النجاح التي كانت نفس هدية ولده.
يذكر القارئ الحسيني السيد جاسم الكربلائي أن أحد شيوخ الدليم دعاه لإقامة مجلس عزاء حسيني في إحدى قرى الرمادي. يقول الكربلائي إنه بعد انتهاء المجلس دنا منه الشيخ وسأله: سيدنا هذا يزيد من طغى ونوه بقتل الإمام، ماكو أجاويد جانوا يرحون له ويوكفونه عد حدّه؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. راصد

    لعد المالكي شنو مو دلال ابوه اعلى من مكتبك اللي تكتب عليــه :) الاجاويد اخي هاشم مع الاجاويد، مو مع شذاذ الآفاق لان الاجاويد تعني الكرماء مو حرامية وفاسدين...لو فكرنا لوجدنا الامام الحسين قام من اجل حكم الشعب لنفسه بنفسه ما نسميه الديمقراطية اليوم..ولو كا

  2. صبار جياد

    لا عاب حلكك .. بس ياخويه يرادلنه عشيرة اجاويد حتى يفكونه من اليزيدات اشو يروح يزيد ويجي يزيد ويزيد يكافش يزيد وياهو التلزمه صاير ابو ذر وهو يشفط شفط

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: في محبة المرأة

 علي حسين أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو...
علي حسين

قناديل: اليسار الجديد: أصولية عابثة وعُصابٌ جمعي

 لطفية الدليمي تتكرّرُ على مسامعنا كثيراً عبارةٌ قالها (غوبلز) وزير الدعاية النازية: كلّما سمعتُ كلمة (الثقافة) تحسّستُ مسدّسي. اليوم صار كثير ٌ منا يتحسّسُ رائحة أزمة عالمية النطاق كلّما سمع مفردة (الجديد) ملحقةً...
لطفية الدليمي

قناطر: مسلسل معاوية... جرُّ القناعات الى مسلخ الأوهام

طالب عبد العزيز مع أنَّ كلَّ تعريف للتأريخ يرجع الى وجوب توافر الوثيقة، إذْ لا تأريخ بدون وثيقة، إذْ أنه الأحداث والوقائع التي تقدّمها لنا الوثائق والمصادر، كما تعرف كلمة 'التاريخ' في اللغة العربية...
طالب عبد العزيز

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

محمد الربيعي جامعة بغداد صرح علمي شامخ، واحد ابرز منارات المعرفة في العراق والعالم العربي. تاسست عام 1957، لكن جذورها تمتد الى بدايات القرن العشرين مع تاسيس كليات الحقوق والطب والهندسة. لعبت الجامعة دورا...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram