تقول الصالونات السياسية في الموصل ان خارطة اقتراع مجالس المحافظات هناك تتضح تدريجيا، حيث ان ظهور اسماء جديدة وعودة اخرى الى المسرح بعد غياب طويل، ودخول "مغريات" رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي على الخط، هي عوامل لم تنجح حتى الان في تغيير الحقائق الاساسية، وهي ان قائمة المحافظ اثيل النجيفي تحافظ على تقدمها رغم الانشقاقات وسوء الاداء الخدمي، وهو ما يؤدي كذلك الى الابقاء على موقع القائمة المتآخية القريبة على التحالف الكردستاني.

ويقول الخبراء في شؤون المباحثات المكثفة التي قامت بها الكيانات السياسية لرسم خارطة تحالفاتها، ان المالكي يحاول استمالة اطراف في نينوى للحصول على مكاسب سياسية وانتخابية خلال انتخابات مجالس المحافظات القادمة، ولم يجد وسيلة سوى محاولة "شق صفوف" الكيانات التي حصلت على اكثر الاصوات في انتخابات مجالس المحافظات الماضية عام 2009، وتقديم وعود لبعض الشخصيات في تلك الكتل بمنحها "مناصب رفيعة في بغداد".

وتعد نينوى ثاني محافظة عراقية من حيث السكان ويقطنها نحو اربعة ملايين نسمة، يمثلون ديانات وطوائف متعددة، وهي تشهد هذه الايام ظهور كيانات جديدة وبروز اسماء لشخصيات مثيرة للجدل كانت تحتل مناصب حكومية في المدينة واختفت منذ سنوات لكنها اليوم عادت لتشكل قوائم مدعومة بعضها من رئيس الحكومة.

وكشفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بمحافظة نينوى مؤخرا عن تسجيل 39 كيانا انتخابياً في المحافظة، للتنافس على خوض انتخابات الدورة الجديدة لمجلس المحافظة المقرر إجراؤها في نيسان من العام المقبل.فيما اوضحت المفوضية انه لم يتم التسجيل اي ائتلاف انتخابي حتى الان. والموصل لا تزال تعد بؤرة توتر وتشهد خروقات امنية بين الحين والاخر، ويشعر اهالي المدينة انهم يعيشون في معسكر كبير، لاسيما وان كل الشوارع لا تملك سوى مدخل ومخرج واحد. ولايحظى الجيش ومعظم جنوده قادمون من مدن بعيدة بشعبية بين ابناء الموصل، على الرغم من وجود قادة مهنيين في صفوفه.

وتبدو الاستعدادات لوهلة مبكرة جدا ومكثفة، فقد ارتفع عدد الصحف المحلية من 3 وهي نينوى، والحدباء، وعراقيون، الى 43 صحيفة معظمها حزبية تضع صور صاحب الكيان السياسي التابعة له على الصفحات الاولى، اي ان المحافظة شهدت اصدار نحو 40 جريدة خلال فترة وجيزة استعدادا للانتخابات الساخنة. كما اصبح لكل كيان محطة اذاعية خاصة جرى اطلاقها في وقت قياسي!

ولا تخلو الاستعدادات الانتخابية من طرائف، على رأسها نشاط محافظ نينوى اثيل النجفي على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اذ تنشر الصفحة هذه اخبارا عديدة تخصه وتخص غيره، ومن ابرزها ما كتبه قبل ايام، قائلا انه و"خلال استطلاع للرأي قام به احد الكيانات السياسية، ظهر ان 90٪ من الذين استطلعت آراؤهم لايثقون بأي كيان سياسي في نينوى. وتؤكد استطلاعات الرأي ان قائمة الحدباء برئاسة اثيل النجيفي لا تزال متقدمة شعبيا وهي الاقرب الى اهالي المدينة. وتؤكد الانباء القادمة من الموصل ان قائمة الحدباء التي حصلت في الانتخابات الماضية على 19 مقعدا من اصل 39 هي عدد مقاعد مجلس محافظة نينوى، تؤسس شعبيتها على اساس نجاحها في التمسك بموقف واحد خلال السنوات الاربعة الماضية، في القضايا الكبرى، على خلاف كيانات اخرى تذبذبت مواقفها وتأرجحت بين الاقتراب من رئيس الوزراء نوري المالكي، والابتعاد عنه.

لكن قائمة الحدباء نفسها شهدت انشقاقات مؤخرا، وشكل المنشقون اسماء غير ثابتة كما تقول المصادر في المدينة، وباتت الكيانات الجديدة تضم شخصيات صارت مقربة من المالكي كما يشير اهالي الموصل.

اما القائمة التي تعد المنافس الرئيسي للحدباء فهي المتآخية التابعة للتحالف الكردستاني، والتي تتصاعد شعبيتها وتنخفض بشكل متواز مع حظوظ القائمة الكردستانية وخارطة تحالفاتها في القضايا الاساسية.

وتقول مصادر مقربة من مجلس المحافظة ان المتآخية التي حصلت في الانتخابات الماضية على 12 مقعدا في مجلس المحافظة، تجمعها منذ نحو سنة شراكة غير معلنة مع الحدباء على الرغم من الحروب الاعلامية التي تشن بين الطرفين من حين الى آخر والقطيعة السابقة التي استمرت نحو عامين، وجرى تسويتها عبر وساطات رفيعة أممية ومحلية. وللقائمتان اليومين تشابه في المواقف داخل مجلس المحافظة من خلال اتفاقهما على تمرير القوانين او الاخلال بالنصاب القانوني احيانا لافشال بعض التشريعات التي تتقاطع مع سياساتهما. بالمقابل يتحرك على الساحة الانتخابية في الموصل التي لازالت تشهد عمليات ارهابية وتفجيرات، كتلة اخرى بزعامة عبد الرحمن اللويزي وهو عضو سابق في قائمة عراقيون التابعة للنجيفي والتي انشقت مؤخرا باسم وطنيون، ويعتبره اهالي الموصل من المقربين للمالكي، فضلا عن وجود قائمة اخرى تابعة للمستشار السابق للمالكي زهير الجلبي، ويقال ان الاخير فقد شعبيته في المدينة بعد ان خرج في احد البرامج على قناة فضائية عراقية ووصف اهل الموصل "بالمتخلفين".

من جانب آخر يتداول اهالي الموصل اسما عاد مؤخرا الى ساحة الانتخابات بعد ان اختفى عن المدينة لاكثر من 6 سنوات، وهو من الاسماء القوية المرشحة للحصول على منصب المحافظ. انه "غانم بصو" وهو المحافظ الاول لنينوى بعد الاجتياح الامريكي للعراق، وقد استقال في العام 2004 بشكل مفاجئ تاركا الاهالي يرددون ان وراء استقالته شبهات فساد. وقد ظهر مؤخرا وهو على رأس قائمة انتخابية جديدة يروج لها على شبكات التواصل الاجتماعي وفي بعض المنتديات السياسية.

وبصو من عائلة موصلية وهو اسم منافس لاثيل النجيفي وكان عميد الكلية العسكرية قبل الدخول الامريكي الى العراق.

من جانب اخر ينافس النجيفي على منصب المحافظ دلدار زيباري ويشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، وانشق اخيرا عن قائمة الحدباء التي يتزعمها اثيل النجيفي. وتقول المصادر ان زيباري حصل على وعد سابق من المالكي بمنصب وزير الدفاع مقابل الانشقاق عن الحدباء. لكن حظوط لاعب بارز آخر هو الحزب الاسلامي تراجعت بشكل كبير كما يبدو. ومثلا فإن نور الدين الحيالي النائب السابق الذي اعلن انسحابه عن الحزب شكل تجمعا يقول عنه سكان المدينة انه مدعوم من المالكي.