TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > النظم الاستبدادية وصناعة الحرب الأهلية

النظم الاستبدادية وصناعة الحرب الأهلية

نشر في: 27 مايو, 2011: 05:44 م

حسين علي الحمدانيكيف تكون نهايات النظم المستبدة ؟ وما الذي تسعى إليه وهي ترى النهاية تقترب منها ؟ وما هي ستراتيجيتها في مواجهة موجات التغيير ؟صناعة الحرب الأهلية هي الستراتيجية الأخيرة التي يلجأ إليها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، وهي الورقة التي تسبق السقوط النهائي والحتمي .فلماذا تكون هكذا نهايات النظم الشمولية الاستبدادية التي قهرت شعوبها عقوداً طويلة ؟ وحين وصل بها المطاف للنهاية نجدها تأخذ البلد بما فيه لحرب لا أحد يعرف نهايتها وحجم خسائرها البشرية والمادية ، بل حتى وحدة البلد ذاته؟
ربما كان البعض متفائلآً بأن عملية التغيير ستسير بسرعة على غرار ما حصل في تونس وما حصل في مصر، ولكن الأمر هنا يختلف سواء في اليمن أو ليبيا أو سوريا ، فهذه الأنظمة لديها القدرة على قتل الشعب مقابل البقاء، ونحن هنا لا نبرّئ نظامي مبارك وبن علي  بقدر ما نجد بأنهما لم تتح لهما فرصة إحداث مذابح ومجازر بحكم عنصر المفاجأة أولاً وحيادية الجيش ثانياً ، رغم إن الكثير من المؤشرات تؤكد أن تونس ومصر يهربان صوب الحرب والاقتتال الداخلي سواء قبل الانتخابات أو بعدها ، خاصة وإن مقومات التناحر موجودة من خلال تواجد ما يطلق عليه ( فلول النظام السابق ) والتي تمكنت من التوغل في أحزاب إسلامية منها وعلمانية، وبكل تأكيد ستأخذ دورها المعرقل لأية نهضة تحدث في مصر وتونس  مع وجود مؤشرات قوية على بروز قوى وأحزاب إسلامية قادرة على أن تحقق فوزاً في الانتخابات القادمة في هذين البلدين وهذا ما جعل البعض في تونس مثلاً يطالب بتأجيل الانتخابات لمدة شهرين من أجل إتاحة الفرصة أمام الأحزاب لتهيئة نفسها ، ولكن السبب الرئيس، على ما يبدو، يكمن في انتظار تخفيف حماس الشارع التونسي إزاء الأحزاب الإسلامية.في اليمن لم ينتظر علي عبد الله صالح أن يسقط لتبدأ الحرب الأهلية من بعده ، الرجل لديه طموح بأن يرى القتال الداخلي يحصل وهو في أيامه الأخيرة في القصر الجمهوري ، وهذا ما يمثل ستراتيجية الحكم في بلد كاليمن القائمة ( أنا وما بعدي الطوفان)  فكم من الأرواح ستزهق في اليمن الذي فقد سعادته؟في الحالة اليمنية والسورية هنالك قواسم مشتركة كبيرة، في مقدمتها مكابرة النظامين ورميهما بما يجري وفق نظرية (المؤامرة)، فاليمن بدأت تنظر للجميع على إنهم (خونة وينفذون مؤامرة) وفي سوريا ما زال الخطاب الإعلامي الرسمي يناقض الواقع ويحاول جاهدا أن يربط ما بين انتفاضة شعب يريد الحرية وبين ( مؤامرة تحاك في الخارج ) وبات الإعلام السوري الرسمي بعيداً جدا عن الواقع بدرجة تثير السخرية .كلا النظامين في سوريا واليمن لا يمكنهما أن يتركا السلطة دون أن يصنعا حرباً أهلية تقود إلى ما تقود من نتائج وخيمة على شعوبهما والمنطقة ، ويرفضان كل المبادرات المطروحة والتي من شأنها أن تخرجهما من النفق المظلم الذي دخلاه بإرادتهما .كيف يمكن أن يتحقق إصلاح مرتقب في سوريا، والسجون مملؤة بالمعتقلين ؟ وكيف تتفاهم وتتحاور مع المعارضة في اليمن والمدفعية تقصف بيوت المعارضين ومقراتهم؟ إنهم بهذا التصرف لا يرفضون المبادرات فحسب بل يرفضون الحوار مع المعارضة التي ربما لا يعترفون بها أصلا !والغريب في ذلك فإن مفهوم المعارضة لدى النظامين السوري واليمني يعني (العمالة والخيانة)، فالمعارض (خائن) والمطالب بحرية التعبير (عميل) والمتظاهر (إرهابي) وهذه الصفات وفق قوانينهم التي كبلوا بها شعوبهم تتيح لهم اعتقالهم وسجنهم وإعدامهم ودفنهم في مقابر جماعية بعيدة عن المدن قريبة من الصحارى،  لهذا عندما نقول بأن الحرب الأهلية هي غاية علي عبد الله صالح وغاية كل نظام استبدادي ، نحن هنا لا نتجنى ولسنا من المتشائمين ولكن ما نراه من سيناريوهات تعدها هذه الأنظمة يجعلنا نحذر من الوقوع في هذا الفخ الذي سيحرق الأخضر واليابس .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram