اقترح تعديلا بسيطا وممكنا في قانون العقوبات ولا أبالغ حين أدعي ان العقوبات التي اقترحها ربما يكون تأثيرها وفاعليتها ونتائجها أكثر ايجابية من عقوبات السجن والغرامات . والعقوبة بكل بساطة ، لو افترضنا إن مواطنا حكم عليه ستة أشهر سجن في قضية ما ، هي أن يكلف بمراجعة دوائر الدولة بمختلف تسمياتها ، لأنه هناك سيلاقي العذاب النفسي
والمادي بكل أصنافه أول قضية ستواجهه هي إن أحدا لا يحترم وقت المراجع الذي يبتليه الله بمحنة مراجعة دائرة حكومية ، انتظر وتعال " باجر" اسطوانة يعيد تكرارها الموظف " لا نقصد كل الموظفين " على مراجعيه وسط اهتماماته أو اهتماماتها بإكمال حديث عن أسعار السيارات أو عن زواج ابن خالة الخياط الذي خيط بدلة العريس !! وحين يتململ المواطن ويحاول أن يناقش الموظف أو الموظفة ،تتجه إليه أنظارا مؤنبة ومتوعدة تدعوه لان يصمت وينتظر دوره ويسلم أمره الى الله حتى تطل معاملته برأسها من بين الأضابير لتذكر المعنيين إن مواطنا بانتظار أن تنجز معاملته ، وعلى هذا المنوال تروح المعاملة وتأتي وتبات أياما أن لم تكن ساعات وحين يستلمها المراجع يكون كمن أطلق سراحه من حبس طويل !القضية الثانية التي تواجهه هي إن استكمال معاملته في دائرة ثانية توجب عليه ان يعود للدائرة الاولى ، والسبب بكل بساطة وشفافية ، ان معاملته ناقصة لبعض الوثائق التي نسيت الدائرة الأولى طلبها من المراجع المبتلى ، وهكذا يقضي المراجع أياما عدّة حتى يأتيه الفرج بعد عذاب وتكلفة مالية لو إن الخطأ لم يحصل من قبل الموظف المعني!القضية الثالثة التي ستواجهه في بعض الدوائر هو انه سيتعلم فيها فن " الرش " وهو مصطلح عممه المراجعون وصفا لحالة دفع الرشاوى ، مرّة أخرى لا نقصد كل الموظفين أو الموظفات ، و" الرش " مفردة تسمعها على لسان المراجعين ينصحونك فيها لاجل إتمام معاملتك بسرعة ويسر ووفق القوانين ، وأشكال "الرش " متنوعة منها ما هو مباشر ومنها مايجري عبر وسطاء ومنها " الرش الكبير " الذي يحدث عادة خارج أسوار الدائرة في جلسات خاصة !!القضية الرابعة التي ستواجهه أيضا هي ان عليه ان يتحمل كل أخطاء الموظف وان يعالجها ، سواء ببدء المعاملة من المربع الأول كما يقول السياسيون عندنا ، او بصرفيات إضافية على الاستنساخ وأجور سيارة التاكسي في ذهابه وإيابه الى الدائرة أكثر من مرّة لمعالجة الخطأ الذي وقع فيه الموظف وهو في سخونة ورشة الحوارات الجانبية التي على المراجع ان ينتظر حتى تنتهي !!القضية الخامسة التي تواجهه ،هي ان عليه ان يحصل على ما لا يقل عن خمسة تواقيع لموظفين على موضوع واحد ، ولأجل الحصول على هذه التواقيع المباركة عليه ان يصعد وينزل طوابق الدائرة أو مشيا حثيثا من الغرفة الاولى الى الغرفة الأخيرة ، وايجابية هذه القضية انها تساعد أصحاب الأوزان الثقيلة على تخفيف أوزانهم !!الخلاصة : ينبغي القول إن كلامنا هذا لا يشمل جميع الموظفين والموظفات ، فقد لمست في مراجعات كثيرة حرصا واحتراما للمراجع ورغبة حقيقية لانجاز معاملته بأسرع وقت ممكن فضلا عن التعامل الإنساني والاحترام العالي من قبل الموظف الذي يأخذ راتبه أساسا من اجل خدمة المواطن . الذي أريد ان أقوله إننا بحاجة الى تثقيف الموظفين والموظفات معا بأساليب احترام المواطن " المراجع " وعدم التعامل معه كما لو انه عبء على الموظف أو انه يستجدي الخدمة منه وعليه ان يطيع الموظف طاعة عمياء وان لا يحتج ولا يناقش ، أي أن لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ، لكي يعمل الموظف بهدوء وراحة بال ، وعلينا ان نقلل من الدوائر الزائدة عن الحاجة سواء في العلاقة بين الدوائر المعنية أو بين شعب الدائرة نفسها . وأخيرا ان نعمل على انشاء مؤسسات رشيقة وفعّالة وديناميكية وهي أشياء ممكنة التحقيق بوجود الإرادة والعقلية الناضجة والكفاءة في الإدارة .جربوا هذه العقوبة وسترون ان " المواطن ، المراجع ، المعاقب " سيلقي بأوراق معاملته عند إحدى الطاولات ويعود الى القاضي ليقول له : سيدي خذوني الى السجن!مراجع
عقوبات مقترحة للمواطنين!
نشر في: 27 مايو, 2011: 07:56 م