حسين علي الحمدانيهل ينتظر المواطن العراقي مبادرة جديدة ؟ وماذا ستحمله ؟ هل ستكون تصحيح لأخطاء سابقة ؟ أم ستكون منفذ لتوسيع الشراكة ؟في الأفق ثمة مبادرة جديدة ينتظرها الجميع ، ويبقى السؤال الذي يشغل المواطن العراقي ما الذي لم يتحقق من الشراكة الوطنية لكي تبرز ملامح مبادرة جديدة ؟قبل كل شيء علينا أن نقول ما معنى الشراكة ؟ وهل الشراكة تعني أن تترهل الدولة ومؤسساتها وتصل لهذه الدرجة التي وصلت إليها أم تعني الشراكة تقاسم السلطة ؟ ولعل البعض يتصور بأن الشراكة تم نقضها من قبل هذا الطرف أو ذاك.
علينا أن نكون أكثر صراحة ونحن نحلل ونناقش الواقع العراقي الآن بعيدا عن التخندق مع هذا الطرف أو ذاك والتحزب لهذه الفئة أو تلك ، ولنأخذ معنى الشراكة وفق ما وصلت إليه الكتل السياسية في الأشهر الماضية التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية وما تمخض من اتفاقيات تجسدت على أرض الواقع ، فتم تقاسم المناصب السيادية بشكل تطلب إضافة مناصب أخرى كي تستوعب الجميع،وتمثل ذلك بالمنصب الثالث لنائب رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية والتي أثارت حفيظة الشارع العراقي، وعلينا أن نعترف بأن الشارع العراقي مستاء من الترهل هذا ، ناهيك عن التوسع بالمزيد من الوزارات على حساب ترشيق هياكل الدولة الإدارية حتى وجدنا بأن الميزانية العامة بالكاد تلبي الرواتب الكثيرة .وبالتأكيد فإن مبادرة السيد مسعود بارازاني كانت حبل النجاة للجميع ومكنتهم من الخروج من نفق مظلم دخلت فيه العملية السياسية ولم يكن هنالك سوى خيار حكومة الأغلبية السياسية والتي ربما كانت الحل الأخير في حال عدم الوصول لتوافقات حتى وإن كانت بالحد الأدنى ، ولكن اليوم نجد بأن البعض يسعى لبلورة مبادرة جديدة وعلينا أن نعيد مجريات الأشهر القليلة الماضية وما الذي لم يتحقق من الشراكة في الحكومة العراقية لكي ننطلق في فهمنا لما نحتاجه أو ما يجب أن نفعله ؟فالكتل الكبيرة والصغيرة منها حصلت على مناصب قد تكون ملائمة لحجم تمثيلها البرلماني حتى وصل الأمر للهيئات المستقلة والتي يحاول البعض طرح فكرة تقاسمها هي الأخرى بغية إتمام الشراكة وفق مفهومه السائد في اللغة السياسية العراقية .حقيقة الأمر إن بعض النخب السياسية العراقية ربما تعي أو لا تعي أنّ أداءها مثار غضب الشارع العراقي ، بل إن البعض يعتبرها السبب الرئيسي في تعطيل الكثير من الأمور وفي مقدمتها ما يهم المواطن من قوانين وأنظمة وتشريعات ، ونحن عندما نقول هذا فإنما ننقل رأي الشارع العراقي الذي يجد بأن ( حكومة الشراكة ) كانت على حساب المواطن وبالضد من تطلعاته ، لأنها أي حكومة الشراكة لم تكن وليدة توافقات تصب في صالح المجتمع بقدر ما كانت غايتها الأساسية إرضاء أطراف معينة ، ولعلنا وجدنا بأن بعض النخب السياسية الوطنية والمعروفة بنضالها ضد الدكتاتورية قد قدمت من التنازلات الكثير بغية عدم تعطيل مسارات الديمقراطية في هذا البلد ، وبالتالي فإن هذه القوى الوطنية المخلصة والمكافحة والمناضلة والتي ينظر إليها الشعب العراقي بعين الاحترام والتقدير وإلى رموزها الوطنية المخلصة بعين الرضا والاطمئنان لما قدمته وما زالت تقدمه من تضحيات وعطاء ، نقول، إن المواطن العراقي الآن يشعر بأن قيمة أية مبادرة قادمة يجب أن ترتكز على تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي في البلد قائم على طرفي المعادلة الديمقراطية وهما الحكومة والمعارضة حتى لا تكون ثمة تشوهات في مسارات الديمقراطية العراقية من جهة ومن جهة ثانية فإن الشراكة التي نراها اليوم لا تصب في صالح المواطن والتنمية وحتى الاستقرار حيث نجد التشنج الإعلامي وحروب التصريحات تؤثر بشكل كبير جدا على الوضع الأمني في البلد بل وتساهم أحيانا كثيرة في توجيه رسائل خاطئة لأطراف بعينها توحي لها بأن الصف الوطني غير منسجم، وإلى آخر الاستنتاجات التي يمكن أن يصل إليها كل متابع للشأن العراقي .لهذا يتمنى المواطن العراقي أن يكون محور المبادرة القادمة هو ترشيق الدولة العراقية وإخفاء حالة الترهل الموجودة حاليا والتي أثارت كما قلنا استياء الشارع العراقي .وبالتالي فإن المواطن العراقي ينتظر عملية تصحيح مسيرة الديمقراطية في البلد، وبصراحة يتخوف من أن تكون المبادرة القادمة مزيدا من الترهل الذي يرهق الميزانية العامة أولاً ويوسع الفجوة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة والشعب من جهة ثانية ، خاصة وإن هنالك حالة عدم ثقة تسود العلاقة بين كل الأطراف .
أية مبادرة ننتظر ؟
نشر في: 28 مايو, 2011: 06:47 م