صبيح الحافظحينما تسجل المعلومات على ورق من نوع جيد وتحفظ في أماكن مناسبة سوف تستمر وتعمر الى فترة طويلة بعيداً عن عوامل التلف أو أنها حفظت واستعملت بعناية.أما إذا وقع المحظور ووصلت عوامل التلف فعلاً إلى الأوراق فعلينا التدخل بعمليات الإصلاح والعلاج لهذه الأوراق ، وهاتان العمليتان يطلق عليهما (ترميم الأوراق) وينبغي ان نعلم ان كثيراً من المحفوظات التي تأتي إلى قسم الأرشيف لحفظها في درجات تلفها تبعاً لأحوال حفظها واستعمالها لابد من اتخاذ إجراءات ترميمها.
الترميم تشخيص وعلاج ، ولابد لمن يتصدى لهذه العملية ان يعد إعداداً فنياً على مستوى عال ، ذلك ان أي تدخل متسرع او غير فني قد يؤدي إلى أضرار بالغة بالأوراق إذا تجاوز تلفها حدا معيناً يصبح من المستحيل ترميمها ، وكل ما يمكن عمله حينئذ هو وقف تدهور حالتها بالعمل على تقوية الأجزاء السليمة منها.وتقوية الورقة هي غير ترميمها، ففي التقوية يعمل الخبراء على حفظ الورقة بحالتها الراهنة في حوافظ شفافة معقمة بالكحول النقي مثلاً بعد فردها وتطهيرها بالأبخرة المطهرة مثل اوكسيد الايثلين ، وهذه العملية التي يلجأ إليها الخبراء وذلك بوضع الورقة بين لوحين من الزجاج المعقم في حالات الوثائق المهمة او تلك التي يزمع وضعها في معارض دائمة ، فان الزجاج يعمل على حمايتها من الضوء، ذلك ان الزجاج يمتص الموجات الضوئية القصيرة التي تضر بالأوراق ، وعموماً فإن من المفيد استخدام أي نوع من الزجاج له القدرة على امتصاص الموجات الضوئية قوة(400) ملليميكرون فأقل.أما خطوات الترميم التي يجب أتباعها في سبيل ترميم ورقة فتتمثل في عزل الورقة وإبعادها فوراً من مصدر التلف ، ثم يستحسن تصويرها لإثبات حالة التلف والرجوع الى هذه الصورة في جميع مراحل الترميم ، حتى لا تغير من شكل الورقة بصورة كبيرة ، وإنما يجب الحفاظ على شكلها الأساسي بقدر الإمكان.يلي ذلك نقل الورقة الى جهاز التطهير لكي يتم تبخيرها وغسلها بالمواد المطهرة حسب كل حالة من حالات الإصابة ، فإذا كانت مصابة بالحشرات ويرقاتها فتعالج بالغازات والأبخرة القاتلة ، وإذا كانت أصابتها بالعفن فتعالج أوكسيد الاثلين ، أما إذا كانت الإصابة نتيجة حمضية الهواء فيجب قياس درجة الحمضية في الورقة ومعالجتها بحمام هيدرات الكالسيوم ، وبعد غسل الورقة لإزالة البقع منها تجفف في درجة حرارة مناسبة وتعامل برفق في سبيل فردها وكبسها حتى تستقيم ثنياتها.الخطوة التي تلي ذلك هي ملء الثقوب الموجودة في الورقة بقطع صغيرة من الورق يقارب الورقة الأصلية من حيث اللون والسمك، وهذه القطع تقص حسب شكل كل ثقب من الثقوب وتنزل فيه باستخدام لاصق مناسب ثم توضع في المكبس لتأخذ شكلها النهائي ، وتقوى الورقة باستخدام اسيتات السبيلوز او حفظها في حوافظ شفافة او زجاج.هذا عن الورقة المفردة ، أما الدفاتر والسجلات وما شابه فيجب ترقيم أوراقها وتصويرها مبدئياً قبل فصلها عن بعضها ، ثم ترتيبها بعد عملية الترميم وإعادة تجليدها.ومن المناسب إضافة مواد سامة ذات رائحة طاردة للحشرات في اللصاق المستخدم في عملية الترميم والتجليد.وتحتاج عمليات الترميم الى معامل خاصة مجهزة بالآلات الحديثة وتدريب القائمين به على استخدام المواد الكيمياوية بمهارة ، كما يجب ان يكونوا على دراية كاملة بأنواع الورق وطرق صناعته ، وعلى المرمم ان يتحلى بالشيء الكثير من الصبر والأناة والدقة في عمله.ومن الأسف الشديد القول ان جميع الدول العربية والأفريقية وبعض دول آسيا لم تأخذ شيئاً من التقدم العالمي في مجال صيانة وترميم الأوراق ، ذلك التقدم الذي تأخذه في الصدارة الدول الأوروبية كفرنسا وايطاليا وروسيا ، والذي توج بإنشاء معهد أمراض الكتاب في روما ، ولا ينبغي ان بلادنا ذات حضارات قديمة ان تغفل العناية بتراثنا.هناك الكثير من الدول لا تقوم بعملية الترميم والصيانة العلمية مطلقاً، وكلما تقوم به هو استنساخ الورقة واعتبارها بديله للأصل، مع العلم ان هذه العملية لا تقرها قوانين التوثيق، حيث ان الصورة المستنسخة ليس لها قوة الوثيقة الأصلية وبالتالي لا يؤخذ بها.
تـرميـم الوثـائـق والأوراق المـهـمـة
نشر في: 29 مايو, 2011: 05:08 م