علاء المفرجييتساءل أدونيس في عموده الأسبوعي في جريدة الحياة (مدارات):((ما الذي يخسره العرب لو فقدوا أنظمتهم كلها ..؟)) ، ويرى ان جواب الأكثرية الساحقة على الأغلب سيكون ((لن نخسر شيئاً)).جواب مثل هذا ، يجعل العمل على تغيير هذه الانطمة مسؤولية ثقافية وإنسانية، ذلك انه لا يكفي – كما يرى- ان يكون التغيير سياسياً وسلطوياً، بل يمتد ليشمل البنية الثقافية والاجتماعية التي نهضت عليها هذه الأنظمة.
فعل التغيير إذاً، من دون هذا يكون سطحياً وبالتالي يعيد إنتاج المشاكل ذاتها.ان الأحداث الدراماتيكية التي عصفت في عديد من بلدان العرب في الاشهر الأخيرة تؤشر لمرحلة جديدة، مرحلة تبدو فيها الثقافة قاصرة على استيعاب حجم الحدث، بالتالي تمثله بما ينسجم والمتغير الذي يفرضه مثل هذا الحدث التاريخي.فحدث مفصلي خلخل ثوابت وتقاليد، بمرجعيات تاريخية اكتسبت صفة المقدس على مدى عقود طويلة، ومارست دور الاستلاب والمصادرة لأي فعل خارق للسائد، لابد من أن يتجلى عنه فعل ثقافي يستوعب الصدمة ويكرس لثقافة جديدة.وليس التاريخ القريب عن ذلك بضنين .. فالاحداث المفصلية الكبرى التي شهدها العالم انتجت ثقافة مغايرة، هي هنا ثقافة تعيق إنتاج آليات القمع والتسلط التي استهلكت من زمن هذه الامة عقود طويلة، وإن كان ذلك يحتاج الى زمن لاستيعاب هول الحدث واستجلاء عمق تاثيره واسهامه في استحداث انماط ثقافية جديدة تستوعب الرؤى والتصورات لما يحصل.. وهذا ما فعلته الحربان الكونيتان والحروب وثورات الشعوب لنيل استقلالها وتظاهرات الطلبة العارمة عام 1968 ، وغيرها.ومثلما أسهمت وسائل الاتصال الحديثة في إيقاد شعلة الرفض والتمرد على واقع الاستلاب، فإنها بلا شك ترفض اشكال الانفعال الآني للحدث، قبل ان يأخذ هذا التسونامي مداه. فلا يمكن للمثقف ان يحيط بالحدث ويعبر عن هذا الواقع المحتدم الذي يتشكل امامه من دون ان تتبلور لديه الافكار والرؤى التي يفرضها الواقع الجديد.ومن هنا تفرض التحولات المتسارعة التي ستفضي الى واقع جديد ، أنماطاً ثقافية برؤى وافكار تتماشى وروح العصر الجديد ... لتؤسس لواقع ثقافي لايمكن ان تزدهر فيه الانماط القديمة التي كرست مفاهيم جردت الشخصية العربية من عوامل الخلق والتجديد واغرقتها في سلبية جرت عليها الكثير.الاحداث الجارية الآن تتيح فرصة اعادة النظر في الانساق الثقافية البالية،..باتجاه ثقافة تؤسس لمرحلة جديدة ، تنظر بها الشعوب بغضب الى ماض شل قدرتها على مسايرة الجديد الذي يكون فيه الانسان هو القيمة العليا.
أحــــداث مـفـصـلـيــة.. وثـقـافــة جـديــدة
نشر في: 29 مايو, 2011: 05:17 م