قيس قاسم العجرشتصرُّ الولايات المتحدة ومعها الى حد ما أوروبا على إستخدام معاييرََ ومقاييس تعود الى حقبة ما قبل التحرك الشعبي العربي "الفوضوي".ولفظ "الفوضوي" هنا غير معيبٍ إذا ما أدركنا محاولات القوى العظمى المستمرة أن تجعل كل الأحداث السياسية والأمنية على ظهر الكوكب أن تجعلها أحداث مصنفة نفعياً ومرتـّبة وفقاً لقياسات المصلحة السياسية لتلك القوى.
"الفوضوية" العربية أو ما أسماه البعض "دكتاتورية ميادين الإحتجاج "أثبتت أنها ،ضمن المعيار النفعي، ستؤدي الى نتائج أفضل في منافعها من اي ترتيبٍ آخر من مثل المبادرات والترتيبات أوحتى الطبخات السريعة التي تواصل القوى الإقليمية أو العظمى إعدادها لإنتاج نسخة معدلة من إنتقال السلطة في البلدان المأزومة.هنا تركيز على إنتقال السلطة بدلأً من "زوال"السلطة.ربما تكون هذه المحاولات مشابهة الى حد كبير لمحاولة التعامل مع تفجير نووي ووضعه ضمن خانة "التفاعلات المسيطر عليها" لإنتاج طاقة ، إلا أن الطاقة هنا في مجال حركة الشعوب هي طاقة غير مسيطر عليها وهذا أحد أسباب قوتها.لا يمكن عملياً أن نتقبل فكرة إبتعاد الولايات المتحدة عن أصل أي مبادرة تعرض حلحلة الأزمات بين الشعوب وسلاطينهم .كل ما يخاط ويتم تفصيله على شكل"مبادرة" الآن هو في الأصل إستدراك واستنقاذ للخرفان التي تشذ عن قطيع الراعي واحداً تلو الآخر.وأخيراً بدأ السيد الأميركي يخسر شيئاً حقيقياً من نفوذه ، لم يعد لواشنطن ذات النفوذ في رسم مستقبل الناس التي خرجت تقضم من خشب كرسي النظام العتيق.وهذا هو عين ولادة صورة جديدة لنظام عالمي أساسه "فوضى" ليست بالضرورة سيئة العواقب ، بل هي بكل تأكيد أقل في ضررها من المستقبل مسبق الإعداد او مسبق السبك من وجهة نظر مصلحة الشعوب.إذن ،نحن ازاك نموذج لقوانين فيزياوية تتحكم بالحركة (السرعة والتعجيل)تختلف عما ورثناه من قوانين العصور الماضية ، التعجيل لا يجري هنا كما تشاء قوانين الفيزياء الأميركية أو حتى تلك التي أنتجت في أوروبا، التعجيل والسرعة ولدتا بالأصل في ساحة أو ميدان ومعها دوماً آباء شرعيون غير مستعدين للتخلي عن أبوتهم البايولوجية أو التاريخية الحقيقية للحدث في الشارع العربي.لذلك على الولايات المتحدة التي تفكر خلال كل جزء من الثانية كيف تستديم هيمنتها وقوتها كدولة عظمى ، عليها أولاً أن تدرس قوانين جديدة للتعجيل والحركة من تلك التي تخططها الفوضى التي أضحت خياراً أكثر عقلانية مما كانت تعرضه واشنطن من إختيارات أمام الشعوب أو كانت تسكت عن إستمراره على رؤوس تلك الشعوب في الأقل.أي جهة ترغب في التعظيم او الإستمرار بحيازة وصف العظيم عليها أن تباغت الى التفاهم مع صانع القوانين الجديدة وتبذل أقصى الإجتهاد للبقاء ضمن حيز المصلحة المشتركة ...المشتركة حقيقة مع هذه الشعوب لا خداعاً.
السرعة والتعجيل..قياسات نقل السلطة
نشر في: 30 مايو, 2011: 07:43 م