TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: عاجل: الناطق الرسمي يمتنع عن الظهور

العمود الثامن: عاجل: الناطق الرسمي يمتنع عن الظهور

نشر في: 30 مايو, 2011: 08:50 م

علي حسينيهلّ الناطق الرسمي لقيادة عمليات بغداد من على شاشات الفضائيات ثلاث مرات يوميا على الأقل، حيث يظهر الرجل بالصورة والصوت وأحيانا بالصوت فقط على فضائيات متعددة كل ليلة، ورغم كثافة الحضور الإعلامي للسيد الناطق فقد ثبت بالدليل القاطع أن أحدا في العراق لا يثق على الإطلاق في تصريحاته، بدليل أن معظم الأحداث الأمنية التي تعصف بالبلاد يعتبرها الناطق مجرد خرق امني وان الحكومة تعاملت معها،
 ووفقا للأرقام التي يطرحها الناطق عن عدد الذين تم إلقاء القبض عليهم من الإرهابيين حتى الآن فإن بضع مئات من الآلاف القي القبض عليهم، ومع هذا لا تزال عصابات الجريمة المنظمة تجول في الشوارع. ولكن للأسف هذه المرة لم يهل علينا السيد الناطق ولم يخبرنا عن مصير أربعة شباب تم اختطافهم في وضح النهار من قبل القوات الأمنية في ساحة التحرير، فأرسل بدلا عنه ناطقا آخر يعمل في وزارة حقوق الإنسان ليزف البشرى إلى عوائل المعتقلين ويقول بالفم المليان: "إن الشباب موجودون في قيادة عمليات الكرخ." طبعا السيد مستشار وزارة الحقوق لم يصدر بيانا يدين فيه عملية الاختطاف الحكومي، ولم يلوح بمقاضاة الذين ارتكبوا هذا الفعل المنافي لأبسط حقوق الإنسان. وكي تكتمل فصول السيرك الذي نصبته الحكومة فقد خرج علينا رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد ليخبرنا بان هؤلاء الشباب كانوا يهتفون بقصائد وشعارات تحرض على العنف. والسؤال الآن أيهما أخطر على العراق، شباب ينادون بالعدالة الاجتماعية ويرفعون شعار "باطل" للرشوة والتزوير والمحسوبية والفساد والانتهازية، و"باطل" لسرقة المال العام وللطائفية وللمحاصصة البغيضة ولسلة النواب الفاسدة، أم سيل عارم من المفسدين الذين حولوا حياتنا إلى جحيم. لم يثبت حتى الآن أن متظاهرا هدد امن الوطن ومستقبله، لكن المؤكد بالصورة والصوت أن العديد من السياسيين اهلكوا البلاد ودمروا مستقبلها.والسؤال هنا: أيهما أولى بالاعتقال، شباب ينادون بعزل الفاسدين وإعادة الحياة إلى مفاصل الدولة، أم مسؤولين تحولوا إلى خطر داهم يجرف في طريقه كل شيء؟إن الذين خرجوا إلى ساحة التحرير لم يرفعوا شعارات طائفية، ولا سعوا إلى إسقاط النظام، ولا قدموا مطالب مستحيلة، كل ما طالبوا به إصلاحات سياسية لا تنتقص من قدر الحكومة ولا تنال من هيبتها، لكنها تجعل الناس تضعها في حدقات العيون إذا ما استجابت لمطالب شعبها وقررت أن تكون جزءا منه.هل كثير على العراقيين بعد عقود من الدكتاتورية أن يحظوا بحكومة تعبر عنهم وتلبي مطالبهم المشروعة؟ هل كثير على العراقيين أن يحظوا ببرلمان يمارس دوره الرقابي الحقيقي ولا يكون جزءا من الحكومة.كنا ولازلنا نحلم أن نرى الحكومة تستجيب لمطالب الناس قبل أن يطلبوها، وان تدرك أن الاستجابة لمطالب الناس هي التي تحفظ النظام و ليس طرق الاعتقال البربرية. حتى لو كان عدد الذين خرجوا في تظاهرات الجمعة مئات،، فهؤلاء هم ضمير هذا الوطن النقي وروحه المغسولة بندى الطهر والبراءة ونبل المقصد، وهؤلاء هم البناءون الحقيقيون، وليسوا هدامين أو معطلين لعجلة الوطن مثل كثير من السياسيين الذين يعطون للناس من طرف اللسان حلاوة، بينما قلوبهم ملأى بالغش والحقد والطائفية. إنها فرصة الحكومة لكي تتصالح مع شعبها، ومع نفسها، بدلا من اندفاعها غير المعقول في الاتجاه الخطأ، وأضمن لها في هذه الحالة، أن تجد لنفسها غطاء سياسيا وأخلاقيا يسترها ويعفيها من مهانة الوقوف عارية أمام الناس بعد أن نكثت بوعودها، وأجرمت حين تركت كل شيء وركزت على محاربة المتظاهرين وقمعهم، تركت اللصوص الكبار يهددون امن البلد، تركتهم يخربون اقتصاد البلد، تركت سياسيين ونوابا ومسؤولين يصبون الزيت على النيران الطائفية، تركت كل هذا واهتمت فقط بمطاردة شباب أبرياء. إذا كانت الأصوات قد بحت وهي تطالب بمشروع وطني حقيقي يلتف حوله الجميع، فها هي تظاهرات الجمعة تقدم لنا الفرصة لكي تكون هناك ضمانة حقيقية لحماية مستقبل البلاد، فهل تفعل الحكومة أم أنها أدمنت بيانات الناطق الرسمي التي أثبتت أنها بلا طعم ولا رائحة وفوق ذلك بلا مصداقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram