TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أزمات السياسة العربية .. أزمات في التاريخ والثقافة والقراءة

أزمات السياسة العربية .. أزمات في التاريخ والثقافة والقراءة

نشر في: 31 مايو, 2011: 05:21 م

علي حسن الفوازمقياس الظاهرة المدنية بات اكثر قربا الى التوصيف الثقافي، وحتى العمران بمعناه التصميمي والاستيعابي تخلى عن قياسه الاساسي في تحديد دلالة هذه الظاهرة، إذ أن الجوهر الثقافي اضحى اكثر اهمية من الظاهر الوجودي، خاصة وان قيم الحضارة والمدنية تحولت الى منظورات وافكار وسياسات وارقام، وماعاد الشكل المجرد تعبيرا عن قيمة التحضر بوصفه خدمات فندقية او سياحية، او حتى منظومة امنية على درجة من المهارة والحرفنة لها سياق حمائي للنظام المالي او الرياضي او السياسي،
 وليس حماية للنظام الفكري الذي هو في العمق دائما. اذ ان نظام الحماية هذا يمكن لأية شركة خدماتية عامة ان تنفّذ مفرداته، مثلما ان اية شركة بمستوى(بلاكووتر)ان تؤدي عملا حمائيا أمنيا لمنظومة من ناطحات السحاب او المؤتمرات او منابع النفط او حتى الشخصيات المالكة! لكن لايمكن لأية شركة أن تحمي البنية التاريخية العميقة من مواجهة التحديات الثقافية للحضارة، ولاحتى تستعير لها تاريخا من الجوار، او تصطنع لها كولاجا من التاريخات التي سرعان ماتنكشف عن شحوبها واوهامها.ظاهرة صناعة الحواضن الثقافية اصبحت(بدعة)عربية بامتياز، واضحت المهرجانات الادبية والفنية، خاصة السينمائية، وكذلك الندوات والحلقات النقاشية التي تتعاطى مع اخطر مظاهر الازمات واسئلتها نوعا من(البرستيج)الذي تتباهى به دول لاتملك شرطها التاريخي في العمق المديني والحضاري، ولاحتى الجدوى التفاعلية مع ما يتمخض من هذه الفاعليات، وبما يجعل العديد من دواعي انعقادها وتنظيمها، وكأنه نوع من(الفرجة العلنية) للتباهي ولربط مموه مابين الظاهر الثقافي بالسياسي، خاصة وانها تناقش قضايا إشكالية في الفكر والحرية والحقوق والمعرفة والإعلام وحوار الثقافات والحضارات والاديان والطوائف وتقنيات الدخول الى الحضارة، وغيرها من الظواهر التي تشكل ملامح سسيولوجيا الترحيل الحضاري والحداثي لإنسان ما بعد السبرانية!! في الوقت التي تعانيه هذه الدول من ازمات الهوية اولا، ومن ازمات نمطها وعي نخبها السياسي، ودورها في إشاعة أشكال السلفية السياسية والثقافية، ناهيك عن ادوارها السياسية المشبوهة في إثارة المشكلات والأزمات والصراعات والحروب، بما فيها صراعات ذات(لعنات)طائفية عفت عليها الحداثة ومفاهيم الدولة والحرية.ولعل ماحدث ومايحدث في الواقع العربي من ازمات عميقة، والنزوع للتعبير عن رفض مايتساقط من هذه الازمات عبر العديد من اشكال الرفض كالثورات الشعبية والاحتجاجات وإعادة فحص الكثير من ملفات(المسكوت عنه في السياسة والثقافة والمقدس والسلطة) يعكس في جوهره ازمة العمق الثقافي للعقل العربي اذا استعرنا التسمية من محمد عابد الجابري، او ازمة العقلية اذا استعرناها من هادي العلوي، مثلما يعكس التشوهات التي تحولت الى مصادر ومراجع تؤسس عليها الكثير من الحكومات سياقات قراءاتها لمفهوم التحضر والتمدن واستدعاء الآخر، والموقف من الحقوق والحريات والهويات وانماط المعيش ومفاهيم الدولة والسلطة والديمقراطية والمواطنة وغيرها، والتي انكشف الغطاء عنها حتى باتت ظاهرا لتداعيات خطيرة نشاهد الآن الكثير من ملامحها عبر السياسات الغرائبية، وعبر الكثير من المواقف والاصطفافات التي تكشف عن عمق الازمة، وعن هشاشة النظام الاجتماعي والسياسي والثقافي وحتى الاقتصادي الريعي النفطي والسياحي!! مقابل استشراء ظواهر اكثر تعقيدا لأشكال من الأميات التي لم يحسب لها احد حساب، والتي تتجوهر في(الاميّة السياسية)، إذ أن هذه الأمية تجاوزت في خطورتها الاميّة التعليمية، والاميّة الرقمية، وباتت اميّة ذات خطورة ستراتيجية قد تطيح بالنظام السياسي، او تعرض البنية الاجتماعية والاقتصادية للعديد من الدول الى خطر الانهيار والتشرذم او التابعية لحلقات الصراع الدولية التي تطبخ الكثير من(طبخاتها)الساخنة في الجغرافيا السياسية.rnأزمة ثقافية عميقة..ما يتمظهر  الآن من أزمات سريعة ومثيرة للجدل في الكثير من بنيات الواقع العربي بدأت تتبدى الكثير من مظاهرها السرية والعلنية وحتى الصراعية على مستوى الشارع، وعلى مستوى اداء بعض المؤسسات الامنية، وعلى مستوى البحث عن خنادق بديلة، وخطط إنقاذ طارئة، إذ  بدأنا نسمع(هسيسها) على شكل زيارات مكوكية، وانفعالات إعلامية صارخة، وسياسات فيها الكثير من الفنطازيا، مقابل التمادي في سياسات وسلوكيات فيها الكثير من العنف والقسوة والشتائم العلنية للخصوم السياسيين والطائفيين في الداخل والخارج. مقابل ذلك اخذت الكثير من المواقف الوطنية في داخل هذه الدول بالتململ، واثارة الغبار حول قضايا كانت سابقا من(التابوات) والتي اخذت تظهر على شكل مواقف اجتماعية غاضبة علنية، او مسيرات احتجاجية سلمية، والتهديد بعصيانات مدنية، او بصناعة اشكال غير مسبوقة للمعارضات، او مابدا يتمظهر منها على شكل اعتراضات برلمانية، او تلصصات في منظومات الاتصال الاجتماعي، واحيانا مواقف نشم منها رائحة السياسة المهيجة، لكن جوهر هذه الازمات يظل كامنا تحت الغطاء الثقيل لازماته الثقافية الخبيئة-ازمات الهويات والشراكة والقبول بالآخر والحوار حول الحقوق والادوار وبناء الدولة الحديثة الكافلة للحقوق الجمعية على اسس المواطنة-  حتى وان بدت بعض محمولات هذه الازمات ذات خطابات سياسية عالية الصوت وواضحة الصورة، فأزمة السلطة وأزمة الحكم وأزمة إدارة الحقوق والتنمية والثروات والحريات هي ازمات ثقافية اساسا،

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram