الناصرية / المدى يمكنك وأنت تسير في منطقة المهيدية (جنوب مدينة الناصرية) أن تلحظ وبوضوح ملامح البؤس والحرمان التي تعيشها هذه المنطقة التي تقطنها الكثير من العوائل المهجرة إبان الحرب الطائفية التي شهدها العراق واحد الذين التقتهم شبكة أخبار الناصرية،
شاب مقعد اسمه ذو الفقار رياض محسن (22 عاما) كان بطلا لواحدة من قصص المأساة التي خلفتها الحرب الطائفية التي عصفت بالبلاد قبل عدة أعوام وليختزل بحديثه معاناة إنسانية كبيرة.ذو الفقار مهجر من العاصمة بغداد يشكو إضافة لعوقه من وجود إطلاقة داخل قفصه الصدري مجاورة لعضلة القلب وقد خشي الأطباء إخراجها خوفا من أن يصاب بشلل التام، وهو يعيش الآن مع أمه وإخوته في منطقة المهيدية بعد أن حصلوا على قطعة ارض وبدعم من منظمة إنسانية ساهمت في إنشاء هذا المنزل بسقف من أعمدة الخشب والقصب.ذو الفقار لم يحصل إلا على مبلغ مليون ونصف المليون دينار كتعويض من الحكومة فقط جراء إصابته، فيما تحكي والدة ذو الفقار فاطمة هادي عودة قصة تهجيرهم من العاصمة بغداد إلى الناصرية بالقول :»في عام 2007 هجرنا بسبب أعمال العنف الطائفي التي اندلعت آنذاك، سكنا في بادئ الأمر مع أقاربنا في مدينة الصدر، ولكن مع طول البقاء اضطررنا إلى البحث عن مسكن آخر أنا وأولادي الأربعة وبناتي الثلاثة «.وبشيء من الحسرة تؤكد فاطمة : لا معيل لنا، بعد أن اعتقل ولدي الأكبر عمار 25 عاما من هذا المنزل وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما بتهمة انتمائه إلى جيش المهدي، قضى منها قرابة أربع سنوات في سجن الناصرية المركزي، أما كرار الذي يتوسط أخويه عمار السجين وذو الفقار المشلول فعاطل عن العمل، يبحث عن أي عمل دون جدوى، أما أصغرهم فهو ما زال تلميذا في المدرسة، مصدر معيشتنا الوحيد هو الصدقات التي يقدمها بعض الجيران والأقارب»وتضيف فاطمة: أنا الآن مطلقة وأعيل هذه العائلة فأبوهم مصاب بحالة نفسية وهويسكن في بغداد» لم أفكر يوما في العمل لان ذو الفقار بحاجة دائمة إلى وجودي بالقرب منه فهو يحتاج إلى استبدال أكياس وأنابيب إدراره البولي بشكل مستمر ونجهد على توفيرها رغم بخس ثمنها «لكنها تستطرد بالقول : إن سنحت لي فرصة عمل لن أتردد .ولم تكن حال أم احمد الاسدي (39عاما) بأفضل من فاطمة فهي الأخرى تروي قصتها بالقول :»نحن من سكنة الجبايش هجرنا إلى إيران بعد الانتفاضة عام 1991 م التي أصيب فيها زوجي بجروح اضطرته إلى الخضوع إلى الفحوصات الطبية هناك، فأكدوا ضرورة بتر ساقه، لكنه رفض الأمر وقرر الهجرة من هناك إلى دولة أخرى بحثا عن العلاج لكن القدر لاحقه فغرقت السفينة التي كانت تقلهم وتوفي هو ومن معه غرقا».وتكمل : بعد التغيير عدنا أنا وأولادي الثلاثة إلى العراق وسكنا في محافظة كربلاء ولكن السلطات هناك رفضت أن تبقينا بحجة التجاوز، فاضطررنا إلى النزوح إلى الناصرية، ولم نجد سوى منطقة المهيدية حيث سكنت وأولادي بأرض ليست ملكنا وتبرع لنا الناس واستطعنا بناء غرفتين تؤوينا، ولدي الأكبر اعتقل وحكم عليه 15 عاما بتهمة الانتماء لأحدى الجماعات المسلحة. وعن مصدر معيشتها الآن تقول أم احمد أن لديها راتبا تقاعديا مقداره مئتي الف دينار كل شهرين، لكنها فوجئت هذا الشهر باستلامها 25 ألف دينار فقط، والسبب كما قالوا لها أن راتب التقاعد قد قطع من بغداد !لم تختلف قصة أشواق ظاهر مهرج عما سبقها كثيراً، فهي مهجرة أيضا من حي الجهاد ببغداد وزوجها عاطل عن العمل، كما أن صغارها اضطرتهم الظروف إلى بيع الحلوى بالقرب من النهر كي يسدوا رمقهم .تقول أشواق : نسكن في المهيدية في منزل صغير استأجرناه بـ 150 ألف دينار لكل شهر، نعتمد على ما يجنيه الصغار لسد ما نحتاجه من غذاء ونوفر ما نستطيع لدفع إيجار المنزل، فنحن نخشى أن نتأخر فنطرد من المنزل !تضيف أشواق: حاولنا العودة إلى حي الجهاد دون جدوى، فالجماعات الإرهابية تترصدنا هناك نخشى على حياتنا، فأبي قتل قبل عدة أعوام دون أسباب واضحة..أما أم رافد، فهي مهجرة وتسكن مع أحفادها الأيتام في منطقة المهيدية وتعيل أحفادها مما تحصل عليه من التسول في الشوارع والأسواق، تقول : اضطررت إلى التسول كي أعيل أحفادي بعد أن قتل أبوهم في انفجار منطقة السعدون قبل أعوام، هربت بهم خوفا عليهم إلى أن وصلنا لهذا المكان استأجرنا منزلاً بـ150 ألف دينار، لم أجد سوى الخروج إلى الأسواق للتسول لكسب بعض المال كي نسد إيجار المنزل، وأسد رمق هؤلاء الأيتام الذين لم تعوضهم الدولة شيئاً جراء فقد أبيهم.وعن شبكة الحماية الاجتماعية تقول: لم احصد منها سوى الوعود.هذه نماذج من عوائل تعيش دون مستوى خط الفقر وترزح تحت ضغط نقص الخدمات الأساسية في حي منسي يسكنه منسيون من خارطة الحكومة المحلية أو المركزية... وهم بانتظار الحل.
في منطقة المهيدية عوائل مهجرة تعيش على حافة النسيان
نشر في: 31 مايو, 2011: 07:56 م