قيس قاسم العجرش كمية وتفاصيل الإجراءآت والخطط البديلة التي اتخذها السلاطين العرب لتفادي الاندحار هذه الأيام تـُعد درساً من دروس التاريخ السياسية البليغة والتي ستكون مرجعيّة مستقبلية لدارسي السياسة والقانون وعلم النفس وحتى الأنثرويولوجي في كل بلدان العالم.
كانت ميكانزما الرعب والتخويف وحضور نماذج الاختفاء في ذهنية الناس وتنوع القصص عما يمكن أن تفعله الحكومة بخصومها ،كانت هذه آخر دفاعات ما قبل الاشتباك أو المصدّة الأخيرة التي تلعب دورها نفسياً في نفس المحكوم قبل أن تنفلت ثائرة وكاسرة لطوق الخوف من الحاكم.درع الظن هذا، تبين أن فيه من الهشاشة بقدر ما كانت الفكرة أصلاًً برمتها تعاني هشاشة العظام ولينها ، أعني فكرة أن تخيف شخصاً كي يبقى خائفاً أبد الدهر.ولأن للسلاطين وقت فراغ كبير للتفكير في استدامة الهيمنة نراهم يبدعون في ابتكار السيناريوهات التي تهدف بالنهاية الى إبقائهم مزيداً من الوقت.هم في الحقيقة شركاء مماثلون بهذه الصورة مع ابتكارات السجين داخل الزنزانة المفردة ، حين يمكث بها طويلاً نراه يتفنن في التلاعب على قوانين السجن ثم يختزل التفكير الإنساني لدى السجين بشكل مطلق ويتخصص في ابتكار التجاوزات أو الخروقات أو حتى محاولة الهرب من السجان.السلاطين كذلك حالهم حين تم سجن تفكيرهم بمساحة البقاء فقط .البعض ذهب الى محاولة عصر الظرف الدولي وحلبه لعله يجد أو يستشعر توازناً هنا أو مصلحة هناك تعينه ضمن توازنات القوى أن يبقى ، كما هو الحال مع الرئيس السوري اليوم، إذ مازالت إسرائيل تعد نموذج استدامة حالة الأسد على رئس السلطة بهذا الشكل هو تأمين لبقائها كدولة آمنة.ولم تخف الولايات المتحدة كذلك إدراكها العلاني من أن وجود أنظمة مثل النظام السوري على حدود إسرائيل هو أمر حيوي للمصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط بالرغم من التخندق المتضاد مع المصالح الأميركية الذي تسلكه دمشق حين يكون الحديث عن تقابل إيراني ـ أميركي.إذن هناك فرصة أمام السلاطين أن يتنفعوا من الخارطة العالمية ومصالح القوى العظمى من أجل البقاء لعهد أطول.وهناك أيضاً فرصة أن يخلق السلاطين نوعاً من التخندق المجتمعي الذي يتطور ليكون مشروعاً لحرب أهلية من نطاق يستخدم لمرة واحدة (للبقاء فقط) .وهناك أيضاً فرصة لإشاعة الفوضى العارمة ، كإطلاق السجناء الى الشارع مثلاً ، أو ظاهرة (البلطجية ) للترويع وكي تكف الأمهات عن تحريض أبنائهن لصالح صيحات السقوط .وهناك مشاريع أخرى ، يدخل المال فيها عنصراً حاسمًأ....لكن المفاجأة سـتأتي بالنهاية ...لو تصور هؤلاء فقط أنهم زائلون لكانت دعوة الرحيل والمنافي أفضل حالاً من الآن ...لكن سريعاً جداً قبل كل شيء ، قد لا يجدون في ما بعد تفويت الفرصة بديلاً عنها.
ومـــــع ذلك.. فهم زائلــــون
نشر في: 31 مايو, 2011: 08:09 م