(الإنجيل حسب رواية القديس متى) لبيير باولو بازوليني -1964 ترجمة: نجاح الجبيلي أتذكر بوضوح الليلة التي شاهدت فيها فيلم "الإنجيل حسب رواية القديس متى" لأننا تأخرنا عن العرض. تعاهدنا أنا وأصدقائي أن لا نصل أبداً متأخرين عن الأفلام لكن في تلك الليلة كان علينا أن نعدو إلى دار السينما. وصلت متوتراً ألهث ويتصبب مني العرق. وكان الفيلم قد بدأ.
نشأت كاثوليكياً. وحتى سن الثامنة عشرة اعتدت الذهاب إلى الكنيسة كل يوم أحد وإلى اختبار العقيدة مرتين في الأسبوع- لكني في الواقع لم أشغل بالي أبداً بها. كنت دائماً أستغرق في أحلام اليقظة. حين دخلت الكلية في مدينة بولدر بولاية كولورادو تخليت عن الذهاب إلى الكنيسة دون الكثير من التفكير. وبعد أن رأيت فيلم "الإنجيل حسب رواية القديس متى" اعتبرته تجربة رائعة جعلتني أدرك أن قصص الكتاب المقدس وصوره التي أهملتها حين كنت طفلاً قد غطست بالتنافذ. ورأيت طفولتي قد تجذرت عميقاً داخلي. إن الجمع بين الصورة ذات اللونين الأسود والأبيض والمسار الصوتي الانتقائي (بضمنها أغنية "أدويتا" العاطفية "أحياناً أشعر كأني طفل بلا أم") كان في غاية التأثير. وربما كانت اللحظة الأكثر إثارة هي حين يشفي يسوع الرجل صاحب الوجه المشوه. باستعمال مؤثرات خاصة كان بازوليني يستحضر شيئاً خارقاً أشبه بالمعجزة. وسرعان ما أدركت بأن ضربات قلبي لن تستعيد معدلها العادي. كانت ذراعاي خدرتين والألم ينطلق خلال جسمي مثل نوبة قلبية. لقد جعلني الفيلم أشعر وكأني على وشك أن أموت. ثم أخذتني صديقتي إلى غرفة الطوارئ وأنا مصاب بالهذيان والرعب. حين يفكر الناس بقصص الكتاب المقدس يتصورون الأفلام الملحمية الكاسحة مثل "الوصايا العشرة". لكن فيلم "الإنجيل حسب رواية القديس متى" هو بالأساس وثائقي يدور حول يسوع. لقد جعلني أدرك كيف أن الحياة الواقعية والتجربة الشخصية يمكنهما أن يخلقا سينما مثيرة وحساسة أكثر من التقنيات المتطورة. لقد جعل الفيلم من الإنسانية أمراً حاسماً بالنسبة لعملي- فقد أصبحت متعلقا بالمادة الأولية الآسرة واللحظات الحية. كان في الواقع يبشر بمعالجتي الشخصية جداً لفيلم " فالنتين أزرق". لم يجعلني الفيلم أرجع إلى الاعتقاد الذي تبنيته في طفولتي لكني بالتأكيد أخذت عبرة روحية منه. إذا ما صنعت فيلماً قريباً من قلبك فإنه سيكون قريباً من قلوب الناس الآخرين أيضاًَ. ديريك كيانفرانس : مخرج أميركي من أحدث أفلامه "فالنتين أزرق" الذي رشح لجائزة الأوسكار.
الفيلم الذي غير حياتي.. ديريك كيانفرانس
نشر في: 1 يونيو, 2011: 05:10 م