د. سعد بن طفلة العجمي
سرت في الكويت بتسعينات القرن الماضي عبارة سخرية تفسر أي تردٍّ حكومي في البلاد بأنه من "آثار الغزو العراقي الغاشم". وبقي الغزو المدمر مشجباً نعلّق عليه في الكويت كافة مشاكلنا: التردي في الخدمات أو الفوضى المرورية أو المخدرات أو الفساد والسرقات. والظواهر والمشاكل الاجتماعية كلها كانت الحكومة أو من يؤيدها يحيلها لأسباب الغزو العراقي. ولكن وبعد مضي عشر سنوات على سقوط صدام حسين مازالت العبارة تتردد وإن للسخرية والاستهزاء لأنه حلّ محلها مشجب آخر لتعليق مشاكلنا بالكويت عليه: كله من مجلس الأمة!! فمؤيدو الحكومة في الكويت يلومون المعارضة البرلمانية على كل مظاهر التردي في الخدمات والمجالات الحياتية اليومية، ويعزون وقف التنمية وجمودها للشد البرلماني وللمحاسبة البرلمانية ولما يسمونه بالغوغاء البرلمانية رغم أن البرلمان في الكويت لم يعش طيلة السنوات الست الماضية دورة برلمانية واحدة، فقد حل البرلمان عام 2006 وعام 2008 وعام 2009 ، وفي عام 2012 أبطل بحكم محكمة دستورية وأعيد حل مجلس الأمة الكويتي لعام 2009 مرة أخرى وهكذا! أي أن السبب الذي لم يقبل به الشارع السياسي الكويتي- أي مجلس الأمة- غير مقبول ولا مستساغ لأنه غير موجود فعليا، فكلما مارس رقابة أوتشريعا حقيقيا استقالت الحكومة ورفضت التعاون معه وطالبت بحله، رغم أن الحكومة تمتلك المال والإعلام والأمن والخطط والقدرة على العمل بغض النظر عن البرلمان من عدمه، لكنها استخدمته كمشجب لتبرير إخفاقاتها المتكررة.
ويبدو الوضع في العراق الجار متشابها إلى حد كبير: فحكومة السيد نوري المالكي تمسك بالمال والإعلام والأمن والداخلية والدفاع، ومع هذا فهناك استمرار في تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء وأحداث إرهابية مدمرة متواصلة، لكن السيد المالكي وحكومته يلومان البعث والبعثيين والتكفيريين والصداميين لهذا القصور في التردي في الأداء الحكومي وفي الانفلات الأمني الدامي، متناسين أن السيد المالكي هو وزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الأمن القومي والممسك بتلابيب السلطة والمال، ولكن لم يخرج طرف حكومي عراقي يقر بمسؤولية السيد المالكي وحكومته- لا أعرف كم بقي منهم- على تردي الخدمات وانهيار الأمن...
ويبقى عذر العاجز دوماً أوهن من أن يقنع به أحد هناك.
جسر: كله من صدام!
[post-views]
نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 05:00 م