ميعاد الطائيتواجه مصر وتونس استحقاقات فرضتها عليهما حالة التغيير التي حدثت عقب الثورات التي تمكنت من إسقاط الأنظمة في تلك البلدان . وتأتي في مقدمتها الاستحقاقات الانتخابية والتشريعية التي تفرض على القوى الموجودة في الساحة ضرورة الإسراع بوضع دستور جديد للبلاد او إيجاد تعديلات دستورية كما حدث في مصر لتساعد في رسم ملامح العملية السياسية الجديدة . ومنذ نجاح الثورة يعيش البلدان مرحلة انتقالية يبدو إنها أصبحت ثقيلة على الجميع ويصعب الانتقال منها الى المرحلة الأخرى او الخطوة الثانية
حيث تصر القوى الثورية على إعطائها فرصة لتهيئة الظروف المناسبة لدخولها في انتخابات ربما لن تكون مضمونة النتائج في ظل حداثة تجربة هذه القوى والتي تحتاج الى التنظيم وتكوين الأحزاب ووضع البرامج السياسية الواضحة والمقنعة التي يجب ان تقنع الناخب في ان تكون خياره في الانتخابات . وكل هذا يحتاج الى وقت تحاول هذه القوى كسبه من خلال تأجيل الانتخابات لأكثر من مرة لأنها تخشى ان تخسر ثمار الثورة لصالح قوى أخرى أكثر تنظيما في العمل الحزبي والسياسي.بينما تطالب القوى الأخرى كالإخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس بإجراء الانتخابات في اسرع وقت بحجة محاولة التسريع في انجاز الخطوات المطلوبة من اجل إنهاء المرحلة الانتقالية التي يجب ان تنتهي بأسرع وقت ممكن حسب هذه الأحزاب خوفا من تزايد العنف والتوترات بين بعض المكونات في المجتمع، كما حدث في مصر بين المسلمين والأقباط وتزايد الصراع في تونس بين الثوار من الشباب وبين اعوان النظام السابق . لهذا يمكننا القول بان المرحلة الانتقالية لطالما شكلت خطرا على الدول التي شهدت ثورات، ويعتقد البعض ضرورة تجاوز هذه المرحلة من خلال وضع التشريعات المناسبة لانتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب بما يمنح القوى السياسية فرصاً متساوية في المنافسة من اجل ان تتمكن هذه القوى في تلك البلدان من الدخول في منافسة ديمقراطية بعيدا عن الاستفتاءات المزورة التي كان يقوم بها الحكام العرب . إلا إننا هنا نشرع نوافذ السؤال الآتي : ماهي طبيعة النظم الجديدة التي ستحل محل الأنظمة الاستبدادية التي سقطت ؟ وكيف ستعمل القوى السياسية على بناء الدولة الديمقراطية الجديدة ؟ الجواب على هذا السؤال تحدده أشياء كثيرة، أهمها الآليات التي سيتم من خلالها بناء الدولة الجديدة ونقصد هنا آليات الإصلاح الذي تحددها وتتحكم بها القوانين والأنظمة التي يتم اعتمادها في إعادة بناء الدولة والمؤسسات الحكومية ،وفي مقدمة هذه الإصلاحات ( الدستور ) الذي يجب ان يكتب بصورة تتلاءم مع التغييرات الديمقراطية الجديدة التي طرأت على الساحة حيث لابد من اعتماد مواد وقوانين تطلق سراح الحريات المكبلة وتجرد الحكام من القوانين التي كتبوها لتحمي تواجدهم في السلطة وتمكنهم من الاستمرار في المنصب الى مالا نهاية وتحمي مصالحهم، كقانون الطوارئ والمواد الدستورية الخاصة بترشيح رئيس الجمهورية وطبيعة النظم الانتخابية المعتمدة في البلاد . إضافة إلى ان هناك مهمة تقع على عاتق القوى السياسية المتواجدة في مرحلة التحول ،وهي ان تسعي لطرح مفاهيمها الديمقراطية وتعمل على إخراج المجتمع من عقد كثيرة منها: عقدة الخضوع للحاكم وللحزب الواحد والانتقال به إلى التعددية الحزبية واتساع مساحة المشاركة السياسية . ويتحتم على هذه القوى وخاصة الليبرالية والعلمانية منها ترسيخ مفاهيم وقيم المواطنة والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وحرية الرأي والرأي الآخر والتعايش السلمي وتداول السلطة وأشياء كثيرة غابت عن المنظومة القيمية لفترة ليست بالقصيرة، لذلك يتحمل المثقف والسياسي العربي إعادة تأهيل المجتمع ليستوعب هذه المفاهيم لنتمكن من التمهيد في المرحلة الانتقالية لبناء دولة ديمقراطية لها أساس متين ودعائم قوية بعيدا عن أخطاء الماضي وآلياته القديمة .خلاصة القول: على القوى السياسية في تلك البلدان الإسراع في إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال إجراء الانتخابات من اجل معرفة الحجم الحقيقي للقوى السياسية لأجل إنهاء حالة الركود الاقتصادي الذي أصاب الاقتصاد في البلدين ومن اجل ان تتضح الصورة للعالم ويتعرف الى القوى التي سيتعامل معها سياسيا واقتصاديا ولكي تعبر البلاد مرحلة الخطر نحو الديمقراطية الجديدة .
استحقاقات التغيير بين التسريع والتأجيل
نشر في: 3 يونيو, 2011: 04:29 م