TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل تحقق الثورات العربية التحول الديمقراطي؟

هل تحقق الثورات العربية التحول الديمقراطي؟

نشر في: 3 يونيو, 2011: 04:31 م

حسين علي الحمدانيماذا يمكن أن يكون حصاد الشعوب العربية بعد ربيعهم التأريخي هذا ؟ وكيف سيتشكل المشهد السياسي في الدول العربية التي نالت حريتها من النظم الشمولية ؟ ولمن ستمنح الشعوب ثقتها عبر صناديق الاقتراع ؟هذه أسئلة بديهية تطرح نفسها كلما تقدم بنا الزمن صوب الانتخابات القادمة في العديد من الدول العربية والتي حددت تواريخ الانتخابات في مصر وتم تأجيلها في تونس ، وربما ستشعر الشعوب العربية بالزهو وهي تحث الخطوات صوب المراكز الانتخابية لتبدأ رحلة الديمقراطية الشاقة ،وهنا يطرح المتابع سؤالاً في غاية الأهمية هل نحن في جاهزية تامة لأن نمارس الديمقراطية وفق صيغتها الحضارية ، أم سنستحضر لحظة التصويت بعض ما فينا من الجاهلية الأولى؟
علينا أن نعترف بأن الشعوب العربية غير جاهزة لأن تمارس الديمقراطية، وهذا ليس تجنياً بحقها بقدر ما يمثل إنصافاً لها لكي لا تقع في المحظور وتنجرف وراء مخططات وأجندات الساسة والأحزاب التي تكاثرت في ربيع العرب كتكاثر الأزمات نفسها ، فالكثير من التقارير الأممية منها والحكومية تؤكد أن أكثر من 40% من سكان الوطن العربي يعيشون تحت خط الفقر، وما نسبته 46% يعانون  الأمية الأبجدية ، وبالتالي فإن أحد أهم ركائز الديمقراطية غابت عن المشهد العربي ، لأن الديمقراطية ليست انتخابات وصناديق اقتراع وفرز أصوات بقدر ما هي بناء مجتمع واعٍ ومدرك وقادر على ممارسة الفعل الديمقراطي بإرادته وليس عبر ما قد يملى عليه من قبل الآخرين أو يمنح صوته لمن يدفع أكثر ،وبالتالي تفقد الديمقراطية سمتها الحقيقية  وتكون نتائجها مشوهة جداً وقد تجلب الويلات والدمار.وأمام هذه الحالة فإن عملية التحول الديمقراطي المنشودة لن تحدث بسبب العوامل التي أشرنا إليها، يضاف لها التهافت المتوقع من قبل الأحزاب سواء في تونس أو مصر على  المناصب كما حدث في العراق في دورتين انتخابيتين لم يحصد منهما الشعب العراقي سوى الترهل في المناصب على حساب الديمقراطية نفسها ، وبالتالي فإن ثمة صدمة تنتظرها مصر وتونس في هذا الجانب خاصة وإن الكثير من الأحزاب تراهن على الشرائح الأكثر فقراً وتحاول استمالتها لصالحها .وحقيقة وجدنا أنفسنا نحن العراقيين نتابع بقصد أو بدون قصد ما يجري من أحداث سواء في مصر أو تونس ، ونستقرىء ما يمكن أن يحصل في المستقبل من خلال تجربتنا العراقية فإذا بنا نجد بأن ثمة عملية استنساخ لما كان موجوداً لدينا بعد عام 2003 يجري الآن في مصر وتونس بطريقة ربما ستقودهما لما وصلنا إليه من أنفاق مظلمة لا ضوء في نهايتها .وأول هذه الأنفاق ولادة شعور لدى القوى الإسلامية سواء في مصر أو تونس ، بأنهم لم يحكموا بعد ولم يمنحوا فرصتهم في قيادة الدولة أو حتى تسنم مناصب ، فقد حكم الليبراليون على أيام الملوك في النصف الأول للقرن العشرين،  و حكم القوميون و اليساريون بعد سلسلة الانقلابات العسكرية و الحركات الثورية التي شهدها العالم العربي خلال النصف الثاني من القرن الماضي وبدعم ورعاية مباشرة من الغرب من أجل تحديث النظم وليس تحديث السياسات، وينتظرون من الربيع العربي أن يوصلهم للسلطة ، وهذا ليس ببعيد سواء عن الأخوان في مصر أو حركة النهضة في تونس خاصة وإن كليهما أعلن انفصاله عن ائتلاف ثورة الشباب ونأى بنفسه عن أية مواجهة في هذه المرحلة مع العسكر في كلا البلدين من أجل أن يحتفظ بعلاقات يدرك إنها ستمهد له الطريق لأن يحقق ما يسعى إليه .ولو نظرنا لحركة الأخوان  في مصر والنهضة في تونس في السنوات الماضية فإننا نجد بأنهما ابتعدتا عن التصادم مع النظامين المصري والتونسي ،وفي أيام الاحتجاجات انتظرا ما ستؤول إليه حركات الشباب وما ستنتج عنها لكي يحددا موقفهما بشكل يتناسب والمرحلة وليس ما يتوافق والمبادئ،وبالتالي فإنهما الآن طلاب سلطة وحكم أكثر مما هم محبين للديمقراطية ، فالديمقراطية التي توصلهما للسلطة مرحب بها .لهذا نجد ثمة مخاوف تعتري أواسط المثقفين في مصر وتونس من أن يكون حصاد الثورات العربية نظماً استبدادية من نوع آخر، خاصة وإن الأشهر والأسابيع القليلة الماضية أكدت هيمنة القوى الإسلامية على الكثير من الأمور وتسييرها للشارعين المصري والتونسي وفق الاتجاهات التي تريدها خاصة ما يتعلق منه بتمرير التعديلات الدستورية في مصر أو حتى تأجيل الانتخابات في تونس ، وبالتالي فإن الهيمنة القادمة والتي يتخوف منها البعض قد تكون بداية حقيقية لابتعاد الثورات العربية عن مساراتها التي رسمها الشباب في ساحات التغيير أو سعى للتغيير من أجل تحقيقها. وبالتأكيد فإن المشهد السياسي بدأت بعض ملامحه تتضح ، خاصة وإن القوى الإسلامية ترتكز على قاعدة شعبية عاشت حرماناً طويلاً وجربت العلمانيين سنوات والقوميين سنوات أخرى وبالتالي فهي – أي الشعوب – ستجد نفسها تمنح القوى الإسلامية في مصر وتونس الصوت الانتخابي مانحة إياهم فرصة أن يحكموا هذه المرة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram