بغداد/ نورا خالد تصوير / ادهم يوسف  شخصية سياسية وطنية حازت احترام العراقيين على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم. عرف بثقافته العصرية الواسعة، ونزاهته المطلقة، وتفكيره الهادي العميق. كان موضع التقدير في جميع العهود السياسية التي توالت على العراق في ظل النظامين الملكي والجمهوري،
سواء أكان في الحكم أم في المعارضة. وكان تقدير نوري السعيد له –مثلا – لا يقل عن تقدير عبد الكريم قاسم الذي اسند إليه وزارة المال في أول حكومة عراقية في العهد الجمهوري من دون أن تكون له معرفة شخصية سابقة به، بل استنادا إلى سمعته وكفاءته.علاقاته الشخصية كانت تتسم على الدوام، بالاعتدال والاتزان، واحترام الرأي الآخر، ومناقشته بالمنطق الهادئ وبعفة اللسان. لذلك، كان محمد حديد يحمل كل من يتعامل معه على الصعيد السياسي أو الشخصي على احترامه حتى وان اختلف معه في الرأي او الاتجاه. محمد حديد السياسي، والشخصية الليبرالية، واحد رواد الصناعة في العراق، أقام له بيت المدى صباح أمس احتفالية قدم لها الباحث رفعت عبد الرزاق الذي لخص السيرة النضالية والسياسية للراحل الكبير والتي شكلت حضورا متميزا في الساحة السياسية العراقية سواء في الحكم الملكي أو في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم. نجيب محيي الدين: شخصية مميزة وقوية أول المتحدثين عن شخصية المحتفى به صديقه نجيب محيي الدين نقيب المعلمين في العهد الملكي الذي تحدث عن شخصية محمد حديد قائلا: سأتحدث عن شخصية كما عرفتها عن قرب ليس من خلال علاقتي به في الحزب الوطني الديمقراطي، بل من خلال عملي معه قرابة خمس سنوات في المؤسسة الشامخة الى أسسها صارت رمزاً صناعياً وطنياً يفخر بمنتجاتها كل مواطن، بل صارت في مقدمة المشاريع في المنطقة العربية والبلدان المجاورة. وقبل أن أتحدث عن شخصية كما عرفتها عن قرب أرى انه لابد أن أبين إن دراسات أكاديمية ومقالات جادة قد كتبت عن جوانب شخصية ومميزاتها وآرائها ومواقفها منذ نشأته وحتى وفاته إلا إني أرى أنها بحاجة إلى المزيد من ذلك ولا يتسع المجال في هذه الندوة إلا أن أمر سريعاً عليها واقتبس ما قاله الأستاذ نجدة فتحي صفوت في مقدمة لمذكرات المرحوم محمد حديد التي جاء فيها: "مذكرات محمد حديد انعكاسا لشخصية وتعبيرا صادقا عن تفكيره وثقافته وعلاقاته الشخصية التي كانت تتسم على الدوام بالاعتدال والاتزان واحترام الرأي الآخر ومناقشته بالمنطق الهادئ وبصفة اللسان، وكذلك كان محمد حديد يحمل كل من يتعامل معه على الصعيد الشخصي والسياسي... حتى إذا اختلف معه في الرأي" إضافة إلى ما كانت تتسم به شخصية بالصدق والحيوية والدقة في المواعيد.اما عن علاقتي الشخصية به خلال فترة ارتباطي بالحزب فكرياً وسياسياً منذ تأسيسه في شهر نيسان عام 1946 وكنت آنذاك طالبا بدار المعلمين العالية فكانت محدودة جدا لاسيما واني قد تخرجت في السنة التالية وتعينت مدرسا خارج مدينة بغداد، ولكن منذ أن بدأت بمتابعة قراءة "صوت الأهالي" قبل تأسيس الحزب ثم "الأهالي" بعد ذلك، كنت حريصا على متابعة مقالاتها الافتتاحية وخاصة التي يكتبها كل من المرحوم كامل الجادرجي في الشؤون السياسية ومحمد حديد في الشؤون الاقتصادية والمالية وكذلك السياسية.والذي يريد ان يعرف انجازات محمد حديد فليطلع على الملحق رقم 46 من مذكراته والذي يتضمن ميزانية العراق لسنة 1960 ووضع العراق المالي وما تم تخصيصه لوزارة المعارف فيقول: زودتني نفقات وزارة المعارف بمبلغ (2.188.750) دينارا وذلك لتأمين توسيع التعليم في كل مراحله لاسيما الابتدائي منه وعليه فقد يلفت عن وزارة المعارف 19.000.000 دينار أي ما يعادل 13% من مجموع مصروفات الميزانية وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما منحته الإدارة المحلية للتعليم الابتدائي ومنحه جامعة بغداد فيتضح النسبة 21% من مجموع الميزانية العامة وهذه نسبة قد لا تضاهيها نسبة أي دولة في التعليم العالي للتعليم ولهذا شهد العراق توسعا هائلا في التعليم وازداد عدد الطلاب والمعلمين والمدارس والكليات. صلاح عبد الوهاب: رجل الفكر والسياسة والعمل بعد ذلك تحدث الشخصية السياسية المعروفة صلاح عبد الوهاب الذي قال: يعد محمد حديد من الشخصيات السياسية النادرة حيث اعتلى سلم المجد لتوفير عدد من الصفات الحميدة التي قلما توفرت لغيره، ليس فقط على صعيد العراق بل وحتى على الصعيدين العربي والعالمي.ذلك انه كان عالما مثقفا ومفكرا فقد حصل من العلم أعلى درجاته، ومارس السياسة في اعقد صورها، ونشط في العمل في انجح تطبيقاته.ثم انه صاحب عقيدة سياسية ثابتة لن يغيرها كل ما واجهه من ظروف وعقبات سياسية واجتماعية فكانت الاشتراكية عنده عقيدة لن تتزعزع والديمقراطية إيمان وسلوك آمن بها فكرا ومارسها عملا.وهذا ما اعترف به مؤيدوه وخصومه، فقد قيل بحقه الكثير نقتطف بعضها تأكيدا لما نقوله عنه.ما قاله المنصفون بحق محمد حديد:- كان واحدا من الاشتراكيين الأوائل في العراق ومن ابرز مؤسسي جماعة الأهالي ذات النزعة الاشتراكية وكونه القطب الثاني في الحزب الوطني الديمقراطي.مذكرات طه الهائمي- دار الطليعة- بيروت- 1967- ص/24- وصفته الوثائق البريطانية بان