علــــي حســين هل المسؤولون الحكوميون بشرٌ مثلنا؟، يصيبون ويخطئون؟، يضحكون ويبكون؟، أم أنهم مجتمع من الملائكة يحلقون بأجنحة بيضاء، وجوههم سمحة لا يأتيهم الباطل من خلفهم ولا من أمامهم؟. هذا الأسئلة قفزت إلى ذهني وأنا أرى ملائكتنا الحكوميين يتطيرون من أي نقد، ويقيمون الدنيا ويقعدوها لان صحفيا مشاغبا حاول الاقتراب من قلاعهم الحصينة، فإذا ما تجرأ احد ووجه نقدا لسلوكهم الوظيفي تراهم يتعاملون مع النقد
بقدر هائل من الحدة وانفلات الأعصاب، فالمفروض أن من يحرص على البقاء في المنصب الرسمي، ويمارس العمل العام، لابد أن يكون مستعدا لمواجهة رياح النقد والهجوم من مخالفيه في الرأي، والمعترضين على طريقه أدائه، أو وجوده في منصبه، ومن هنا يكون غريبا أن يعتبر صاحب المنصب الحكومي كل من يعترض على سياسته وأدائه الوظيفي مجرد "مشاغب" و"خارج على القانون" و"ينفذ أجندة خارجية"، كما نسمع في تصريحات الكثير من "ملائكة" الحكومة بكل ما أوتوا من طاقة انفعالية متشنجة وغريبة.عندما يخرج علينا مسؤول بتصريحات تخاصم المنطق والعقل، ويرهب الناس من خلال منصبه الحكومي، ويسعى إلى تشويه الحقائق، حين يؤكد بأن الذين خرجوا يتظاهرون في ساحة التحرير هم مجموعة من المندسين والخونة الذين يسعون إلى تخريب العملية السياسية، فان هذا النوع من الإرهاب الحكومي لا يمكن السكوت عليه. لقد قامت قيامة الناطق الرسمي لقيادة عمليات بغداد لأننا تجرأنا وطالبنا سيادته بان يكون واضحا وصريحا ويخبرنا بالسبب الحقيقي وراء اعتقال أربعة شباب جامعيين، وبدلا من أن يخرج للناس موضحا موقفه من هذه القضية، أصيب بحالة من الهلع دفعته لان يهرول مستنجدا بالقضاء لتخليصه من الورطة التي وضع نفسه بها، فان يتجرأ صحفي من بلاد الواق واق اسمه "علي حسين" ويطلب من صاحب المنزلة الرفيعة والمكانة العالية "المَلاك" قاسم عطا أن يجيب على أسئلة أهالي المعتقلين، فهذا بحد ذاته جريمة يجب أن يحاسب عليها كل صحفي يتجرأ على الاقتراب من جنة قاسم عطا. لم أكن أتصور أن تضحيات العراقيين في سبيل الخلاص من دكتاتورية "القائد الضرورة" يمكن أن تنتهي إلى دكتاتورية جديدة اسمها "الناطق الضرورة"، ولم أكن أتصور أن العراق الجديد الذي اسقط صنم الطاغية يسعى فيه البعض اليوم وبقوة إلى بناء أصنام جديدة يريدون من الناس أن تركع أمامها ليل نهار، ولم أكن اعلم أن حالة الهلع يمكن أن تصيب "الملاك" قاسم عطا لمجرد مقال كتبته، فيما لم يرف له جفن وهو يغيب أربعة شباب بعمر الورد في دهاليز معتقلات العراق الجديد. للأسف أن الآفة التي أصيب بها التغيير في العراق هي الأدعياء، والقافزون فوق سطح التغيير بمنتهى الخفة، ومشكلة هؤلاء أنهم يعتقدون أن الناس فقدت ذاكرتها ونسيت ماذا كان يعمل "الملائكة" في حقبة أم المعارك. إن رحلة سريعة على متن "غوغل" أو الـ"ياهو"، من شأنها أن تأتي بالحقائق عارية مهما حاول البعض تغطيتها بتلال من المساحيق والحركات البهلوانية، وأظن أننا بحاجة ماسة للنبش في تاريخ هؤلاء الملائكة قبل أن نصحوا يوما لنجد الذين كانوا يمضون لياليهم وأيامهم في الهتاف "لبطل النصر والسلام"، يريدون بلا خجل أن يوهمونا بأنهم قادوا التغيير بعد عام2003. يعتقد السيد قاسم عطا أن العراقيين شعب يعيش مراهقة سياسية مبكرة ولهذا تجب مراقبته مراقبة لصيقة حتى لا يحتك بأي أفكار مدسوسة أو مشوهة، وحتى لا يقع في الفتنة والغواية، إذن المطلوب منا كعراقيين أن نصحح أوضاعنا وندرك أن السيد الناطق خائف علينا من الانزلاق في طريق الرذيلة، ومطلوب منا ألا نخطئ في حق "الملاك" قاسم عطا وان نشكره لأنه جنبنا الوقوع في فخاخ الأفكار الإرهابية، ولأنه يصر على أن يعيدنا إلى زمن مضى. إن من حق الناس أن تعرف مصير أبنائها، ومن حقهم أن يقولوا كلمتهم فيما يجري حولهم من تخريب وسرقة للمال العام وتزوير وانتهازية، من حق الناس أن ترى في المسؤول الحكومي بشرا مثلها، ينتقدونه ويتحاورون معه، أما الملائكة فان إكرامهم هو في عزلهم من مناصبهم.
العمود الثامن: "المَـــلاك" قاسـم عـطا
نشر في: 3 يونيو, 2011: 09:42 م